نشر بتاريخ: 20/01/2016 ( آخر تحديث: 20/01/2016 الساعة: 15:45 )
الكاتب: تحسين يقين
- ..................؟
- لا تنتظرني فأمامي ما هو أحق بالكتابة.
- ووو؟
- لتلك الواوات من يجيد الانشغال بها.
- وأنت؟
- أنا وغيري كثر نسعى كي نبني "حجرا على حجر".
- ....
- فاسمع إذن واسمعي:
الأرض!
الماء!
لكل الذين ركبوا الماء، وطلبوا اليابسة، كانت كلمة الأرض من السفينة إيذانا بالخلاص والسلام. ولكل الذين واللواتي ركبوا الريح كانت الأرض من أعلى هي هدية السماء، كي يحطوا الرحال عليها، حتى ولو كان الهبوط صعبت!
والماء كذلك للباحثين عنه، للعطاشى من الكائنات، بشرا وطيرا أيضا.
- والحكمة؟
- والحكمة!
بحثت عن قائلها لكن لم أوفق، وكل ما عرفته أنه حكمة صينية:
"أن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام".
ماذا سيفيد تركيز خطابنا على البحث في السلبيات وتجنب ما هو رائع في بلادنا!؟
كل فرد-مواطن، يستطيع إضاءة شمعة، بل أكثر من واحدة، على المستوى الفردي والعام، فقط حينما ينظر حوله، في البيت والشارع والمؤسسات، بأنفسنا نبدأ، بما يفيد من عمل وقول وتفكير ومحبة، بدلا من الدخول في متاهة وجهات النظر الشخصانية فيما هو عام ووطني وقومي وإنساني؛ فما يفيدني إن ناصرت شخصا ونسيت وطنا؟ وما يفيدني الاصطفاف هنا أو هناك في ظل إمكانية الاصطفاف وراء الجميل والمهني والإنساني؟
أضيئ شمعة حينما أصحو مبكرا، فأقوم بواجباتي تجاه الأطفال، وأبذل ما أستطيع ليكون عملي أفضل من السابق، وأشيع المحبة والوئام في المحيط الذي أكون فيه، وأبتسم للجميع متمنيا لهم الخير والرزق، وأضيئ أخرى في محبتي للناس، وأشعل ثالثة حين أحرس أرضنا الخضراء من اليباب، ورابعة حين يكون اهتمامي بالشأن العام اهتماما أصيلا ينبع من تحملي للمسؤولية، وخامسة حين أهتم للهم العربي، وسادسة حين أنتمي إيجابيا لهذا العالم، الذي حين أراه من الجو أشعر أنه بلدي.
وأنت، أنتما، أنتم وأنتن، تستطيعوا جميعا أن تكونوا إيجابيين، تحتفوا بكل ما هو رائع ومفيد ووطني وإنساني، بعيدا عن قضاء الوقت أو بعضه في لعن الظلام!
وإذا تتبعنا مسار حياتنا الواعية سنستطيع أن نقيّم أنفسنا، كل واحد/ة منا يفعل ذلك، هل أضأنا شمعة أو عدة شموع؟ أم اكتفينا بلعن الظلام؟
فحين اشتبك المشتبكون والمشتبكات بقضايا العولمة مانحيها كل الوقت والكلمات والمؤتمرات لتمثيل دور القوميّ، كان فريق إيجابي ينهض بما لدينا من فكر وأدب وفن، فيكتب عنه ويقدمه للناس تأكيدا على حيوتنا، وأننا ننتمي لأنفسنا وللعالم أيضا.
وحين استراح آخرون لحرب الأزرار في الاشتباك مع قضية "التطبيع" لتمثيل دور البطولة الوطنية، كان فريق إيجابي يبدع أدبا وتربية وزراعة وصناعة.
كل بما وهب، ولو كان لديهم غير ما أعادوا إنتاجه، وما يستطيعونه من منح شهادات الانتماء، لفعلوا، لكن هذا ما استطاعوا فعله.
ذلكما مثلان شهدتهما قبل عشرين عاما، واليوم ماذا بقي؟ من بنى وأبدع هو من بقي!
أما سهل الكلام وبطولة الأزرار، فبقيت تراوح مكانها.
اليوم في ظل ما نشهده من اصطفاف، في ظل استمرار الحال، أليس من الأجدى الإبداع والإنتاج؟
بدلا من تتبع الحديث عن تنافس الباحثين عن مناصب في مجالات حياتنا، وهي كثر، فالأفضل هو الالتفات إلى ما نصنع وما نقدر على صنعه.
تلك هي الحكمة وتلك هي العقلانية، وتلكما في حالتنا هي الوطنية.
فيما أفهم أقول:
يمكننا الزراعة والتطوير فيها، لنأكل مما نزرع، على مستويات كبيرة، فهذا سيكون أفضل من تفريغ طاقاتنا في مسألة مناهضة منتوجات المستوطنات، لأنك حين تمر في حسبة المدينة، تجد أنها كذلك، فهل وعينا أنفسنا على زراعة البديل؟ أو على الإقبال على شراء العنب الفلسطيني البلدي؟
في التربية والتعليم، فإن أية مبادرة في صف مدرسي كانت نتاجها الوعي والتعلم الفعال والتفكير النقدي، ستكون بلا شك أكثر جدوى من تتبع سيرة كذا وكذا. فمن يستطيع الفكاك من هكذا أجواء، سيكون تربويا وتربوية مهني ومهنية ووطني ووطنية وإنسانيين أيضا.
إعلاميا، دع عنك ذا وابحث عن برنامجك وما يمكن تطويره، لأن الشعب المتابع لك يستحق الأفضل.
سياسيا، حين يكون الوعي السياسي نابعا من الوطنية، لا خوف ولا حرج، فأن نكون مع الناس يعني أن نكون مع أنفسنا، وإذا ملنا لفئة أو شخص، فليس من باب استعداء أو كراهة آخرين وأخريات.
- والحكمة؟
- والحكمة!
"وجدتها"!
لو انشغل أرخميدس في الحديث والاصطفاف وراء هؤلاء أولائك، هل سيكون عقله منشغلا بما يستحق من تفكير علمي؟
ظل أرخميدس وفيا لعلمه ومختبره حتى النهاية.
الأمثلة قليلة، النمل منها، في ظل انصرلفه للعمل صيفا.
ولقد تعلمت من عقلاء وعاقلات، كيف أنهم زهدوا وزهدن في الكلام غير المفيد، فتابعوا العمل والإنتاج فحققوا أهدافهم، أما لاعني الظلام وغيره، فظلوا فقط يبدعون في الشتم والسب والانتقاد وتكرار الاصطفاف.
بيتنا وأهلنا وبلدتنا ومدينتنا محافظتنا ووطننا يستحق الشموع، يستحق الأفضل، تلك هي الحكمة.
وهذا ما يبقى، أما ما يتتبع الريح فالريح لا تترك غبارا على مكانه.
مكان للحكمة، وحكمة المكان هو ما يحتاجه الباقون لا المارون!
والحكمةضالة المؤمن الباحث عن العلم. له ذلك فقط إذا أراد.