نشر بتاريخ: 20/01/2016 ( آخر تحديث: 20/01/2016 الساعة: 15:41 )
الكاتب: عقل أبو قرع
تطالعنا الانباء بين الفينة والاخرى، عن النقص، بل النقص الحاد في بعض الادوية، وبالتحديد النقص في وجود الادوية في قطاع غزة، وبالاخص ادوية الامراض المزمنة او الامراض العضالة، اي الامراض التي يحتاج المريض الفلسطيني الى تعاطيها لفترة طويلة، والتي في العادة نحتاج الى استيرادها من الخارج او من اسرائيل، وما لذلك من تداعيات، وعلى كل الاصعدة، من تداعيات صحية واقتصادية ونفسية واجتماعية، او حتى من عدم الشعور بالامان؟
ومن الامور التي تسعى اليها المجتمعات او الدول، هو تحقيق نوع من الامن الداخلي الاجتماعي والاقتصادي والصحي، اسواء اكان ذلك فيما يتعلق بالامن الغذائي، او فيما يتعلق بتوفر الادوية، وبالاخص الادوية المنتجة محليا، بالنوعية وبالجودة وبالامان وبالكمية، التي يحتاجها المريض او المستهلك الفلسطيني، اي توفر الامن الدوائي، ويحدث في احيان عديدة، ان تختفي فجأة بعض الادوية، وبغض النظر عن سبب اختفاء الادوية، سواء اكان السبب هو المورد او المستورد او صاحب المستودع، او صاحب الصيدلية، او وزارة الصحة، او حتى الانتاج المحلي، اي المصنع الدوائي الفلسطيني، فأن من يدفع الثمن في المحصلة هو المريض، والمجتمع بشكل عام، بسبب حالة القلق والارباك والتساؤلات التي يؤدي اليها اختفاء الادوية؟
ونحن نعرف ان مجتمعنا الفلسطيني، واسوة بالمجتمعات العربية وحتى العالمية، اصبحنا نعاني من افة انتشار وتصاعد الامراض غير السارية، ومنها الامراض المزمنة، مثل امراض القلب وبأنواعها، والسكري، وامراض السرطان وامراض الجهاز التنفسي، وما الى ذلك، والتي لها علاقة بانماط الحياة الحديثة، من تغذية وحركة ونشاط بدني، ومن ضغوط الحياة وتوتر وقلق، ومعروف ان امراض القلب تشكل النسبة الاعلى من الوفيات في بلادنا، ويليها امراض السرطان، وكل ذلك يحتاج الى الادوية وبانواعها، ومعظم ادوية هذه الامراض مستوردة، وبالتالي لماذا لا يوجد خطة استرتيجية وطنية تضم الصناعة الدوائية والجهات الرسمية ، تعمل من اجل توفير ادوية نحتاجها، بل نعاني من النقص منها، والتي من السهل انتاجها، ولكن لا نجدها في الصيدليات تحت الاسماء المحلية، اي كمنتجات وطنية فلسطينية ؟
ونحن نملك صناعة دوائية رائدة ومتقدمة، حيث حسب الاحصائيات المتوفرة، تغطي الصناعة الدوائية المحلية حوالي 50% من القيمة السوقية للادوية في فلسطين، وبالتالي هناك حاجة للحصول على حوالي 50% من احتياجاتنا من الادوية من الخارج، اي عن طريق الاستيراد، سواء من اسرائيل او من الدول الاخرى، وما لذلك من تبعات اقتصادية وصحية وحتى سياسية، وفي نفس الوقت هناك افاق لزيادة تغطية الصناعة الدوائية الفلسطينية لسوق الادوية المحلية، وبالتالي تشغيل المزيد من الايادي العاملة،المتعلمة والقادرة على تلبية حاجات الصناعة.
ومعروف ان شركات الادوية في العالم، تقوم بتسويق اي دواء بناء على معايير السلامة والفعالية او الجودة، وفي بلادنا توجد صناعه دوائية تمتاز بالمواصفات الدولية المطلوبة، وهي بالكامل صناعة تحويلية، اي تقوم باستيراد المواد الفعالة ومن ثم وضعها في قوالب خاصة بكل شركة، من خلال الخلطة المعينة الخاصة بها، ومن ثم منحها اسم خاص بهذا المصنع او ذاك، لكي يميز المنتج، ومن ثم تسويقة تحت هذا الاسم، وتقوم الصناعة الدوائية الفلسطينية كذلك بالتصدير الى الخارج، الى دول اوروبية وعربية.
ورغم محدودية الامكانيات والقيود، الا ان افاق التطور لهذه الصناعة متوفرة، سواء اكانت بشكل عمودي، اي كصناعة تحويلية تنتج اصناف جديدة من الادوية، او من خلال تفعيل وتكثيف البحث والتطوير، الذي بات ضروريا لبقاء هذه الصناعة وغيرها من الصناعات وللتقدم والمنافسة، حيث يمكن للصناعة الدوائية الفلسطينية استخدام الأعداد الكثيرة من خريجي الجامعات الفلسطينية، في تخصصات ذات علاقة بانتاج وتطوير الادوية، مثل الكيمياء والصيدلة والتسويق والادارة وما إلى ذلك، وكذلك الخبرات والأيدي العاملة المدربة، والتي كفيلة بتطوير الصناعة الدوائية، لتلبية الحاجات المحلية، وللتعامل مع الازمات القديمة والمتجددة من النقص في الادوية، سعيا الى تحقيق نوعا من الامن الدوائي، وفي نفس الوقت تشجيع والحفاظ على الصناعة الدوائية كصناعة وطنية رائدة؟