الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في كل العالم اسمه "شيك" في فلسطين اسمه "شك"

نشر بتاريخ: 21/01/2016 ( آخر تحديث: 21/01/2016 الساعة: 15:33 )

الكاتب: م. طارق أبو الفيلات

الشيك ورقة تجارية تقوم مقام النقود وهي أداة وفاء عند الاطلاع، والبنك ملزم بصرفه حتى لو كان مؤجل التاريخ.
البعض يعرفه : بأنه محرر مكتوب وفقاً لأوضاع شكلية معينة يطلب به الساحب إلى المسحوب عليه أن يدفع بمقتضاه وبمجرد الاطلاع عليه لشخص معين أو لأمر شخص معين أو لحامله مبلغا من النقود وغالباً ما يكون المسحوب عليه أحد البنوك.
في فلسطين أسميناه "شك" والشك عكس اليقين.
واحتفظ بهذه الصفة التي طغت على كل الصفات والتعريفات السابقة وتجلى هذا الشك وانعدام اليقين في هذه الكمية الضخمة والعدد الكبير من الشيكات بدون رصيد وبهذا الرقم الملياري من العجز الناتج عن تداول الوهم.

نعم نتداول الوهم ونعيشه ونداول الشيكات تحت بند الشك لا اليقين ولا غرابة في ذلك فنحن اهل الشك والوهم ولا ينبغي لأحد ان يتوقع في هذا البند استثناء.
نحن نعيش شك الدولة ونعيش شك السلطة ونعيش شك السيادة ونعيش شك الاقتصاد فكل ما حولنا أسماء جوفاء صدقناها وتأبى الأيام ألا إن تذكرنا اننا واهمون.
ولنبق بموضوع الشيكات ونتذكر التشديد من سلطة النقد الذي اثمر المزيد من الشيكات الراجعة والمزيد من عمليات "النصب" الإجباري والاختياري الذي يحيل التجارة إلى مسلسل من المعاناة والمشاكل.

اقتصاد يعيش على المنح والهبات والمساعدات المتناقصة يوما بعد يوم وسلطة اقتصادها الوهمي أضخم بكثير من مواردها الموعودة على ماذا يعول عندما يطرح ألاف الأوراق الآجلة في السوق؟
لو توفرت السيولة اليوم لما احتجنا الى غطاء الشيكات لكن من اخبرنا ان الغد افضل وفيه سيولة اكثر حتى يكون لدينا نظام شيكات اصلا؟
الم يكن الأجدر بنا ان لا نشتري الوهم وان لا نقبل مبدأ الأجل والتقسيط لأننا ببساطة متسولون؟
المتسولون لا يكتبون شيكات فكرم المانحين غير مضمون وتقلبهم متوقع ومقولة اننا نستطيع الاعتماد على أنفسنا أصبحت من النكات المبكية وسامح الله الدكتور سلام فياض كيف خطرت له؟
المتسول ينفق إذا جاد المانحون وليس من الحكمة أن تنفق قبل أن تضمن استمرار الجود والعطاء ومن انفق ولم يحسب أفلس ولم يدري.
نحن كيان فقير اقتصاديا معدم ماليا ومع ذلك كل ما في سوقنا مستورد من الخارج بالعملة الصعبة التي لا نملك موردا ذاتيا واحدا لها ,أي اقتصادي يمكن ان يحلل لنا هذا الوضع ويشرحه لنا؟

وضع اقتصادي منهار وشيكات بدون رصيد بالملايين وبطالة تحقق أرقاما قياسية وحكومة تدعو للتقشف وتعلن عجزها عن دعم الجامعات واقتصاد قائم على منح تضخ في شرايينه على شكل رواتب لجيوش من الموظفين وهذا الدم الاقتصادي ليته يشكل دورة اقتصادية تصل إلى كل مناح الاقتصاد فتعم الفائدة ويبقى المال في البلاد بل هناك نزيف للدولارات بمجرد وصولها إلى السوق الفلسطيني عبر الحوالات إلى الصين فلا يبق المال بين الأيدي إلا يوما أو يومين ويركب بساط الريح بعدها إلى الصين ونجلب أسوا وارخص واخطر المنتجات الصينية الى المخازن ويبدأ الجفاف بانتظار الشهر القادم.
بدلا من السيولة لدينا مخازن فيها بضائع صينية تكفينا لسنوات وسيارات يعجز مشتروها بالشيكات عن ملئها بالوقود.
كثير من دول العالم الأفضل منا حالا تضبط تحويل الأموال إلى الخارج لضمان بقاء السيولة خوفا من الانهيار والفلس لكن ما لنا ولهم فنحن نفهم أكثر من غيرنا ونتائج سياسة السوق المفتوح المفضوح خير شاهد ودليل.
أشياء كثيرة يمكن إن يعاد النظر فيها لوقف النزيف وابسطها وأولها ان
ناكل مما نزرع وان نلبس مما نصنع.