الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حول مفهوم الاستدامة في المشاريع والخطط في بلادنا؟

نشر بتاريخ: 24/01/2016 ( آخر تحديث: 24/01/2016 الساعة: 11:20 )

الكاتب: عقل أبو قرع

تكاد لا تمر ايام الا ونسمع عن الانتهاء من او عن البدء في مشروع او في برنامج او في خطة، سواء في مجال التنمية او الاقتصاد او المرأة او البيئة والمياة او مكافحة الفساد او بناء القدرات وما الى ذلك، ونقرأ ونشاهد الاحتفالات والكلمات واالتغطية الاعلامية، ويحضر المسؤولون والمانحون والمشاركون وغيرهم، ولكن وفي كثير من الاحيان، وبغض النظر عن طبيعة المشروع او البرنامج، او مدتة الزمنية، او تكاليفة، ينتهي وكأنة لم يكن، اي يتبخر مع تبخر الميزانية المرصودة لة، ويختفي الاثر مع انتهاء صرف اخر فلس من ميزانيتة، وبالتالي يكون ذلك خسارة، ومع كثرة المنظمات والجهات المانحة، وتنوع المشاريع للتنمية او للتوعية او لغير ذلك، يكون الاستثمار في هذه المشاريع، وما يتطلب من ورشات عمل ومؤتمرات وخبراء ومستشارين دوليين، يكون خسارة كبيرة، لان هذه الاموال يتم تسجيلها تحت بند مساعدة او دعم او تنمية الانسان او المجتمع الفلسطيني.

ولهذه الاسباب ولاسباب اخرى، باتت العديد من الجهات المانحة او الداعمة او الراعية يشترط على المنظمات المنفذة للمشاريع، سواء اكانت محلية او دولية او اممية اي تتبع للامم المتحدة، وهي كثيرة في بلادنا، بأن تعمل على تصميم برنامج للمتابعة والتقييم منذ البداية، وبأن يكون هناك اهداف ووسائل او مؤشرات لقياس مدى تحقيق هذه الاهداف، وبأن يكون هناك طاقم لذلك، وبأن يكون هناك تقارير دورية، كمية ونوعية، من اجل قياس الانجازات ومقارنتها مع الاهداف خلال فترة زمنية محددة.

وسواء اكان ذلك في الخطط الاستراتيجية، او في برامج تطويرية، او من خلال حملات المساعدات الانسانية والاغاثة، او حتى في حملات الدعم والمناصرة والضغط وحشد التأييد، اضحت عملية المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم، وما يمكن ان يترتب عليهما، من تأكيد او غير تأكيد للنتائج والانجازات، اصبحت هذه العملية جزءا اساسيا في اية خطة استراتيجية او برنامج او مشروع او حملات حملات دعم ومناصرة، وحتى من المتطلبات الاساسية للحصول على التمويل والدعم من الكثير من الدول والهيئات؟

ومتابعة سير تقدم المشروع، تعني متابعة ما يتم انجازة على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقة خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء علة يتم نقاش امكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة افضل وسائل لاستخدام المصادر، ولبعض الجهات المانحة، في العادة تكون تقارير عمليات المتابعة ومدى نجاعتها، شرط من اجل الالتزام بتوفير او صرف المصادر المادية وغيرها للفترة التالية.

وللتأكد ان هناك عمل يتم تحقيقة على الارض، فأن ذلك يتطلب التواجد في موقع النشاط للجهات المنفذة، سواء اكان ذلك ورشة عمل او تدريب، والتأكد من وجود ادوات ومواد التدريب، والمدربين، والحضور عددهم ونوعيتهم، وكذلك ما يتم صرفة من مواصلات وطعام وقرطاسية وما الى ذلك، والمتابعة تتطلب كذلك الذهاب الى الحقل او الى موقع العمل، وملاحظة ما يتم تطبيقة من خلال المشروع، والاهم هو ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل او النواقص ومقترحات التطوير او التصحيح، والمتابعة تعني كذلك وضع ما يتم متابعتة وجمعة والحصول علية في شكل تقرير دوري يقدم للجهات المانحة او الراعية للمشروع.

وتقييم المشروع، هو عملية اعمق واشمل واكثر تحليلا، تهدف الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام بة، وبالاخص في المدى المتوسط والبعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع اوبعد الانتهاء منة، ومثلا اذا كانت مدة المشروع خمس سنوات، من المفترض ان يكون هناك تقييم بعد 3 سنوات ومن ثم بعد انتهاء خمس سنوات، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، وفي العادة يتم التركيز من خلال التقييم عناصر اساسية من اجل الاعلان عن نجاح او عن درجة نجاح المشروع، مثل الاستدامة، اي يمكن للمشروع المنجز ان يتواصل وبدون الحاجة الى تدخل او دعم خارجي اضافي متواصل، والاستدامة تعني ان العمل يستطيع ان يتواصل بالاعتماد على المصادر التي يتم جنايتها نتيجة المشروع، ويتواصل تأثيرة بدون فترة زمنية محددة؟
ومع تنوع واستمرار المشاريع والبرامج وبأنواعها المختلفة في بلادنا، سواء التي بدأت او التي سوف تبدأ، والتي في احيان يكون بعضها مكررا من نفس الجهة المانحة او الراعية، او يتم تنفيذة من جهات عدة وتحت اسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، فأن عملية او فلسفة المتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم، بما تشملة من توثيق للنتائج، باتت عنصرا حيويا من عملية تنفيذ المشروع او البرنامج، سواء اكان هذا المشروع يتم تنفيذة من قبل المنظمات والمؤسسات الاهلية الفلسطينية، او من قبل جمعيات المجتمع المدني، او من قبل القطاع العام، اي الحكومة وما يتبعها من هيئات مختلفة.