الكاتب: فهمي الكتوت
انجب الشعب الفلسطيني مناضلين ومفكرين، وكان الحكيم من خيرتهم، سخر الحكيم حياته دفاعا عن قضية عادلة، قضية نضال الشعب الفلسطيني من اجل التحرر والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية ، والدفاع عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم، تخلى الحكيم عن طموحاته الشخصية، وتحلى بنكران الذات، وانخرط بالنضال الوطني ، وبرز قائدا، مميزا، ليس فقط على المستوى الفلسطيني والعربي، بل وعلى المستوى العالمي ايضا، فهو من ابرز مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقائدها ، وله الفضل بتحديد مسارها فكريا وسياسيا وتنظيميا، وعندما يتحدث المرء عن نضالات الجبهة الشعبية، يربط تلقائيا نضالها بالدور الاساسي للحكيم، في بناء وتكوين هذه المنظمة الوطنية الكفاحية .
تميزت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمجموعة من الخصائص والمزايا التي كان للحكيم دورا هاما في ترسيخها ، فهي عدا عن كونها من اولى منظات حركة المقاومة الفلسطينية التي خاضت النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيليي ، فهي احدى اهم الفصائل الوطنية التي ربطت بين النضال الوطني لتحرير الارض من الصهاينة، بالنضال من اجل تحرير الانسان من الاضطهاد والعبودية ، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، فطرحت رؤى فكرية تطورت تدريجا الى ان تبنت الفكر الماركسي كمنهج ودليل عمل في النضال الوطني والاجتماعي .
الطبعية الفكرية والسياسية التي تبنتها الجبهة الشعبية انعكست على بنائها وتكوينها التنظيمي واعداد كادرها النضالي، فقد حرصت على نقاء مناضليها وحمايتهم من الفساد المالي سواء في الاجواء والمناخات التي سادت في بيروت ، اوفي رام الله بعد اتفاق اوسلو ، وهذا اكسبها سمعة ومكانة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية وحركة التحرر العربية والعالمية، وكان لمواقفها المبدئية في المنعطفات التاريخية التي مر بها الشعب الفلسطيني اهمية بالغة في الحفاظ على التوازنات السياسية داخل منظمة التحرير الفلسطينية، فقد تحول الرفض المطلق الذي اتسمت به في مرحلة تاريخية معينة من نضال الشعب الفلسطيني الى اداة للتصدي للمشاريع الانتهازية والتصفوية، والى كافة مظاهر الفساد المالي والاداري والسياسي ، وشكلت صمام امان مع الفصائل والقوى الديمقراطية والتقدمية والاسلامية للتصدي لاي مشروع لا يضمن تحقيق الثوابت الوطنية الفلسطينية الاساسية.
وفي وداع حكيم الثورة قلوبنا تعتصر الما على فراقه وعلى الآم الشعب الفلسطيني الذي سخر حياتة من اجل خلاصه ، غادرنا الحكيم قبل ان يكحل عينيه برؤية فلسطين محررة، فبقية الالآم، بل زاد هذه الالآم الانقسام والتمزق والشرذمة التي يعيشها الوطن، لكن هذا ليس نهاية المطاف، فالمناضلين المخلصين من مدرسة الحكيم ومن الفصائل الوطنية والديمقراطية التقدمية ، سوف يواصلون النضال جنبا الى جنب مع كافة ابناء الشعب الفلسطيني لتحقيق اهدافه النبيلة، فلتكن الخطوة الاولى تقديم مبادرة يطلق عليها اسم الحكيم للوصول الى اتفاق يشكل جامع مشترك بين كافة الفصائل الفلسطينية، للتصدي للمؤامرة الدنيئة الهادفة الى فصل القطاع، وتصفية القضية الفلسطينية، والغاء حق العودة