نشر بتاريخ: 28/01/2016 ( آخر تحديث: 28/01/2016 الساعة: 15:49 )
الكاتب: محمد نجيب الشرافي
مثير للقرف والاشمئزاز أن تتصدر وكالة أنباء, يُفترض فيها الحرص على المصداقية والموضوعية, نشر اتهامات تطال قامات نضالية عالية في شعبنا لمجرد الاختلاف معها في الرأي, خاصة في ظروف قاسية يمر بها شعبنا, تقتضي توفر الحد الاقصى من الوحدة والتلاحم لمواجهة احتمالات عدوان جديد على قطاع غزة .
الخبر المثير للغرابة نشرته وكالة "أنباء محلية" المقربة من حركة حماس يحمل عنوان: "مخطط أمني لخلق اضطرابات بغزة لضرب الانتفاضة" وفي تفاصيله التي تحمل "ذكاء مفرطا" لصاحب التسريب يربط بين الرئيس أو دائرته وبين المخابرات العامة في رام الله وبين قيادات في الجبهة الشعبية في غزة. والهدف "خلق اضطرابات وأزمات حياتية في غزة.. للقضاء على الانتفاضة قي الضفة, وضرب مشروع المقاومة" ومن بين تلك الازمات التي يوحي صاحب الخبر أنها غير موجودة واقتضى المخطط إيجادها أو افتعالها – حسب الخبر - : "أزمة الكهرباء والغاز والصحة ومعبر رفح" !!
ما الفرق بين الخبر والاشاعة ؟
كلاهما يحمل معلومات حدثت لتوها أو تم كشف النقاب عنها ولم يكن الجمهور على اطلاع بمحتواها. لكن الاول يحمل معلومات دقيقة وموضوعية وصادقة نقلا عن مصادر واضحة, خلافا لمصادر الثانية التي عادة ما تكون مجهولة وتحمل نصف معلومات صحيحة, قصد إيهام المتلقي وخداعه, ويحمل نصفها الثاني سماً يُراد بثه بين الجمهور.
الازمات التي تزعمها الإشاعة الصحفية يعاني منها المواطنون ومن غيرها قائمة منذ وصلت حماس الى الحكم, وليست وليدة يومها, ولا يبدو أنها مرشحة للغياب طالما بقي الحال على ما هو عليه.
ولأننا لا نسكن في ضمير وعقل صاحب الاشاعة, ننتقل من البحث العلمي إلى البحث في أبعاد خبر بهذه الخطورة يكشف عن نوايا مبيتة تجاه أمل بدأت ملامحه تلوح من الدوحة بإنهاء الانفسام المدمر لحياتنا وقضيتنا وإن كان ضعيفا, لكنه يبقى أملا لوقف نزيف سنوات الفرص الضائعة والتعنت غير المبرر.
سنوات فرص ضائعة لانهاء مأساة كانت عارا في تاريخنا, لم يقو حتى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أن يصمت عليها فطلب منا أن نتوحد كي ننهي وجعا جعلنا نسير على حافة نهر التاريخ بدل القفز فيه وتقريب لحظة الحرية وإنهاء عمر الاحتلال.
لماذا يقبل صحفيون بدأوا مسيرتهم بمهنية عالية بالتعاطي مع أخبار ملونة ومفبركة؟ هل تكفي المهنية دون أن تصاحبها شجاعة في رفض هذا النوع من "الاخبار"؟
إذن لماذا لا تستدعي الاجهزة الامنية الشخصيات التي تحفظ عن ذكرها صاحب "الخبر" للاستفسار على الأقل, إن كان في خبره شيئ من المصداقية؟ !
في ظني, وليس كل الظن إثم, أن صاحب الفكرة أخطأ في التوقيت وفي المضمون. وخاصة ربط "الاضطرابات المزعومة" في غزة بالانتفاضة في الضفة, مثلما أخطأ بالاشارة الى شخصيات سياسية وحزبية في عمل ذي طبيعة أمنية.
لكن التوقيت والمضمون يؤشران على أن صاحب الفكرة مازال متأثرا بالمدرسة التقليدية القديمة عن المؤامرة والفتنة المزعومة التي تسبق وتمهد لضربات انتفامية تستهدف شخصيات من تمت الاشارة اليهم في الخبر- الاشاعة أو غيرهم, وهو ما يُخشى منه.