نشر بتاريخ: 31/01/2016 ( آخر تحديث: 31/01/2016 الساعة: 10:44 )
الكاتب: عقل أبو قرع
هناك مجتمعات ودول وانظمة و شركات ومؤسسات ومنظمات كثيرة اذا لم تتغير او تغير من سياستها او من خططها او من طريقة عملها، او من منتجها، او من طريقة تعاملها، سواء اكان مع المواطن او مع الزبون او مع المستهلك، ان لم تغير وتتغير فأنها لن تستطيع الصمود والبقاء والمنافسة والتقدم والتطور، و في بلادنا، يكاد لا تمر ايام الا ونسمع او نقرأ او نشاهد في مؤتمر او في ورشة عمل او في اجتماع، الدعوة الى التغيير، سواء اكان تغيير في السياسة وتبعاتها، او تغيير في الاقتصاد، اوفي التنمية واساليبها، اوفي القضايا الاجتماعية والثقافية، او في الوضع الصحي، او في قضايا البيئة والمياة والغذاء، او وغير ذلك، وبالطبع فالمقصود هنا هو التغيير الايجابي، اي التغيير من وضع الى وضع افضل؟
وبالطبع فأنة من السهل المطالبة بالتغيير وحتى عرض ما يهدف لة التغيير وما يجب توفرة من مصادر ومن ظروف ومن اموال ومن بشر، ولكن الاصعب، سواء اكان ذلك في الاقتصاد او في السياسة او في التنمية، وسواء اكانت تنمية زراعية او بشرية او في الافضل التنمية المستدامة، الاصعب في عملية التغيير هو قيادة التغيير، او ايجاد الشخص او الاشخاص الذين يعبروا بالتغيير من الموقع الحالي الى الموقع الاخر، وبنجاح، وهناك مساقات يتم تدريسها او علم او تخصص متكامل فيما يتعلق بأدارة التغيير، ولاحداث التغيير وببساطة يتطلب وجودة قادة، يقودون التغيير.
وفي السياسة او في الدبلوماسية، كان وما زال هناك الكثير من القادة الذين قادوا واثروا وغيروا، وكذلك في الاقتصاد او في عالم الاعمال، هناك المئات من المديرين الناجحين، الذين ينجحون في تحقيق المفترض تحقيقة،والذي يتوج في نهاية السنة او نهاية نصف السنة او الفصل بنسبة الارباح او مستوى العائد على الاستثمار او نسبة الربح الى السهم، اي ان المدير الناجح يحافظ على وضع قائم، ويقوم بأدارتة في احسن حال، اي يقوم بأستعمال ما هو موجود من مصادر بشرية، ومن ميزانية، ومن ادوات ومن وقت، وما يحيط بكل ذلك من بيئة وظروف عمل، ويعمل على تحقيق افضل المخرجات، والتي في العادة تصب او يتم تلخيصها بنسبة الربح او ارتفاع السهم، او القيمة السوقية للشركة او المؤسسة، ويبقى الوضع عما هو علية، مع تطوير هنا او هناك، ومع زيادة هنا او هناك، ويتم تصنيف المدير بالناجح.
ولكن يوجد القلة من القادة، او من يتصفون بصفات القيادة واهمها التاثير والقدرة على احداث التغيير والقدرة على الاقناع ولاتصاف ببعد الرؤيا، والقدرة على بث التفاؤل والطموح والامل بالتغيير، وبالتالي قيادة الناس نحو تحقيق الهدف، ويمارسون هذه الصفات، حتى ولو لم يكونوا في موقع العمل او البيئة المحيطة بالعمل، وفي عالم السياسة والمجتمعات والدول، لا يمكن نسيان القادة الذين غيروا، ولكن يمكن بسهولة نسيان الرؤساء سواء اكانوا منتخبين او غير منتخبين؟
وفي عالم الاعمال، وحين الحديث عن التغيير والابداع، فيمكن تذكر كيف تم قيادة شركات كبرى نحو التغيير المتواصل، مثل شركة "أبل" و "شركة ميكروسوفت" في عالم التكنولوجيا مثلا، وما ينطبق على التكنولوجيا ينطبق على شركات الادوية، التي باتت نوعية وطريقة وسرعة انتاجها تتغير ويشكل سريع ومثير، وبالتالي اذا لم يوجد قادة يقودون هذا التغيير السريع وبنجاح، فأن هذه الشركات لن تبقى تنافس وتحتل مكانا في السوق او تلاقى الاقبال عند المواطن والمستهلك، الذي هو يتغير باستمرار.
وحين الحديث عن التغيير وعن القادة، اي قادة التغيير، فأن هذا يعني الريادة والابداع والابتكار، وهذا ليس بالضرورة في المنتج، ولكن في الاسلوب وفي التفكير وفي ثقافة العمل، اي التغيير والتأثير لاحداث التغيير، او الاقناع لاحداث التغيير، لان الناس وبطبيعتهم لا يرغبون في التغيير، اي انهم يرغبون في البقاء في الوضع المريح المستقر، او في المنطقة التي اعتادوا عليها، وانة من المتوقع ان يعملوا على مقاومة التغيير، لان التغيير يتطلب طاقة وجهد واوضاع غير مستقرة، ولاقناع الاخرين بالتغيير وللعمل من اجلة ومن ثم القيام بة، يتطلب من القادة المبادرة واظهار ايجابيات التغيير، وبأن يكونوا القدوة وان يملكوا القدرة على تحمل مسؤولية الفشل، في حال عدم تحقيق الاهداف من التغيير.
ومن المعروف انة ما زال العديد من الناس، سواء اكانوا من المحللين او من الاكاديميين او من غيرهم يخلطون بين القيادة والادارة، او بين القائد والمدير، وبين صفات القائد وصفات المدير، وهناك امثلة كثيرة، وخاصة في مجال تغيير الشركت والمؤسسات وحتى حين الحديث عن الدول وعن المجتمعات والسياسات، امثلة عديدة فشلت لان من تسلم دفة التغيير لم يكن قائد او يتمتع بصفات القائد، وانما كان مدير، وربما كان من انجح المديرين.
وما ينطبق على القادة والتغيير والتأثير والاقناع في مجال الاقتصاد والاعمال، ينطبق كذلك في مجال السياسة وفي مجال احداث التغيرات الاجتماعية والثقافية والتربوية ، وهناك امثلة كثيرة لقادة غيروا الكثير، او نجحوا في الانتقال من اوضاع الى اوضاع، لم يكن من السهل تصور حدوثها او تحقيقها، ولكن ما قام ويقوم بة القادة، لا يمكن ان يقوم بة المدراء، حتى لو كانوا من انجح المدارء؟؟