نشر بتاريخ: 01/02/2016 ( آخر تحديث: 01/02/2016 الساعة: 11:11 )
الكاتب: عبد الله كميل
المتتبع لجولات الحوار الفلسطيني - الفلسطيني وما رافقها من اتفاقات واوراق ومبادرات قدمت هنا وهناك ومن قبل هذا الطرف او ذاك بهدف تحقيق الوحدة الوطنية يدرك تماما ان لا افق لوحدة فلسطينية في الوقت القريب، حيث تتباعد الرؤى بين طرفي الانقسام والذي يخطئ الكثير في اعتبار انه بدأ فقط منذ استولت حركة حماس على قطاع غزة في 14-6-2007 فالانقسام بين حماس ومنظمة التحرير التي تقف على رأسها حركة فتح بدأ منذ انطلاقة حركة حماس في بدايات 1988حيث كانت قد اشتعلت نار الانتفاضة الاولى فاجتمع قادة الاخوان المسلمين -الفرع الفلسطيني – في بيت الشهيد احمد ياسين وكان موضوع الاشتراك بالانتفاضة هو الموضوع الرئيسي والجدلي حيث كان التيار الذي ينادي بضرورة اللحاق بركب الانتفاضة متخوفا من ذوبان حركة الاخوان المسلمين عبر انضمام اعضائها للعمل النضالي والجهادي عبر حركة الجهاد الاسلامي او حركة فتح فكانت الغلبة للتيار الذي نادى بالانطلاق بمسمى حركة المقاومة الاسلامية(حماس) وفعلا انطلقت حماس عاقدة العزم على عدم الانخراط بالعمل في الاطار الوحدوي الوطني الذي كان يسمى (القيادة الوطنية الموحدة) والذي شكلته فصائل منظمة التحرير لادارة دفة الانتفاضه فبدأت حماس بمناكفة القيادة الموحدة من خلال بياناتها التي كانت تتضمن برامجا مختلفة عن برامج القيادة الموحدة النضالية،
وقد لاقت هذه البيانات استحسانا اسرائيليا لان اسرائيل كانت تهدف على مدار الوقت لتصديع الجبهة الداخلية الفلسطينية وكانت معنية تماما باضعاف منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني فوجدت بحماس ضالتها حيث رفضت حماس كل المبادرات الوطنية لدخول المنظمة او ممثلها في الميدان –القيادة الوطنية الموحدة- حيث كانت تضع شروطا تعجيزية بل مستحيلة لدخولها ، وقبل انطلاق حماس التي انبثقت عن الاخوان المسلمين كان الاخوان يشكلون حجر عثرة امام القوى الوطنية، ولعل الاحداث الدامية التي حصلت في جامعات فلسطين وتحديدا النجاح والخليل وبير زيت والجامعه الاسلامية في اواخر السبعينات حتى اواسط الثمانينات اكبر دلالة على نهج الاخوان الاقصائي والتكفيري واللاوحدوي والدموي حيث وصل بهم الامر الى القاء اساتذه وطلبة عن اسطح الجامعات كما حصل مع الدكتور محمد صوالحة وكذلك استخدام الجنازير والاسلحة البيضاء ضد القوى الوطنية وعن سابق تخطيط وترصد احيانا حيث كان الاخوان المسلمين يستخدمون المجمع الاسلامي في غزة كغرفة عمليات ونقطة انطلاق تنطلق منه الحافلات المليئة بشباب الاخوان للهجوم (الجهادي!!!!!) على القوى الوطنية في الجامعات الفلسطينية بالضفة ولعل الالاف ممن عاشوا هذه الاحداث المؤسفة يشهدون على ذلك حتى اللحظة،
ولعل شهادة عامي ايالون وافي ديختر المسؤوليْن الاسرائيلييْن السابقين عن الشاباك تضيف براهين اخرى على طبيعة نهج الاخوان من قبل ومن ثم حماس التي انبثقت عنهم حيث قالا سابقا ان هدف اسرائيل كان على الدوام ضرب منظمة التحرير وان اسرائيل ومن خلال غرفة العمليات الامنية طالما اعتقدت ان وجود جسم فلسطيني ذو فكر ونهج مختلف عن فكر ونهج م ت ف يعد الطريق الفضلى لضرب المنظمة واضعافها وبالتالي خلق حالة من التشكيك بقوة تمثيلها للفلسطينيين لهذا –والحديث لافي ديختر وعامي ايالون- سررنا لانطلاق حماس ليس حبا بها وانما كرها بياسر عرفات وجماعته ومن اجل تحقيق ما لم نستطع تحقيقه عبر الحروب لاضعاف المنظمة ،
ومع ان اسرائيل ادركت فيما بعد ان الامور لم تجر كما اشتهت السفن حيث عمليات حماس الموجعة للاسرائيليين الا انها بالاتجاه الاخر والمتعلق بالجبهة الداخلية الفلسطينية قد شعرت اسرائيل بالرضى وخاصة بعد اعادة التموضع الاسرائيلي في قطاع غزة ومن طرف واحد ومن ثم انقلاب حماس وحالة الانقسام الفلسطيني حيث اقر اريئيل شارون الانسحاب من داخل القطاع وابقى على حالة الحصار وعندما تم سؤاله عن الهدف من ذلك وخاصة انه من المؤمنين بما يسمى بدولة اسرائيل الكبرى فرد بابتسامة عريضة وخبيثة قائلا بعد فترة ليست بالطويلة سترون النتائج، فلم يمر الوقت الطويل حتى بدأت حماس بتجهيز نفسها تسليحا وتدريبا ومن ثم موافقتها على الدخول بالانتخابات البلدية والتشريعية تحت سقف اوسلو مدركة حالة التصدع في جسم حركة فتح، وحدث ما حدث حيث استطاعت حماس الاستحواذ على غالبية اعضاء المجلس التشريعي في ظل مرض الانانية الذي استشرى في اوساط حركة فتح حيث خاض الانتخابات في كل محافظه اضعاف حصة المحافظة من ابناء فتح بشكل فردي ما ادى الى توزيع الناخبين على هؤلاء وهو ما أدى لمساعدة حماس على الفوز، وحسب المراقبين فلو توحدت فتح لكانت النتيجة عكسية ، ولم تدرك حماس ان جمهور فتح الكبير لم يختلف فكريا او على السياسة انما اختلف على الاشخاص فقفزت حماس عن هذه الحقيقة واستطاعت من خلال قوة ماكنة الاخوان المسلمين الاعلامية الضخمة تسويق نفسها على انها تشكل الغالبية العظمى من الفلسطينيين،
ويذكر ان الرئيس ابو مازن قام بتسليم الحكومة لحماس وبهدوء معبرا عن ايمانه بالديمقراطية وتسليمه بنتائج الانتخابات حيث وبالمنطق فلو لم يكن الامر كذلك لافتعل ازمة وعطل عملية تسليم التشريعي والحكومة لحماس الا ان العكس تماما هو ما حدث حيث بدأت حماس بالتعامل بعقلية ثأرية واقصائية محاولة السيطرة على الاجهزه الامنية واستبعاد كوادر فتح عن المواقع الهامه في الوزارات فخلقت حالة من الاحتقان في الشارع الفلسطيني ازدادت بعد سلسلة احداث من ضمنها عدد من الاغتيالات والاحداث ذات الطابع العنفي وقبل الانتخابات كانت حماس تقف خلف العديد من عمليات الاغتيال طالت نائب مدير عام الشرطه العميد راجح ابو لحية واللواء موسى عرفات ومحاولة اغتيال رئيس المخابرات العامة الفلسطينية اللواء طارق ابو رجب واغتيال العقيد تيسير خطاب احد ضباط المخابرات العامة، وبعد انتخابات التشريعي قامت ايضا باغتيال المسؤول عن الامن الخارجي بالمخابرات العامة العميد جاد التاية واربعه من مرافقيه لاسباب لم يحن الوقت للكشف عنها، وقد حدث ذلك امام بيت اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في ذلك الوقت، واستمرت الاحداث حيث توسعت الاشتباكات وبصورة ادق عمليات الهجوم على الاجهزة الامنية وبعد ذلك تم توقيع اتفاق مكة بين فتح وحماس برعاية خادم الحرمين الملك عبدالله وذلك بتاريخ 8-2-2007 الا ان الاتفاق لم يصمد طويلا فاستمرت حماس بمخطط السيطرة الامنية والعسكرية على قطاع غزه حيث تجددت الاشتباكات بعد ان وصل الامر بحماس حفر نفق وتفخيخه في الطريق التي يسلكها الرئيس الفلسطيني ابو مازن في غزة بهدف اغتياله بهدف السيطرة على النظام السياسي برمّته وتصاعدت الاحداث المؤلمة ضمن خطه محكمة بهدف السيطرة التامه على القطاع ، وهذا ما حدث حيث تمكنت حماس وبعد ان قتلت المئات من عناصر الاجهزة الامنية وحركة فتح وسحلت المئات وقطعت اطرافهم من السيطرة على قطاع غزه .
ان سيطرة حماس على غزه لم تكن حدثا عابرا فقد خلقت واقعا جديدا حيث تم تكريس واقع الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي واضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية ووضع القضية الفلسطينية بظروف اكثر تعقيدا حيث استغلت اسرائيل الحالة الفلسطينية فقامت وما زالت بتكثيف الاستيطان في الضفة وعمليات التهويد في القدس، ولادراك الرئيس خطورة الموقف اصر على اجراء كل ما من شأنه اعادة اللحمة الوطنية فتم القبول بالورقة المصرية وتم التوقيع على اتفاق الدوحه وتم تشكيل حكومة الوفاق الا ان كل ذلك جوبه باجراءات من قبل حماس -التي تضيق الخناق على سكان القطاع - من شأنها افراغ كل الاتفاقات والاجراءات المتفق عليها من محتواها، وهناك تفاصيل كثيرة تثبت وبما لا يدع مجالا للشك بان حماس لا تستوعب الدخول بوحدة وطنية وليس على اجندتها ذلك الا اذا سيطرت على النظام السياسي او في حالة ضعفها امام قوة ووحدة حركة فتح ناهيكم عن ان قرارها ليس بيدها انما هي اسيرة مواقف بعض دول الاقليم وكذلك مكتب ارشاد الاخوان المسلمين، فهي تريد من السلطه الوطنية ان تكون فقط صرافا اليا يمول استمرا سيطرتها على القطاع ، وبنفس الوقت عينها على الضفة ولعل تجربتي حينما كنت مديرا لمخابرات نابلس خلقت القناعة لدي بان حماس لم تكتفي بغزه انما تعمل ليل نهار للسيطرة على الضفة الغربيه حيث وردت معلومات خطيره بان كل الاسلحه التي تم تسليمها والتي وصل عددها لدى جهاز المخابرات لوحدها في ذلك الحين 155 قطعة سلاح كانت تحضر لمعارك يخطط لها في الضفة مع الاجهزة الامنية الفلسطينية وكا قال احدهم ان ما يثبت انها ضد السلطه هو ان قاعدة العمل العسكري ضد الاسرائيليين كانت الاحزمة الناسفة وليست الاسلحه النارية هذا اضافة للكثير من الاعترافات حول التحضير لانقلاب في الضفة ، وما لفت انتباهي حديث احد قادتهم معي شخصيا عندما سألته عن سبب صرف مبالغ مالية كبرى لبعض افراد من المحسوبين على فتح في فترة الفلتان الامني فأجاب: كنا نعطي بعض الافراد من اقطاب الفلتان الامني لسببين اولهما كي نظهر اننا ندعم المقاومة وثانيهما ان هؤلاء يسيئون لحركة فتح عبر ممارساتهم وبذلك نكسب مزيد من تراجع شعبية حركة فتح وبنفس الوقت نظهر كداعمين للمقاومه.
ان ما سلف ذكره اضافة لفكر حماس يؤكد انها ليست في وارد الوحده الوطنية وان الحديث عن ما يسمى بالمصالحه على مدار تسع سنوات من الانقلاب عباره عن احلام لا يمكن تحقيقها وحتى مصطلح المصالحه يجب تغييره فشعبنا ليس بحاجه لمصالحه انما بحاجه لوحدة وطنية لم تدخل مربعها حماس منذ تأسيسها حيث ان تحقيقها في ظل المعادلة الموجودة ستبقى تدور في دائرة الاحلام الوردية علما اانا نتضرع الى الله ان يلهم قادة حماس الى جادة الصواب والانصياع للارادة الشعبية بتحقيق المصالحه وتجسيد الوحده الوطنية الا ان ذلك وحسب فهمي لفكرهم وادبياتهم يعد من وحي الخيال حيث وان حصل ذلك فانه يعني ان تخلع حماس لباسها وارتداء ثوب اخر ولن يتم الا اذا عزلت نفسها عن حركة الاخوان المسلمين