نشر بتاريخ: 02/02/2016 ( آخر تحديث: 02/02/2016 الساعة: 12:58 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تفيد التقارير العسكرية الاسرائيلية الحديثة ان العالم لن يسمح لاسرائيل بخوض حروب مماثلة لتلك التي وقعت في السنوات العشر الاخيرة ضد لبنان وغزة ورام الله ، كما لا يسمح الظرف الاقليمي والعالمي لاية دولة بدخول حروب " خاصة " على حسابها هنا او هناك . وقد لاحظنا كيف تم كبح جماح الحرب بين روسيا وتركيا ، والمعارضة الدولية لحرب السعودية اليمن ، وما جرى في السودان . فالحروب صارت ماركة احتكارية للدول الكبرى تقررها وفق أجندات متفق عليها ومواعيد مرسومة واهداف محدودة يقصد بها ايقاع أكبر الاذى ولا يسعى من خلالها الى الحسم الكامل .
الولايات المتحدة بصفتها صاحب الاحتكار الحصري في حروب الشرق الاوسط ، فتحت جروحا كبيرة وقامت بعمليات عسكرية واسعة في العراق وافغانستان وليبيا ولكنها تركت الجرح مفتوحا ولم تقفل مكان العملية ما ترك النزيف دافقا في كل منطقة اعتدت عليها .
وكلما كبرت قوة الطرف عسكريا كلما صار من الصعب تورطه في حروب هنا او هناك ، وقد لاحظنا ان ايران او تركيا وحتى التنظيمات الكبرى التي صارت تمتلك مستودعات اسلحة عابرة للدول مثل حزب الله او تأثيرات سياسية دولية مثل منظمة التحرير او ترسانة صواريخ قوية مثل حماس ، لم تعد مخيّرة في اختيار معاركها وحروبها واضطرت الى تغليب الجانب السياسي على الحسم العسكري .
ان مشاركة شرطي فلسطيني بعمليات الانتفاضة كاد يقضي على أجهزة الامن الفلسطينية ، ومن تابع الصحافة العبرية وكيف تم نشر صورة الشرطي الفلسطيني بلباسه العسكري والتعليقات العنصرية عليها كان يعرف ماذا سيحدث ، وبالفعل فرضت اسرائيل طوقا عسكريا على رام الله والبيرة وكاد الرئيس عباس يفقد سلطته من جراء ذلك ، مع ان الخطر الاكبر هو التحريض المخيف الذي مورس في الايام السابقة ضد اجهزة الامن الفلسطينية ما يدعو للحذر واليقظة من اي اعتداء على ابناء الاجهزة من المستوطنين ومن الجنود الاسرائيليين .
جبهة غزة كادت تتصدر العناوين بسبب ذعر المستوطنين من حفر الانفاق ، ليتضح ان وسائل الاعلام الاسرائيلية ( تقرير واحد للمراسلة ايلا حسون نيشر ) كاد يجر كل المنطقة لحرب ، وقد هاج وزراء حكومة نتانياهو وخرج قادة الاحزاب الصهيونية بمؤتمرات صحفية في تل ابيب يدعون الى الحرب وانجر وراءهم العسكريون والامنيون ، ليتضح ان تقرير صحفي غبي كاد يفتعل حربا تدميرية وان ما بثه التلفزيون الاسرائيلي كان صوت مولّدات الكهرباء وليس صوت الات الحفر التحت أرضي .
والغريب في الصحافة الاسرائيلية خاصة ، ان اي صاحب هوى صار ينشر اي تقرير ويحرّض على العنصرية والحرب والقتل والانتقام والذبح والتفجير والتدمير دون حسيب او رقيب ، ولن تجد اي عاقل او اية جهة سياسية او أمنية او نقابية تسأل هذه المحطة او هذا التلفزيون ان يثبت مهنية تقريره .
وبعيدا عن تحريض الصحافة العنصرية ، يبدو ان الاشهر القادمة ستشهد تواصلا لعمليات الانتفاضة التلقائية ، ولكنها لن تؤدي الى تدمير السلطة او الهجوم على حماس ، وستكتفي الاطراف بمواصلة الكراهية والشتم ... وليس أكثر .