الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشتاء المر

نشر بتاريخ: 02/02/2016 ( آخر تحديث: 02/02/2016 الساعة: 15:10 )

الكاتب: إكرام التميمي

مرارة العيش لا تضير ،إن كانت من صنيع الطبيعة ،وفصل الشتاء وإن كان البعض من طقوسه فيه ألم فهو المر الحلو ،لا يضطهد ؛ ولكن الإنسان عندما يتغول في هلاك وإهلاك البشر والطير والشجر والحجر فهو الظلم بعينه والمر المشين ، لو تمعنت في هذا العام المنصرم 2015 وبداية عام 2016 لاستطعت بيسر إحصاء العديد من الجرائم والانتهاكات الغير إنسانية ، والتي جردت معالم الحياة من لباس التقوى وحولت حياة البشر لجحيم لا يطاق ، حروب وصراعات ونزاعات ،لم تبق ولم تذر للقيم مكاناً تسبر فيه غور عباب البحر بتؤدة ، دفع الإنسان خلالهم الثمن غالياً في أتون مشتعل لا رحمة فيه لأحد ، وسيما النساء والأطفال والمسنين ،الذين لم تكن قدرات احتمالهم باليسيرة ،واستحالة على كافة نداءات الإغاثة ان تكفل لهم الملجاً والمنجى من موت محتم ، فبتنا نرى الموت منتشياً على الطرقات مستبيحاً الحيوات ،وضاعت كرامات الإنسانية ،بين لؤم الباطل وصراع الغاب وبات الموت مستكلباً يقامر الشيطان على بقايا من أشلاء مقطعة ؛أو أجسادً أنهكتها الجراح أو هياكل عظمية بقيت من بقايا إنسان .

ذات المشهد وصنيع آلة الحرب وبيد ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ؛ وتخرج علينا بين الفينة والأخرى تصريحات تعبر عن القلق من موجة القلق المستنسخ نعم هو القلق فقط ما يعرب عنه لسان حال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتارة تخرج علينا بعض القوى العظمى بالقول :بأنها ستشن هجمات على معاقل "داعش " في قطر عربي ما ،كونها تهدد السلم العالمي ،ويخرج الرئيس أوباما منتشياً بأن "إذا ما تخلت الولايات المتحدة عن حليفها إسرائيل فان الأمر سيكون إخفاق أخلاقي "

وفي سياق أخر ،وخلال كلمة ألقيت نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في المؤتمر المنعقد في العاصمة الاندونيسية جاكرتا ، جاء فيها : إن "الاحتلال الإسرائيلي هو السبب في موجة الإرهاب الحالية".

وبأن "الغضب الذي نراه اليوم نتيجة خمسة عقود من الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة الخوف والذل والإحباط وعدم ثقة الشباب الفلسطيني المحبط من عدم الوفاء بالوعود".

وأردف بان أنه "منذ أن ضمت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وهي تمارس سياسة شاملة لزيادة قبضتها على المدينة وإضعاف الوجود الفلسطيني هناك"، لافتا إلى أن "إسرائيل تمارس في القدس سياسات تطهير عرقي، ستؤدي الى طرد العرب من البلدة، ومنذ سبتمبر والوضع يزداد سوءًا".

وفي السياق الفلسطيني ،قال رئيس دولة فلسطين المحتلة مراراً وتكراراً "إن الفلسطينيين راغبون في إطلاق المفاوضات والتوصل إلى السلام" ، ودعا الرئيس مجلس الأمن الدولي إلى استصدار قرار جديد يدين الاستيطان، ويوفر الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وأكد أن تحقيق للسلام وإنجاز الحل السياسي الدائم يأتي من خلال استعادة الفلسطينيين لأرضهم على حدود عام 1967، والتجاوب مع الشرعية الدولية التي تقول بحل الدولتين،فهل وصلت رسالتنا ،للمجتمع الدولي ،بأننا : المحرومون من العدالة وحق تقرير المصير .

يصمتون أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي هنا في مهد الرسالات السماوية ، ولا يصنعون للسلام شيئاً الذي تعدمه عنجهية الإحتلال يومياً من دون رحمة ، وحيث تزداد كل يوم أعداد الشهداء والأسرى الفلسطينيين ،وكما تغتال الضمائر النابضة المطالبة بالحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني ، ونجده في جانب آخر منتبهاً وحذراً وكأنما هو الحارس للسلام ،"يدرس البنتاغون الخيارات العسكرية في ليبيا أمام تنامي خطر تنظيم "داعش" وتمدده، حتى وإن كان ما زال "من المبكر جداً" معرفة كيف سيتطور الوضع، والمتحدث بيتر كوك: يقول ،"نواصل مراقبة الوضع ودرس الخيارات الموجودة أمامنا. يجب أن نكون متحضرين وكما نريد أن نكون دائماً في حال استفحل تهديد تنظيم داعش في ليبيا".

وكما أكد كوك أن "تشكيل حكومة مركزية أمر حاسم بالنسبة لمستقبل هذا البلد واستقراره في المستقبل".ونسأل هل في الموت حضارات ستبقى ؟ أم هي مراهنات من أجل خلق ذرائع أخرى للهيمنة والسيطرة على الذهب الأسود ،ومن أجل المال والنفوذ لا من أجل السلام للإنسان .

وفي جانب آخر ، التحالف الدولي يعلن على لسان مسؤوليه "أنه تمكن من قتل 22 ألف مقاتل للتنظيم "داعش " بسوريا والعراق"، ويستفزني الصمت ويطالبني بأن أقول : أين المقدسات الإسلامية والمسيحية التي انتهكت حرماتها في فلسطين خلال العقود الماضية ، وأين هي القضية الفلسطينية من المجتمع الدولي والعربي والإسلامي ؟وأين هي القدس ومساجد وكنائس القدس في أجندات التحالف والحلفاء ؟ أم هي قضية هامشية ولا تتصدر المشهد والأولويات في موازيين القوى .

إذن هي أيدي خفية مستترة وتسيطر على الساحة الدولية وقرارات الشرعية الدولية ،ومخالبها الموت وحده والمخيم على هذا الشتاء المر ؛فهل سيكون لنا قريباً من خريف يسقط فيه ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بلا عودة ؟ وهل يتسنى للبشرية العيش بسلام وأمان ؟ أم هي عورات كشفت وأقنعة أكرهت السياسات على البغاء وما من سبيل للخلاص .