الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حالة الّلا سِلم و الّلا حرب.. ما العمل؟

نشر بتاريخ: 06/02/2016 ( آخر تحديث: 06/02/2016 الساعة: 15:03 )

الكاتب: عبد الله كميل

تمر القضية الفلسطينية باصعب مراحلها حيث يعيش الفلسطينيون وضعاً داخلياً يَسُرُّ العدو ويثير الغضب في النفس الفلسطينية حيث حالة التفكك و الانقسام والحروب الداخلية الظاهرة والخفية ما أدى إلى حالة من الإحباط و اليأس تزداد تجذراً و تعمقاً حيث أنّ الأمل بإعادة اللُّحمة الوطنية ما زال بعيد المنال، فالجبهة الداخلية لدى الفلسطينيون إذن متصدّعة وهو ما يرتكز عليه الإحتلال في بناء سياساته و ممارساته اتجاه الفلسطينيين، لهذا نجده يتبرأ من الإتفاقيات وغير مستعد لأي حلول تؤدي لتحقيق الاهداف الوطنية الفلسطينية وتراه يزداد تَعَنُتاً و صلفاً في الميدان حيث هناك حالة من السُّعار الإستيطاني في الضفة الغربية و القدس الشريف و عمليات الإقتحام اليومية للمسجد الأقصى بعد أن كان مجرّد التهديد بدخوله مسبباً لثورة شعبية فلسطينية و عربية و إسلامية ولعل دخول أرائيل شارون في سبتمبر عام 2000 خير مثال على ذلك حيث ثارت فلسطين,كلُّ فلسطين وامتدت الثورة لتشمل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

تزداد فلسطين معاناة حيث الاجرام الاسرائيلي المتنوع لدرجة الفاشية عبر الاعدامات اليومية للشبان الفلسطينيين والحروب المتواصله على غزة والحرب التهويدية على القدس وكل ذلك يتم في ظلِ صمت عربي و إنشغال في قضاياه الداخلية و في ظلِّ إنحراف بوصلة العدالة الدولية التي إمتدت للشرق و الغرب ولكُّل أرجاء المعمورة لّكنها و عندما يتعلق الأمر بفلسطين وبجرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها إسرائيل تُصاب هذه العدالة بالعمى و الغثيان.
وبنفس الوقت فإنَ الوسيط الرئيسي بين الفلسطينيين والاسرائيليين والمتمثل بالولايات المتحدة لا يعتبر وسيطاً نزيهاً بل يقوم بحماية إسرائيل من خلال ممارسته حق النقض "الفيتو"تجاه أي توجه دولي من خلال مجلس الأمن لفرض الحلول او ادانة ممارساته ومن ضمنها الاستيطان ما أدى إلى زيادة الإحتقان في الشارع الفلسطيني و إحباط القيادة الفلسطينية التي إعتقدت بأنّ الحلّ السياسي عبر المفاوضات ممكنناً ناهيكم عن التحالف الاسرائيلي الامريكي الذي لا يخجل البيت الابيض من التأكيد عليه في كل مناسبة.

ولعلَّ التفاؤل الذي جلبته اتفاقية اوسلو كاتفاقية اعلان مبادئ محددة زمنيا قد ألقى بظلاله على الغالبية العظمى من الفلسطينيين حينما خرج الشعب الفلسطيني في العام 1993م مؤيداً لعمية سلام تقود إلى قيام الدولة الفلسطينية مستقلة إلا أن هذا التفاؤل بدأ بالإنحسار بعد إنتهاء الفترة المحددة للوصول إلى الحلّ النهائي والذي اختتم باقتحام شارون للمسجد الاقصى الشريف في 29-9-2000 حيث كانت تلك الشرارة الأولى التي اوقدت شعلة الإنتفاضة الثانية والتي بإعتقادي لم يُحسِن الفلسطينيون ادارتها و تنظيمها بالشكل الذي يُفضي إلى النتائج المرجوة وطنياً حيث ان الكثير من النشاطات والعمليات التفجيرية الخاطئة في الزمان و المكان و التي إستغلتها اسرائيل أبشع استغلال ,فاغتالت القادة و أسرت العديد منهم و استطاعت تصوير الفلسطينيين أصحاب الحقّ كإرهابيين أمام المجتمع الدولي من خلال ماكنة إعلامية ضخمة إستغلت بعض الصور المؤثرة عاطفياً متجاهلة صور ألاف الأطفال الفلسطينيين والمدنيين العزل الذين قتلتهم ألة الحرب الإسرائيلية ناهيكم عن بناء الجدار العازل و الذي جسّد نظام الأبرتهايد, وكذلك تدمير مقرات أجهزة الأمن والبنية التحتية في الضفة الغربية و قطاع غزة.

وقد كانت النتائج الأخطر المتمثلة بحالة الفلتان الأمني في الضفة وغزة و التي ساهمت بإحباط الفلسطينيين و خلخلة الوضع الداخلي و كذلك حالة الإنقسام الفلسطيني,وكل ذلك أدى إلى خلق حالة من الهلع من تكرار الإنتفاضة حيث حالة الشكِ بالذات و الخوف من مزيدٍ من النتائج السَّلبية,ناهيكم عن التخوف الذي يبدو مشروعاً من قَبل فتح على سبيل المثال من تفجير الأوضاع ضد الإحتلال بسبب تخوفها من حماس التي استغلت الإنتفاضة الثانية فأعادت بناء بنيتها التنظيمية و العسكرية و قامت بالعديد من العمليات التي هدفت من خلالها حسب المراقبين إلى إعادة الإعتبار لها جماهيرياً و كانت النتيجة القضاء على السلطة الوطنية في قطاع غزة و ترسيخ حالة الإنقسام و هي ما استفاد منها الإحتلال و ما زال. 

إنَّ المتابع للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يدرك أنّ المفاوضات عمليّاً استمرت و منذ عام1993 لمدة الست سنوات الأولى ثم انقطعت طوال فترة الانتفاضة الثانية و استؤنفت في فترة أياهود أولمرت ثم إنقطعت حتى اللحظة و دخلت القضية الفلسطينية حالة اللاسلم و اللاحرب حيث نجد حربا استيطانية شرسة مدعومة من قبل الحكومة اليمينية المتطرفة في اسرائيل ووضع شرط مستحيل تحقيقه لاستئناف المفاوضات يتمثل باعتراف القيادة الفلسطينية بما يسمى بالدولة اليهودية والذي رفضته القيادة رفضا مطلقا كما نجد ان الرباعية الدولية مشلولة لا حراك لها نتاج الضغط الامريكي ما يستدعي القوى و الفصائل الفلسطينية للتفكير الجدي بخطورة هذا الوضع و الذي لن يستفيد منه إلا الاحتلال.

ان هذه الحالة ادت الى حالة من الاحباط لدى الفلسطينيين ما أدى الى انفجار الاوضاع عبر هبة القدس ذات الطابع الشبابي الغير منظم لحتى اللحظة والتي ادت الى استشهاد ما يقارب المايتي شهيد غالبيتهم تم اعدامهم بدم بارد من قبل قوات الاحتلال وان اخطر ما يواجه اسرائيل هو هذا النوع من النشاطات المناهضة والرافضة للاحتلال والتي استمرت بشكل متصاعد حيث ان نشاطات غير مسيطر عليها من قبل الفصائل ستكون لها انعكاساتها السلبية على الاحتلال حيث ان من اوقد النار بامكانه ان يطفئها ولكن هذه النار تم اشعالها في عدة اماكن ومن قبل الكثير وبشكل تلقائي كردات فعل على جرائم الاحتلال، وان استمرت الحالة وبدون ظهور امل للخلاص من الاحتلال عبر مفاوضات برعاية دولية وفق النموذج الايراني والسوري مثلا ومحددة زمنيا نتيجتها دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس فان الامور بالحالة هذه ستكون مرشحة لمزيد من الانفجار الذي لا احد يستطيع السيطرة عليه حيث ستزداد الامور تعقيدا.

ومن نافل القول أن أول إجراء داخلي فلسطيني لمواجهة حالة اللاسلم واللاحرب يتمثل بطيِ صفحة الانقسام السوداء و العمل على وضع خطة وطنية لمقاومة وطنية شاملة لها إدارةٌ واحدة و مركزة تمنع أي جهةٍ من التفرد باستخدام وسائل غير مجمَعٌ عليها وطنياً ينسجم معها تحرك القيادة السياسي والدبلوماسي والقانوني حيث لا يمكن ان يؤدي اي تحرك للقيادة الى النتائج المرجوة في ظل تصدع الجبهة الداخلية الفلسطينية وعليه لابد من اعادة بناء الذات الوطنية وتجديد الشرعيات للانطلاق من جديد لتحريك المياه الراكدة وتحطيم حالة اللاسلم واللاحرب التي تحياها القضية الفلسطينية ففلسطين اكبر من الفصائل ومصلحة الشعب الفلسطيني اهم من المصالح الحزبية حيث ان القوى والاحزاب استخدمت كوسائل للمساهمة بالتحرير ونيل الاستقلال لا ان تأسر الشعب الفلسطيني وتساهم بزيادة همومه عبر التمترس خلف المواقف المتشنجة التي تحول دون الوصول لجبهة وطنية واحدة في مواجهة دولة احتلال متطرفة تستغل الحالة الفلسطينية الضعيفة والا فليتم الاعلان عن انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية ومن اراد الاستنكاف وعدم المشاركه فليقم بذلك وليتحمل المسؤولية التاريخية امام الشعب الفلسطيني.