نشر بتاريخ: 07/02/2016 ( آخر تحديث: 07/02/2016 الساعة: 14:38 )
الكاتب: جميل السلحوت
يواصل الصّحفيّ الفلسطينيّ محمد القيق معركة الأمعاء الخاوية منذ 75 يوما، وواضح أنّ القيق قد اختار حياة الحرّية بكرامة، أو الشّهادة بعزّة وإباء، الرّجل يذوب يوما بعد يوم كما الشّمعة المضاءة، رافضا حياة الذّلّ والأسر، وقوانين الاعتقال الاداريّ الذي ورثته دولة الاحتلال عن دولة الانتداب البريطانيّ، وهي قوانين يتمّ بموجبها اعتقال أيّ شخص دون تهمة أو محاكمة فترات مفتوحة قد تصل سنوات طويلة. وقد سبق وأن خاض أسرى فلسطينيّون اضرابات جماعيّة وفرديّة لفترات طويلة، أشهرها اضراب أسرى نفحة بداية ثمانينات القرن الماضي، واضراب سامر العيساوي الذي استمرّ حوالي تسعة شهور، واضراب خضر عدنان وغيرهم، واضراب المرحوم اسحاق موسى مراغة الذي أودى بحياته.
وواضح أنّ سياسة دولة الاحتلال لا تحترم حياة الفلسطينيّ تحت أيّ ظرف، فهي تقتل وتعتقل وتهدم وتصادر وتغلق وتقتحم وتمارس العقوبات الجماعيّة، في مخالفة واضحة لاتفاقات جنيف الرّابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكريّ، وللوائح حقوق الانسان، والقانون الدّوليّ، وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة.
وعدم استجابة سلطات الاحتلال لطلب الأسير القيق بالحرّيّة، يعني أنّ دولة الاحتلال تتحمّل المسؤوليّة الكاملة عمّا سيحدث له من مضاعفات قد تودي بحياته، وما سيترتّب على ذلك من مضاعفات لن ينجو المحتلّ نفسه من عواقبها.
وإذا كان المحتلّ لا يقيم وزنا لحياة الأسير القيق وحيوات غيره من أبناء الشّعب الفلسطينيّ، فإنّ العالم أجمع مطالب بالضّغط على دولة الاحتلال لاطلاق سراحه قبل فوات الأوان، وهل يتساءل هذا العالم ودعاة حقوق الانسان فيه عن الأسباب التي تدعو شخصا مثل القيق أن يختار الموت جوعا؟ فالقيق وجميع أبناء شعبنا لا يختلفون عن بقيّة البشر في حبّ الحياة، فـ "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" و"نحن نعشق الحياة ما استطعنا إليها سبيلا" لكن كما تقول الحكمة الشعبية:" ما الذي دفعك إلى الموت؟ فأجاب: ما هو أكثر مرارة من الموت" فحياة الذّلّ وامتهان الكرامة وسلب الحرّيّة لا تبقي معنى للحياة.
ولا يخفى على عاقل أنّ استمرار الاحتلال وعنجهيّته وعدوانيّته المستمرة وقوانينه الجائرة، هي التي تقود المنطقة إلى دوائر العنف التي تهدّد أمن وسلامة دول وشعوب المنطقة. وعلى الدّول ذات التأثير في السّياسة الدّوليّة وأمن واستقرار النّظام الدّولي أن تمارس دورها لانهاء هذا الاحتلال، لتمكين الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره كبقيّة شعوب الأرض، واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
وعلى الشّعب الاسرائيليّ نفسه أن يعي مخاطر سياسة التّطرّف الذي تمارسه حكومته اليمينيّة، والتي تنعكس نتائجها عليه قبل غيره. فالسّكوت على امتهان كرامة الشّعب الفلسطينيّ وسلب حرّيّته، والعقوبات الجماعيّة عليه كاحتجاز جثامين الشّهداء، وهدم البيوت ومصادرة الأراضي، واغلاق المناطق ومحاصرتها، واقتحام دور العبادة والقتل المجّانيّ، واطلاق يد عصابات المستوطنين لتعيث فسادا وقتلا وتخريبا، واستمرار الاحتلال هي المسؤولة عن عدم استقرار المنطقة، وهي التي تشعل النّيران التي لا ينجو من لهيبها أحد.