نشر بتاريخ: 10/02/2016 ( آخر تحديث: 10/02/2016 الساعة: 15:28 )
الكاتب: يونس العموري
مرة اخرى نجدنا امام ما يسمى بالمصالحة الوطنية وانعقاد اللقاء ما بين حركتي فتح وحماس في العاصمة القطرية لإنجاز الإتفاق التاريخي المسمى بالاتفاق والتوافق الوطني، وهو الأمر الذي يبدو انه قد اصبح صعب المنال والتحقيق على ارض الواقع وفقا لطبيعة المعادلة المسيطرة على الوقائع الاقليمية ولعدم امتلاك الارادة السياسية الفعلية لقطبي معادلة الانقسام .. وفي حيثيات لقاء الدوحة ووفقا للمعلن فقد أخفقت لقاءات الحوار بين الحركتين في شأن آليات تطبيق المصالحة، في تجاوز العقبات القديمة التي حالت دون إنهاء الانقسام.
حيث اشارت مصادر مقربة من المتحاورين أن العقبات التي ظهرت في الحوار هي ذات العقبات القديمة التي حالت حتى الآن دون إنهاء الانقسام، وهي: السيطرة على الأجهزة الأمنية والموظفين والمعابر في قطاع غزة ومشاركة حماس في مؤسسات منظمة التحرير.
حيث أن وفد حركة "فتح" طالب بسيطرة حكومة الوحدة الوطنية المقترحة على جميع الأجهزة الأمنية في غزة، وعلى المعابر، والتعامل مع الموظفين الذين التحقوا بأجهزة ومؤسسات الحكومة بعد سيطرة حماس على القطاع على أسس الاتفاقات السابقة.
وفي شأن انضمام "حماس" إلى منظمة التحرير طالب الوفد بتطبيق الاتفاقات القديمة الخاصة بتشكيل لجنة لاعادة بناء المنظمة بما يسمح بانضمام حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إليها.
ويبدو إن حركة "حماس" أبدت استعدادها لتسليم الإدارة الأمنية والمدنية في القطاع إلى حكومة الوحدة الوطنية، لكنها طالبت بالحفاظ على الوضع الحالي للأجهزة الأمنية وإعادة توحيدها تدريجياً وفق الاتفاقات السابقة، والحفاظ على التركيبة الحالية للوزارات، وإعادة دمج الموظفين القدامى مع الجدد، واعتماد الموظفين الجدد، وعددهم حوالي 43 ألفاً، موظفين رسميين في السلطة، وإبقاء العاملين الحاليين في المعابر وإضافة موظفين جدد لهم.
الا إن وفد حركة "فتح" وعد بحمل التصورات المقدمة من حماس إلى الرئيس محمود عباس ودراستها في اللجنة المركزية للحركة.
وحيث ذلك فإن هذه التفاهمات لم تأتي بالجديد بل نستطيع هنا ان نقول ان هذا اللقاء جاء بعدما شعر كلا الطرفين انهم بأزمة وأزمة حقيقية قد تطيح بهما تحديدا لدى قواعدهم حيث التململ بات عنوان المرحلة لدى الطرفين هذا من جانب اما من الجانب الأخر فمن الوضاح ايضا ان فتح وحماس قد وصلتا الى طريق مسدود تجاه امكانية معالجة قضاياهم، وبالتالي نستطيع ان نسجل هنا جملة من الملاحظات حول لقاء الدوحة، وتفاهمات فتح وحماس بهذه الجولة من اللقاءات....
• ان هذه الاتفاق لم تأتي بالجديد عما كان يدور الحديث عنه في الحوارات واللقاءات السابقة ... وبكافة العواصم بدء من مكة والقاهرة والدوحة مرة ومرات وحتى لقاء اسطنبول غير الرسمي قبل اسابيع ... . وان هذه البنود كان قد تم التوافق عليها سابقا وبالتالي لم تكون هناك حاجة ملحة للقاء الدوحة الاخير ، الا اذا ما اعتبرنا ان لقاء الدوحة قد أُنجز فيه بعض التفاهمات من خلال تقديم الرشوات السياسية من دولة قطر في اطار المعادلة الاقليمية وتجاذباتها ...
• ان حركتي فتح وحماس قد تصرفتا ووفقا لبنود هذه التفاهمات على انهم هم وهم فقط ممثلي الشعب الفلسطيني وهو ما لا يستوي وحقيقة واقع الفسيفساء السياسية الفلسطينية.
• ان طبيعة تشكيلة الوفود المتحاورة تعكس برأيي حجم وطبيعة الأزمة المعاشة فلسطينيا على الأقل يعكس وفد فتح حقيقة ازمتها الداخلية. واعتقد انه لابد ان نتوقف امام هذه الملاحظة بشيء من التحليل حيث كان من الملاحظ ان لا وفد فتحاوي مقابل وفد من حركة حماس، فتح الذي مثلها السيد عزام الاحمد والى جانبه السيد صخر بسيسو كملحق مع الاحمد بالوفد، مع العلم ان الكثير من اللقاءت كان قد عقدها العديد من قادة فتح مع قادة حماس بالدوحة الا انه هؤلاء القادة قد غابوا عن لقاء الدوحة ...
• الملاحظة الأخرى.... لماذا لم يكن حوار الدوحة لقاءا وطنيا جامعا ما بين الكل الوطني الفلسطيني ليعكس بالتالي حالة اجماعية شاملة للموقف الفلسطيني...؟؟ وذلك بهدف الخروج واخراج الواقع الفلسطيني من حالة الإستقطاب الثنائي الخطير ما بين فتح وحماس.. على اعتبار ان احد اهم بنود التوافق الوطني تتعلق بقضية منظمة التحرير الفلسطينية وهي القضية التي تهم الكل الوطني بصرف النظر عن احجام القوى والفصائل في المجلس التشريعي....
بالعموم اتصور ان تفاهمات الدوحة الاخيرة لم تحقق ما يُراد لها تحقيقه على مستوى شروط القبول الدولي بانجاز الاتفاق والتوافق الرباعية وهو ما كان يطمح له اتجاه معين على الساحة الفلسطينية وحتى العربية وهذا يعني استمرار وتواصل ازمة الحصار السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية... مما يعني تواصل ضغوط دبلوماسية البيت الأبيض لتحقيق تنازلات فلسطينية ممكنة...
ان تفاهمات الدوحة مهددة بشكل او بأخر كونها قد قفزت عن الكثير من الحقائق على الساحة الفلسطينية ولعل اهمها اهمال باقي القوى والفصائل الفلسطينية العاملة على الساحة وان كانت كافة هذه الفصائل قد باركت الاتفاق والتوافق ودعمتها.... وفي هذا السياق نعاود طرح التساؤل مرة اخرى هل بالإمكان تسمية الحكومة القادمة بأنها حكومة وحدة وطنية بعد ان اتفقت حركتا حماس وفتح على كل شيء ...
كما اننا نتساءل ومعنا يطرح مثل هذا التساؤل مختلف تشكيلاتنا الجماهيرية والشعبية ... هل كان ضرورياً تقديم كل هذه التضحيات والخسائر على مختلف الأصعدة للوصول إلى هذه التفاهمات ..؟؟ خاصة وأن الحوارات الوطنية التي بدأت بوثيقة الأسرى وصولاً إلى وثيقة الوفاق الوطني أرست الأسس والدعائم الأكثر وضوحاً وقوة لتوافق وطني يشمل البرنامج والحكومة والمنظمة وباقي مكونات البيت الفلسطيني في الوطن والشتات؟!.
ان التجربة الفلسطينية الإقتتالية الأخيرة المأوساية أكدت الحاجة إلى الكل الوطني في وقف الاقتتال أو على الأقل محاصرة النيران ومنعها من الانتشار لتحرق كل ما أنجزه هذا الشعب ولا يستطيع الطرفان (حماس وفتح منفردين) ضمان نجاح هذا الاتفاق في توفير الأمن والأمان للشعب وللقضية ...
اعتقد ان الخروج من واقع الانقسام يتطلب الجرأة والشجاعة ومواجهة الذات الوطنية الجمعية بأنه لابد من الحسم بمختلف القضايا ذات البعد الاستراتيجي حيث لابد من الاعتراف ان البيت الفلسطيني الجامعة وفقا لتقاليد واعراف المرحلة قد بات لا يصلح لمواجهة قوانين المرحلة ذاتها، ولابد من الاعتراف ان هذه الروافع التنظيمية قد اصبحت بالية لا تقوى على مواجهة متطلبات النهوض بالمسألة الوطنية .. حيث ان هذه الفصائل و القوى قد اضحت عبء على الشعب ولا تقوى حتى على حماية ذاتها وتجديد اطروحاتها ...
وهنا ايضا لابد من الحديث بشكله الصريح والعلني ... ان منطق القوة والاختطاف وممارسة القبضة البوليسية سواء أكان هناك بإمارة غزة او هنا بحاكمية رام الله قد اضحى العنوان الابرز للسمة الفلسطينة العامة الأمر الذي يعني منطق القوة لفرض الرأي ووجهة النظر تقوم على اساس ديكتاتوري فرعوني من الطراز الأول ... ولابد من اعادة اعتبار للمنق الوطني النضالي الكفاحي لمواجهة الاحتلال ومخططاته التي لا تخفى على احد ولا تخفى على قادة الانقسام ومراكز القوى وهنا نستطيع القول جهرا ان تفاهمات الدوحة لم تأتي بالمطلق على ما يقوم به الاحتلال بالاراضي الفلسطينية المحتلة ولم يتطرق للحد الأدنى من البرامج المطلوبة لمواجهة هذه السياسات ...
اذن هي تفاهمات لإدارة الواقع وقوانينه ليس اكثر لضمان سيطرة مراكز القوى هنا وهناك على المرحلة ولإبقاء القبضة البوليسية هي صاحبة اليد العليا ... ولمحاولة اخماد اي حراك من شأنه التصدي لإقطاب معادلة الانقسام وحيثياته ...