الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

التعليم كإستثماروأولوية.تقريراللجنة العليا خطوة.والثانيةالمجلس الأعلى

نشر بتاريخ: 11/02/2016 ( آخر تحديث: 11/02/2016 الساعة: 11:07 )

الكاتب: احمد حنون

ملف التعليم في فلسطين كما في كل دول العالم يعتبر من الملفات الشائكة التي يصعب فتح بابها لمحاولات الإصلاح بسهولة ، ومع ذلك لم يكن اهتمام الحكومات السابقة كافيا لوضع التعليم كأولوية اولى على جدول اعمال الحكومة الفلسطينية لا من حيث الموازنة او من حيث الاهتمام الا ان مبادرة دولة رئيس الوزراء الاستاذ الدكتور رامي الحمد الله عكست تغييرا مهما في اعتبار ان التعليم استثمار وأولوية ، حيث بادر الى تشكيل اللجنة العليا لمراجعة المسيرة التعليمية في فلسطين بتاريخ 24/10/2013 برئاسة وزير التربية والتعليم العالي د. علي ابو زهري ومن ثم الوزيرة د. خولة الشخشير وعضوية الوزير الحالي د. صبري صيدم وبمتابعة مباشرة من رئيس الوزراء ، وبعضوية عدد من والشخصيات الاعتبارية والكفاءات المهنية لمراجعة حيثيات النظام التعليمي الحالي وتطوير منهجية واضحة للاصلاح التربوي تواكب التطور العالمي في كل مستويات التعليم العام والعالي المهني والتقني والمفتوح ، مع التركيز على نقاط القوة والضعف في نظام التعليم ، والأهم هو تطوير نموذج للنهوض بالتعليم في فلسطين ، على اعتبار ان التعليم استثمارا وطنيا وأساسا ومحركا لعملية التنمية الشاملة ، وقد استمر عمل اللجنة ما يقارب السنة والنصف باجتماعات دورية حتى تم انجاز تقرير تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني برئاسة الاستاذ الدكتور رامي الحمد الله في اجتماعه بتاريخ 25/02/2015 تحت عنوان تقرير اللجنة العليا لمراجعة المسيرة التعليمية في فلسطين ، والتنسيب الى السيد الرئيس بتشكيل المجلس الاعلى للتعليم برئاسة السيد الرئيس ، الأمر الذي يعبر عن مدى الشعور بالمشكلة والازمة التعليمية التي تمر بها فلسطين دونما إختلاف على التشخيص وفقا لكافة التقارير السابقة التي درست وضع التعليم في فلسطين ، ولكن الاهم ان ما جاء في عرض التقرير على مجلس الوزراء ان التعليم في حالة تراجع كبير يتطلب اجراءات فورية مستعجلة مباشرة وفقا للعرض الذي قدمته نائب رئيس اللجنة د. سائدة عفونة مديرة مركز التعلم الالكتروني في جامعة النجاح الوطنية .

تقرير اللجنة العليا لمراجعة المسيرة التعليمية في فلسطين
إن التعليم بوضعه الحالي لا يلبي معايير الجودة المتعارف عليها هذا وفقا للتقرير ، وبحاجة ماسة إلى إصلاح شامل لجميع قطاعاته ، فالمناهج الحالية مثقلة بالمعلومات، والمواد الدراسية تعتمد الحفظ والتلقين والتعلم عن ظهر قلب، وتركز على المعارف ومهارات التفكير الدنيا، وتهمل التطبيق ومهارات الحياة والتفكير العليا، فهي لا تعزز الإبداع والتحليل الناقد وحل المشكلات، ولا تتطرق إلى التعليم الريادي. كما أن البيئة المدرسية لا تشجع البحث والاستقصاء، ولا تلبي احتياجات المتعلمين المختلفة تبعاً لتطور نمائهم، وتعدد ذكاءاتهم، واختلاف قدراتهم وبيئاتهم".

وأوضح التقرير أن "أساليب التقويم المتبعة في المدارس الفلسطينية هي أساليب تقليدية لن تساهم في تحسين جودة التعليم، ولا في حل المشكلات والمساهمة في بناء مجتمع، فالنظام التعليمي مبني لتهيئة طالب قادر على النجاح بامتحان الثانوية العامة ( التوجيهي) ، من خلال حفظ مجموعة من المعلومات، حيث ان نسبة الملتحقين بالفروع الأكاديمية وبخاصة فرع العلوم الإنسانية الأدبي تصل إلى( 76% )، أما الفرعان العلمي والمهني، فإنهما لا يلبيان متطلبات التحول لمجتمع المعرفة وانتاج التكنولوجيا ، والاهم بتقديري ان يكون نظام التعليم منافسا عربيا واقليميا من مخرجات التعليم العالي من حيث امتلاك الخريج للمهارات والقدرات اللازمة للمنافسة ، وخصوصا في ظل تقرير البنك الدولي حول حاجة منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى 80 مليون وظيفة حتى عام 2020 للابقاء على معدل بطالة 25% .

أشار التقرير الى ان المعلمين يعانون من أوضاع وظيفية ومهنية منها انخفاض متوسط راتب المعلم ، رغم قرار الحكومة بفتح التدرج للمعلمين ، وتراجع مكانته الاجتماعية وقلة دافعيته ، ... وقلة الصلاحيات المعطاة للمعلم والمركزية الشديدة والبيروقراطية.
وللنهوض بالتعليم لا بد من بناء النموذج مبني على رؤية تربوية فلسطينية واضحة تعزز منظومة القيم والمهارات الحياتية واكتساب المعارف وإنتاجها بتوظيف للوصول إلى التحرر والتنمية، وتحسين أوضاع المعلمين الوظيفية، والتحول للامركزية في التعليم، وإشراك المجتمع في العملية التعليمية ".
وأكد التقرير ضرورةوجود قانون للتعليم ، وتعزيز "قدرة نظام التعليم العام، بشقيه الأكاديمي والمهني ودمج التعليم المهني والتقني مع التعليم العام ، ومعالجة ضعف التواصل الحقيقي بين المدرسة وأولياء الأمور والمجتمع المحلي في القضايا التربوية.

التجارب العالمية ... فرنسا ، اليابان ، سينغافورة
وهذه ليست أول أزمة ( نقاش) تعيشها الأوساط التعليمية والسياسية في العالم ، فقد تراجع تصنيف فرنسا فى مستوى التعليم المدرسى لتحل فى المركز الخامس والعشرين على المستوى العالمى، حيث ذكر تقرير منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية الأوروبية أن فرنسا تراجعت إلى الترتيب ال25 فى تصنيف "بيزا" "برنامج تقييم الطلاب العالمي" الذى يقيم كل ثلاث سنوات الطلاب الذين تبلغ أعمارهم 15عاما فى العالم، وخاصة فيما يتعلق بمواد الرياضيات التى جاءت مخيبة للآمال ، وكذلك في الولايات المتحدة الامريكية في العقود الماضية شهدت أزمات مماثلة ، في حين يعتبر التعليم في فنلندا الذي تبلغ فيه نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية 100% هو الثروة والاستثمار لدولة غير نفطية ناتجها المحلي القومي يعادل ثمانية دول عربية ، وتجربة نيوزيلاندا ، واستراليا الافضل في العالم وفقا لتقرير الامم المتحدة ، وكذلك فان التعليم في اليابان كنموذج مهم في العملية التربوية والتعليم ، وسينغافورة تجربة ونموذجا مهما في العالم وللدول العربية حيث " وجهت موارد الدولة للتعليم فتحولت سينغافورة من دويلة فقر وفاسد ومرض وجريمة بيعت فيها مناصب الدولة لمن يدفع مديونة في الستينات ... ، قال الجميع الاصلاح ( مستحيل ) فكان التعليم هو سر النجاح في تحول سينغافورة الى واحدة من اسرع الاقتصادات نموا في العالم " وفقا لي كيوان يو مؤسس سينغافورة ، مع عدم اغفالنا للوضع السياسي سواء للبلدان التي نجحت تجربتها او البلدان التي تلحق في ركب التطور وما تلقته من دعم خارجي ، ذلك لان الاستقرار السياسي هو احد اهم مؤشرات زيادة نسبة المخاطرة التي تقوم عليها الاستثمارات في اي بلد وفي السياق نفسه على اعتبار ان التعليم استثمار ، وبذلك فنحن نتحدث عن مخاطر سياسية وتحديات وقصور ومخاطر النظام والامكانيات في تجاوز تلك التحديات من خلال الادارة للتغلب على العقبات والتحديات غير المتعلقة بالوضوع الغير مستقر سياسيا وامنيا بسبب وضع عدم الاستقرار الذي تعيشه المنطقة وكذلك حالة تهديد النظام ، وندرك تماما ضرورة تعزيز حالة الصمود الفلسطيني في تحدي ومقاومة مخطط التجهيل الاسرائيلي لفلسطينيين وان اسرائيل لا ترغب ان ترى الحالة الفلسطينية حالة متميزة ، وتسعى بكل جهدها لأسرلة التعليم في مدينة القدس العاصمة الفلسطينية ، وتقدم الاغراءات الكبيرة لإلحاق التعليم الفلسطيني في مدينة القدس ببلدية الاحتلال .

خطة خارطة طريق فلسطينية للتنمية الشاملة والنهوض
وفي مقارنة سريعة وفي اطار التخطيط الاستراتيجي المستمر فان خلوة التفكير والتخطيط الاستراتيجي في دولة الامارات العربية المتحدة كجهة مسؤولة عن التخطيط الاستراتيجي اقرت تغييرات هيكلية الحكومة لدعم التعليم "تشمل دمج وزراتي التربية والتعليم والتعليم العالي تحت وزير واحد ، " إنشاء مؤسسة الإمارات للمدارس لإدارة المدارس الحكومية بصلاحيات واستقلالية شبه كاملة للمدارس الحكومية" وفق ما اعلنه الشيخ محمد بن راشد ، في حين اعلن عن "تشكيل مجلس أعلى للتعليم والموارد البشرية للتخطيط والإشراف على قيادة تغيير كامل في الكوادر الوطنية المستقبلية"، الامر الذي يتطلب وجود عنوان يتحمل مسؤولية التخطيط في فلسطين كونه حلقة مفقودة في رسم السيناريوهات المستقبلية ، والمهم ان تأخذ هذه التوصيات طريقها للتنفيذ بعد اعتمادها من مجلس الوزراء بتشكيل المجلس الاعلى برئاسة السيد الرئيس ، وصولا الى إدارة عملية التغيير والتطوير وفقا لجدول زمني بخطة خارطة طريق واضحة متكاملة يكون التعليم جزء منها .