نشر بتاريخ: 19/02/2016 ( آخر تحديث: 19/02/2016 الساعة: 11:16 )
الكاتب: المحامي سمير دويكات
نكتب في هذا ليس مجاملة أو اعتلاء صرخة نطق بها المعلمون، فقد تفاجأ الجميع وأنا شخصيا من قدرة المعلمون على التأثير وجلب هذا التعاطف بعيدا عن اتحاد مهزوم وفاشل في مهامه كما ظهر للجميع، ونساند المعلمين ونطلق صرخة الجياع ليس مناكفة في احد أو إعطاء قوة لأحد، بل لأنني امتلك بعض الكلمات التي استطيع انطق بها، وقد كتبنا قبل ذلك في الموضوع مراراً وتكراراً، ومثال بسيط عندما نعرف أن إيجار شقة في رام الله حسب ما قالت لي سيدة هو 700 دولار بينما راتب المعلم الجديد قد لا يتجاوز 500 دولار، لن أضيف شيئا بعد هذه الأرقام حول الحالة، وكما سبق أن قرأنا وسمعنا أن الإحصائيات تقول بان معدل الفقر حوالي 25% ومعدلات البطالة 28% وتتغير من منطقة فلسطينية إلى أخرى، كلها معطيات مذهلة وصادمة ورهيبة، تحتاج الكثير والكثير والكثير. فمنطقها يحتاج التخطيط والدراسة لا التهديد والاعتقال.
وكذلك لا منية من احد أيا كان المسئول، وأيا كان يشغل فهو لم يدفع ولن يدفع من جيب أهله، لدينا دولة اسمها فلسطين، ولدينا شعب، ولدينا مدن وقرى واقتصاد وقضاء ومؤسسات وغيره، ومن لا يستطع أن يتحمل المسؤولية فعليه أن يتنحى، ولم تعد الوطنية شماعة لأي احد ليحرمنا من حياتنا أو حقوقنا أو يسلب لنا هناءة أطفالنا ويجعلهم ضحايا الشوارع والجهل، فنعرف الجميع أن مؤسسات الدولة معظمها مترهلة ليس إلا لسوء التعيين وسوء الإدارة، ومن يشك في ذلك فليقرأ وليتابع، فلم يعد حكم العشائر والقبيلة والرجل الأعظم يلبي حاجاتنا أو لديه القدرة لتحقيق حلمنا أو تنمية طموحنا، كل ما يحصل ويصير في البلد يعرفه القاصي والداني ولا احد يحرك ساكنا، وفي النهاية يضعون كل شيء على شماعة الاحتلال. والاحتلال البغيض لن ينتهي دون إستراتيجية وطنية تقوم على احترام التضحيات وتقدير حقوق الناس وتعزيز صمودهم وإنهاء الانقسام.
وفي موضوع المعلمين، فان العجز المالي وغيره من المبررات لا تقوى على تسبيب عدم صرف 10 بالمائة متفق عليها منذ أكثر من خمس سنوات، فكل عام يضرب المعلمون لنفس السبب ولم تجر الحكومات في كل المراحل لحل مشكلتهم، فهم يستحقون زيادة 100%، ويمكن تدبر ذلك بسهولة، فهم أولى من الإعفاءات التي تقدمها الدولة للمؤسسات، وهم أولى في العشرين شيكل التي غضت الحكومة النظر فيها والتي تجبيها شركة الاتصالات دون وجه حق. وهم أولى بسعر السلع من جشع التجار، وهي أولى من نثريات ومصروفات المسئولين، فالأسعار كالحديد ترتفع ولا تنزل حتى في ظل تراجعها عالميا، وهم أولى بتدريس وتربية أبنائهم وهذا ليس فقط محصور عليهم بل على جميع مواطني الدولة، فثورة الجياع قادمة لا محالة، لان الناس ذاقت ذرعا بالوضع الحالي. ولم تستطع تغطية مصاريفها لارتفاع البطالة والفقرة والأسعار معا.
كما أن ضرب القوانين بعرض الحائط ليس حل، فنقولها أن كل التوقيف والاستدعاء والمحاكمات على خلفية الإضراب أو غيره لرأي سياسي أو تعبير عن رأي، هي مخالفة للدستور والقانون ولا تحتاج لخبراء السلاطين لتبريرها، وعلى مؤسسات حقوق الإنسان وبالتحديد الحق والهيئة أن تقوم بدورها وفق القانون لا مجرد إدانات وبيانات.
ونهيب بالقضاء ورجال القانون أينما وجدوا في النيابة والمحاكم والوزارات أن يكون مرجعهم القانون وفق مبدأ العدالة، لا مبدأ الحزبية أو الفئوية أو التسييس أو الأمن، لان القضايا التي تعصف بالإنسان الفلسطيني كلها قضايا إنسانية.