نشر بتاريخ: 25/02/2016 ( آخر تحديث: 25/02/2016 الساعة: 10:11 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
طالعتنا وسائل الإعلام اليوم عن قيام الأجهزة الأمنية بنصب حواجز في أماكن مختلفة في مدن الضفة الغربية، وموثقة بالصور كما نشرت ذلك وكالة معا، بهدف منع المعلمين من الوصول الى مقر مجلس الوزراء لتنفيذ اعتصام امامه في رام الله، كما ذكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في بيان صدر عنها اليوم، وأنها وثقت حالات استدعاء من قبل الأجهزة الأمنية لعدد من ممثلي المعلمين، وقيام بعض أخر منها بالطلب من بعض شركات النقل عدم نقل معلمين الى رام الله، وسحب هويات بعض السائقين. هذه الإجراءات تمثل تقييد غير قانوني وغير مبرر على حرية الراي والتعبير وحرية التجمع السلمي وهي إجراءات تتناقض مع القانون الاساسي الفلسطيني والتعدي على الحق في حرية التنقل وفي التجمع السلمي وحرية الراي والتعبير. من الدرس في إضراب المعلمين التي يجب ان يستفيد منها الجميع كبيرة وتقرع الاجراس وفي المقدمة النظام السياسي الفلسطيني، لكن الواضح انه لن يستفيد منها خاصة السلطة الفلسطينية وحركة فتح ممثلة بقيادتها، فالإضراب كشف عورة وعجز كل القائمين على النظام السياسي والفاعلين في المجتمع، النقابات والاتحادات المهنية بمختلف مركباتها وتوجهاتها خاصة اتحاد المعلمين المنعزل عن الواقع. وعدم قدرته على فهم مطالب وحقوق المعلمين المستحقة والمحقة وإصرارهم على المطالبة فيها، وفشله كما النظام السياسي الذي يمثله عن قراءة الواقع، وان للناس حقوق وكرامة وفي مقدمتهم المعلمين الذين يأتون في ادنى السلم الوظيفي من جهة الرواتب والحقوق مقارنة بالموظفين الاخرين.
فالنظام السياسي الفلسطيني بجميع مكوناته بما فيها حركة حماس وفصائل اليسار وغير اليسار، واتحادات ونقابات استنفذت زمانها ومكانها وانتهى دورها منها بحكم السن ومنها بفقدان وفقدان الشرعية والمشروعية في بقائها بالحكم بالقوة، وعدم قدرتها على مواكبة التطورات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وهي تدعي تمثيل فئات من المفروض انها تمثلها، ولا تفهم ماذا يجري على الارض.
على الرغم من كل المتغيرات لم يمتلك النظام السياسي وممثله القيادة الفلسطينية التي يعيش ازمة اخلاقية وقانونية وحالة انكار والاعتراف بالواقع الكارثي، الجرأة والشجاعة للإقرار امام الذات بالعجز والفشل او في الحد الأدنى القيام بمراجعات نقدية واستخلاص العبر.
من يتحكم بمصير الناس قادة بلغوا من العمر عتيا، ولم يتنازلوا ويتحدثوا عن الديمقراطية والمشاركة في اتخاذ القرار، وهم إقصائيون واستبداديون، ومن الصعب تصديقهم ونحن نحيا في حال من التيه والبؤس، وهشاشة التفكير والأنانية المفرطة في الحزبية والتفكير في المصالح الشخصية.
مخيف أن يكون هذا هو واقع شعب يرزح تحت الاحتلال ويناضل من أجل الحرية والتحرر من الاحتلال وحقوقه مستباحة من نظامه السياسي، إنه الظلم والاستبداد والتوهان الذي يسيطر على الجميع و جماعات وأفراد خاصة النظام السياسي، ونعيش حالة عقلية وشعورية يصعب وصفها، وعلينا ان نتعايش معها. وهل مكتوب علينا الاقامة في الانفاق وانتظار مزيد من التيه والوهم والصبر على الاهوال الكارثية؟ أسوأ ما فينا عدم الاعتراف بالمسؤولية القانونية والاخلاقية عن الحال الذي وصلنا له والعصبية واتهام من يطالب بحقوقه بانه يسيس المطالب وادعاء سوء النية وكي الوعي باستغلال الدين في مواجهة المعلمين. نعيش في وسط سياسي واجتماعي منغمس حتى أذنيه في الإقصاء والاحتكار وانتهاكات حقوق الانسان وعدم قبول الأخر، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه للتحرر من كل ذلك، والنضال ضده ومواجهته بالاعتراف بالفشل والهزيمة، من اجل غرس الأمل في نفوس الناس، للانعتاق من تلك العبودية التي تسيطر علينا بأنماط سلوكية سياسية متوارثة، وما زالت قائمة على الانقسام والاتهام والتخوين والتنكر لحقوق الناس.