نشر بتاريخ: 25/02/2016 ( آخر تحديث: 25/02/2016 الساعة: 14:30 )
الكاتب: حيدر عيد
تنطلق هذه الأيام فعاليات أسبوع مقاومة الأبارتهيد الاسرائيلي في أكثر من 200مدينة بأسلوب خلاق للتضامن مع الشعب الفلسطيني بفئاته الثلاث (67, 48, و شتات) ,دون اعطاء أولويةلفئة على حساب أخرى . الفكرة الرئيسة للأسبوع الذي انطلق لأول مرة عام 2005, كانت في أساسها تقوم على مبدأ التركيز على الطبيعة العنصرية لدولة اسرائيل في تعاملها مع الشعب الفلسطيني ككل واحد, و التعامل مع سؤال تم اهماله من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية لفترة طويلة ألا وهو: هل ينطبق تعريف القانون الدولي للأبارتهيد على اسرائيل أم لا؟!
هدف نظام الأبارتهايد الجنوب أفريقي, وهو كالنظام العنصري الاسرائيلي وليد الاستعمار الاستيطاني المبني على أيديولوجيا إقصائية, إلى خلق إطار قانوني يحافظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية للأقلية ذات الأصول الأوروبية و العرق الأبيض. و بشكل لا يختلف كثيراً يهدف النظام الصهيوني إلى ترسيخ هيمنة للسكان اليهود بسبب هويتهم الدينية على حساب السكان الأصليين من ديانات أخرى.
إن مفهوم التفرقة العنصرية ممأسس في اسرائيل بالضبط كما كان في دولة جنوب أفريقيا العنصرية, و ذلك من خلال أكثر من 50 قانون أساسي سنتها الكنيست الاسرائيلي ضد فلسطيني ال48 و ال67, و من خلال عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحق عودة اللاجئين الذن شردوا من ديارهم عام 48 و بعده.
اذا فليس من الغريب أن تشعر المؤسسة الصهيونية الحاكمة بالخوف من نمو حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني و تبلورها في شكل مشابه للحركة الدولية لمناهضة الأبارتهيد الجنوب أفريقي. و بدا ذلك واضحا من التصريحات المتكررة للعديد من الوزراء الاسرائيليين و التقارير التي تقدم للحكومة الاسرائيلية من قبل مراكز بحثية مؤثرة. و يكمن السبب الرئيسي في أن فعاليات هذا الأسبوع تأتي استجابة لنداء المقاطعة و عدم الاستثمار و فرض عقوبات (2005) الذي أطلقته أكثر من 170 مؤسسة مجتمع مدني في فلسطين المحتلة و الذي يدعو لمقاطعة اسرائيل حتى تستجيب لقرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس الشرقية, و تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 المتعلق بعودة اللاجئين, و انهاءسياسة التفرقة العنصرية الممارسة ضد فلسطينيي ال48. و قد تم التركيز على أن هذه المطالب القانونية تأتي كرزمة واحدة كونها تمثل الحقوق الأساسية لكل الشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاث.
هذا و قد اتضح مدى القلق الاسرائيلي من فعاليات أسبوع مقاومة ألابارتهيد هذا العام من القرارات المتلاحقة التي تتخذها اسرائيل بشكل سري و علني, منها تخصيص 100 مليون شيكل لمحاربة حملة المقاطعة الفلسطينية التي تقود الحملة العالمية, إرسال رسل للدول التي ستنطلق فها فعاليات هذا الأسبوع لمواجهتها في الجامعات و لتسويق صورة اسرائيل على أنها دولة (ديمقراطية, محبة للسلام) وأ نها دولة ثقافات و أجناس متعددة, و أن هناك (مساواة), و بالتالي فان وصف اسرائيل بالعنصرية خاطئ! و المثير للشفقة في كل هذه المحاولات الدعائية التي أصبحت تشرف عليها وزارة الشئون الاستراتيجية بعد فشل حملة (الهسبراه), التي كانت تتولى حقيبتها وزارة الخارجية, هو محاولة تبييض وجه اسرائيل الملطخ بدماء أطفال فلسطين من خلال استخدام بعض الأصوات النشاز,فلسطينية وعربية, فتقوم على صعيد المثال باستضافة صحافيين عرب من أوروبا, أو الترويج للقاء السفير المصري في القاهرة مع إعلامي و عضو برلمان مشكوك في قدراته العقلية! كل ذلك في محاولة مستميتةلإبراز الوجه (الحضاري) لاسرائيل! و هذا الضبط ما كان يفعله نظام الأبارتهيد العنصري في جنوب أفريقيا من خلال ضم لاعب أسود لفريق الرغبي الوطني, أو الكريكيت, في محاولة لغسيل جرائمه البشعة!
و يتميز الأسبوع هذا العام في غزة برونق خاص, فهي محاصرة منذ عام 2007, و لا زالت تلعق جروحها من 3مجازر, و تغرق في ظلام دامس لا يبدو له نهاية, ولكنها تأبى الا أن تبرز وجهها الجميل.ففي بادرة تحمل رمزية عالية سيقوم بافتتاح الأسبوع هذا العام البروفسور ريتشارد فولك، مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة السابق والمؤيد لحركة مقاطعة إسرائيل BDS بكلمة رئيسية، يتطرق خلالهالأهمية الحملة و دورها الريادي في مواجهة الجرائم الاسرائيلية. كما سيتم عرض رسائل مصورة قصيرة من أبرز نشطاء وناشطات في حركة المقاطعة وشخصيات عربية وعالمية مؤيدة للقضية الفلسطينية. وسيتخلل الافتتاح فقرات غنائية. كما ستنظم عدة ندوات حول حركة المقاطعة بمشاركة عربية من حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان, بالإضافة لمشاركة من فلسطيني ال48 في ندوة نقاشية حول دور فلسطينيي الـ 48 في النضال الوطني الفلسطيني والحلول السياسية. كما سيتم اختتام الأسبوع يوم الخميس 10 مارس بعرض فيلم المطلوبونالـ 18. و سيتم افتتاح معرض لصور و أعمال فنية متميزة عن الانتفاضة الباسلة.
إن تحول قطاع غزة من بانتوستان (معزل عرقي) بسبب اتفاقيات أوسلو (1993) الى أكبر معسكر اعتقال على سطح الكرة الأرضية بسبب الحصار و الاحتلال و الانقسام, معسكر يفتقر لمقومات الحياة الرئيسية من كهرباء و ماء و دواء, لن يحول دون مشاركته, بتميز, في فعاليات تكتسب زخما عالمياً كل عام بشكل تراكمي سعياً للوصول الى إحقاق قائمة حقوقنا كاملة من حرية و عودة و مساواة. و على وزارة الشئون الاستراتيجية الاسرائيلية أن تعي أن الجيل الفلسطيني الجديد قد كسر حاجز الخوف بلا عودة, و أن كونه قد ولد لأمهات غير يهوديات لا يقلل من حقوقه الأساسية. و ما أسبوع مقاومة الأبارتهيد و الاستعمار الاسرائيلي إلا محطة مقاومة رئيسية يقوم بها هذا الجيل في إطار المقاومة الخلاقة الشاملة في مواجهة الاستعمار الاستيطاني و التطهير العرقي.