نشر بتاريخ: 28/02/2016 ( آخر تحديث: 28/02/2016 الساعة: 12:02 )
الكاتب: رامي مهداوي
نتعامل مع قضية المعلمين بأنها قضية خاصة بهم وعلى الحكومة_الحالية_ أن تجد حل لهم، ولم ننظر بأن هذا الملف كباقي الملفات والقضايا التي تواجه مجتمعنا كونها أزمات متراكمة منذ عقود_ منذ نشأت السلطة الفلسطينية_ . وتعاملنا مع هذه الأزمة وأي قضية بالحلول الجزئية أو تأجيلها وعدم معالجتها. كما ذكرت في مقالي الماضي بأن المعلم هو جزء من سياق مجتمعي بدأ يستيقظ على مطالبه، فمن قال بأن الممرضين ليس لهم مطالب؟ الأطباء؟ أساتذة الجامعات؟ الصيادلة؟ المهندسين؟ الموظفين في الوظيفة العمومية؟! أبناء الأجهزة الأمنية؟!
ان ما خرجت به بعض الأصوات هنا وهناك زاد اشتعال النار جنوناً ولم يعالج القضية؛ وكأن القضية أصبحت قضية شخصية بين عدد من المختصمين يريدون الانتفاع من هذه المشكلة لأجنداتهم الخاصة على حساب الوطن ككل كأن القضية تعني المعلمين وحدهم، وتلك الأصوات أدانت ذاتها بذاتها ويجب محاسبتها على ذلك من خلال ما صرحت به لوسائل الإعلام، أو من خلال استخدامهم أدوات وخطط وأدوية يجب أن لا تستخدم نهائي في مثل هكذا أزمة. ومن زاوية أخرى نُشر خلال الأيام الماضية عدد من المبادرات لعلاج الأزمة لكن حسب وجهة نظري هي حلول تقليدية، مثل العلاج الموضعي والمسكن فقط لا غير، بالتالي سينزف الجرح في السنوات القادمة وسيكون الجرح ملتهب مما سيؤدي الى البتر كأفضل وسيلة للعلاج.
لنفكر خارج الصندوق... في زيارة الى اخي الأسير المحرر نعيم ابو الكعك، تحدثنا عن الواقع الحالي كثيراً، لكنه قال لي ما لم اسمعه من أحد غيره قائلاً" لم أقم بالنقد وشتم الواقع، حاولت في المساحة الخاصة_مطعم كاستيلو _ أن أساهم في الدعم من خلال الخصم على الفاتورة المعلمين 15% والطلبة 20% من مجمل الفاتورة". وهنا مربط الفرس، ربما الحكومة لن تستطيع دفع 100 شكيل لكل معلم لكنها تستطيع أن توفر على المعلم 500 شيكل شهرياً على الأقل. علينا النظر بشكل أوسع الى الامور وبشكل غير تقليدي حتى نستطيع أن نعالج الأزمة و/أو الأزمات القادمة. ما هو مطلوب الآن العمل على إيجاد _وربما خلق_ نظام وهيكلية وأدوات جديدة لمعالجة الأزمة المالية لكافة شرائح المجتمع ولنبدأ بالمعلم.
وهنا يولد العديد من الأسئلة أهمها: أين المجتمع من تحمله المسؤولية في ظل عجز وضعف المؤسسة الحكومية من إيجاد بدائل؟؟ أنا هنا لا أعفي الحكومة من مسؤوليتها في إدارة الأزمة ومن واجبها وأهمها محاربة الفساد المالي والإداري ووضع سياسات تقشفية من فوق الى أسفل وليس بالعكس وأيضاً مراقبة ومحاسبة وإعادة هيكلة بعض المؤسسات شبه الحكومية التي أصبحت راتب مديرها الشهري يقارب ما مجموعه راتب أكثر من 27 معلم أو أكثر بالشهر!!
أين المجتمع في علاج الأزمات أيضاً؟! أين المجتمع من إصلاح التعليم وجودته، هناك العديد من التجارب التي أثبتت نجاح المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي، وذلك من خلال المشاركة الفاعلة وإتاحة الفرص الحقيقية لإفراد المجتمع من أسر، ومجالس أباء، ومعلمين، وأفراد، وقيادات مجتمع، للمساهمة والمشاركة في المهام والتخطيط المدرسي. أين القطاع الخاص على جميع المستويات من تخفيف الفاتورة الشهرية على المعلم: دواء، مواصلات، إتصالات، غذاء، ملابس، أجهزة كهربائية، الغاز، الكهرباء..... الخ.
نعم بإمكان الحكومة أن تقلل من مدفوعات وفاتورة استهلاك المعلم 500 شيكل أقل شيء لكنها لا تستطيع أن تدفع له 100 شيكل، ما قام به صديقي نعيم هو فعل بسيط لكن هذا ما يستطيع أن يقدمه، لنتخيل لو كان هذا العمل منظم بطريقة أن لكل معلم بطاقة يستطيع أن يشتري بأسعار معينة، وله خصومات معينة، وله عروض مختلفة ومميزة، وبالإمكان إعفاؤه من بعض القضايا التي يتسطيع القطاع الخاص أن يتحمل جزء من هذه النسبة.
الأفكار كثيرة، لكن هل نحن نريد أسهل الطرق للعلاج أم بإمكاننا التفكير خارج الصندوق ونعيد ترتيب الأمور بشكل مختلف غير تقليدي حتى لو كان متعب، لنبدأ بقطاع المعلمين وننتقل لمختلف الشرائح التي هي بحاجة الى من يهتم بقضاياها المجتمعية، لنعيد الاعتبار بواقع المنظومة ككل للخروج من الأزمة والأزمات القادمة...