الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

شباب غزة ما بين الهجرة والتحرير

نشر بتاريخ: 01/03/2016 ( آخر تحديث: 01/03/2016 الساعة: 23:38 )

الكاتب: إبراهيم المدهون

لا يوجد ظاهرة هجرة أو نزوح مخيفة ومقلقلة لشباب قطاع غزة وهناك تهويل في التصريحات والتقارير والأرقام، فشباب غزة بأغلبيتهم الساحقة متمسكون بأرضهم متثبتون بقضيتهم يحملون هماً وطنياً يدفعهم للتضحية والفداء، وقد أثبتوا خلال العدوان الأخير أنهم قادرون على فعل المستحيل وتحويل الأحلام إلى واقع.
الشباب هم من أعدوا واستعدوا فحفروا الأنفاق وتدربوا على المواجهة بصبرٍ وتأنٍ، وصنعوا السلاح، بل بدأ الشباب بخطوات نحو تكنولوجيا مقاومة يتفوقون بها على جيش الاحتلال، ووجدنا شباباً واثق ثابت راسخ يهزم الشباب الإسرائيلي في الميدان العسكري وغيره من الميادين.
لقد أبدع الشباب على سبيل المثال لا الحصر في ساحة الإعلام الجديد، فقد انتشر نشطاؤنا في المواقع والميادين الإعلامية والافتراضية يكتبون ويناقشون ويرصدون ويوثقون أحداث الانتفاضة ويدعمونها وينافحون عنها ويبدعون في إيصال الخطاب الفلسطيني والرؤية الوطنية فكانوا سندا وعونا لإخوانهم في الضفة الغربية.
لهذا أتشكك من هذا التضخيم الإعلامي لنوايا هجرة أهالي غزة وشبابها، وأظنه يأتي انتقاماً من إبداع ونجاح شبابنا في المواجهة وتفوقهم بمجالات مختلفة حتى أبهروا شعبهم ومحيطهم، فهو لا يصب إلا في صورة قهر الشباب وتجاهل حقيقتهم وأفعالهم وإنجازاتهم وطموحهم وأحلامهم، ويمس سمعة الروح الوطنية المتقدة في نفوسهم والمترجمة عبر صبرهم وصمودهم ونضالهم، وإن كان هناك حالة خروج وهجرة لمجموعة هنا أو هناك فهذا أمر طبيعي يحدث في كل البلدان العربية والعالم الثالث، خصوصاً إذا ما زدنا عليه الحصار الخانق وإغلاق معبر رفح ومنع العمالة والبناء، وتلكؤ حكومة الوفاق وتمييع دورها في حل الإشكالات، وما زادت عليه الحرب من تدمير المصانع وتخريب ما تبقى من بنية اقتصادية.
ليس عيبا أن يطمح الشاب للبحث عن مكان آخر إن استحال إيجاد وظيفة وفرصة عمل يستطيع من خلالها تأمين الحد الأدنى من حياة كريمة، وهذا يحدث في كل البلدان المتأخرة اقتصاديا، فطاقة الشباب وقدرتهم أكبر من الفرص والإمكانات، ولينتبه الشاب الذي يفكر بالخروج أن الطريق خارج غزة ليست مفروشة بالورود بل إنها وعرة وقاسية وغير مأمونة العواقب.
هناك من يروج ويشيع على غير هدى أن البلاد لو تفتح سيهاجر معظم الشباب وهذا الأمر غير صحيح، فلو فتحت البلاد وبدأ الإعمار والعمل فستتحول غزة لورشة جاذبة وسيجدونها المكان المفضل لهم ولمن خرج من قبلهم.
الجميع يتجاهل أن غزة قدمت نموذجاً راقياً في مواجهة الحصار والاحتلال، ولو سُمح للشباب العربي بالقدوم لها لرأينا مئات آلاف الشباب المتعطش للحرية والكرامة يتدفق ليعيش بطولتها ويشارك أهلها صنيعهم، فغزة البقعة الجغرافية الصغيرة المحاصرة المعزولة المُحاربة هي كبيرة جداً في عيون وقلوب أحرار العالم.