نشر بتاريخ: 03/03/2016 ( آخر تحديث: 03/03/2016 الساعة: 15:51 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
ومن نكد الدنيا علينا، أن قضيتنا وأزماتنا تحل بالتسهيلات والانفراجات الإنسانية، مرة تسهيلات إسرائيلية وأخرى فلسطينية وعربية ومصرية وأممية، أي فرج وأي تسهيلات هي القادمة!
السلطة برأسيها حركتي فتح وحماس تمارسان الاستعلاء على الناس، وتشاركهما الفصائل في عجزها مرات وتواطؤها احياناً، فالسلطة تحتكر استمرار الانقسام والمفاوضات والمقاومة والحقيقة والفشل، وغير مؤمنة بالحق في تعميم وتداول الحوار والنقاش الوطني والمعلومات والحصول عليها، وتمنح الناس ما تريد ان توصله لهم حسب مصالحها، ولا تكتفي بذلك، بل تمارس الانتهاكات والقمع التضييق على حياتهم والتنكر لحقوقهم وحرياتهم.
المتابع للشأن الفلسطيني في العشر سنوات الاخيرة وهي تقريباً عمر الانقسام، يلاحظ تعظيم الأزمات والمشكلات، بدل من فكفكتها بل انها تزداد تعقيدا خاصة فيما يتعلق بحياة الناس في فلسطين عموما وقطاع غزة بشكل خاص، وبدل من حل الازمات يتم تصديرها تجاه الناس، وما لذلك من انعكاسات خطيرة عليهم وتعميق الازمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تقوض سبل الاستمرار في حياتهم كبشر اسوياء ولهم حقوق يجب الحصول عليها.
ويثار الجدل حول كل قضية من قضايانا التفصيلية الحياتية وليست القضية الوطنية التي ركنت على الرف بفعل المنقسمين ومناكفاتهم اليومية التي أرهقت الناس وافقدتهم الامل واليقين. يغضب كثير من الفتحاويين عندما يتم توجيه النقد للرئيس محمود عباس وحركة فتح وسلوك الرئيس تجاه غزة برمتها وليس ضد حركة حماس فقط، مع انه أصبحت هنا في غزة قناعة راسخة ان الرئيس وبعض المتنفذين في السلطة يعملون بشكل مستمر للتضيق على الناس، وهناك مؤشرات كثيرة لا أريد سردها فبإمكان أي من الاصدقاء الفتحاويين المحسوبين على الرئيس، وليس الدحلانيين أن يذكرها بموضوعية.
ما ذكره التلفزيون الاسرائيلي ان الرئيس عباس رفض الموافقة على مشروع مد خط كهربائي جديد لقطاع غزة، وتصريحات مسؤولين في السلطة حول إقامة ميناء في غزة وعدم تخويلهم لأي جهة للحديث باسمهم عن مطار أو ميناء بطريقة غير مفهومة، وتشير فقط انها تضييق على الناس، ولا تؤسس لاحترام حقوق الناس حفظ كرامتهم.
وبعيداً عن الهجوم التي تشنه حركة حماس وانصارها على فتح والرئيس بخصوص هذا الموضوع وغيره، وهنا لست بصدد تصديق أو تكذيب وسائل الاعلام الاسرائيلية، فمعظم أخبار السلطة نتلاقها من الاعلام الاسرائيلي وكثير من المسؤولين الفلسطينيين لهم علاقات مميزة مع الاعلام الاسرائيلي وصحافيين اسرائيليين من اولئك الاكثر كراهية للفلسطينيين وتحريضا عليهم ونشر الشائعات على السلطة ومسؤوليها.
والسؤال الدائم بين الناس ومنهم كثيرين من الفتحاويين ما مصلحة السلطة والرئيس عباس في التضييق على غزة؟ هل هو الضغط على حماس وزعزعة حكمها أم هي مصالح شخصية وكراهية لغزة.
لم يعد الموضوع إقامة ميناء ومطار ومد خط كهربائي إضافي أو استعادة غزة لحضن الشرعية او سجال ومناكفات سياسية، بقدر ما هو تنكر لحقوق الناس ومعاناتهم وتقويض حياتهم وقدرتهم على العيش الكريم، وازمات متلاحقة وأوضاع انسانية مأساوية.
لماذا لا يكون مطار وميناء وزيادة إمداد غزة بالوقود والكهرباء واصلاح شبكة الكهرباء المهترئة؟ أم اننا في غزة ليسوا بشر؟ نحن نعيش جحيم بما تعنيه الكلمة من معنى، إسرائيل لا تمنحنا أي شيء الا لمصلحتها الامنية والاستراتيجية، وادرك خطط اسرائيل وفصل غزة، وخطورة إقامة ميناء حسب المواصفات الاسرائيلية، هذا اذا وافقت اسرائيل. مشوارنا طويل ومر وقاسي للأسف مع انفسنا، ومع الاحتلال اطول وأشد مرارة واكثر شراسة؟ لماذا لا يتم البحث في مصالح الناس والتخفيف عنهم وتوفير فرص العيش الكريم للناس وحفظ كرامتهم طالما الانقسام مستمر وفشلنا في رفع الحصار، واصبحت حياتنا تسهيلات؟ أم ان الاستعلاء هو سيد المشهد.