الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مصر وحماس وآفاق العلاقة

نشر بتاريخ: 04/03/2016 ( آخر تحديث: 04/03/2016 الساعة: 11:49 )

الكاتب: إبراهيم المدهون

أخطأ النظام المصري حينما ناصب حماس العداء من أول يوم، واعتبر الحركة مشكلة يجب التخلص منها، فحماس حركة تحرر وطني أولا وأخيرا ولها تجربة سياسية متراكمة، وقبول وطني وعربي وإسلامي واسع، وامتداد إقليمي ودولي، وهي رأس حربة مشروع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، كما تمتلك جيشا قويا يربك المعادلة في حال حرك جبهة غزة مع الاحتلال الإسرائيلي، لهذا كل محاولات التضيق والخناق ومعاداة حماس وتشويه صورتها وتجاوزها قد فشلت، وليس أمام النظام إلا الاعتراف والعمل على قاعدة "حماس عنصر مركزي ورئيسي في القضية الفلسطينية".

والذي يشجع على هذا، استراتيجية حماس القائمة على المبادرة الإيجابية تجاه التحرك العربي الرسمي والشعبي بالإضافة لنأي نفسها عن الصراعات الداخلية الإقليمية، والتركيز فقط بصراعها مع الاحتلال، كما أن حماس تدرك موقع القضية الفلسطينية في الأمن القومي المصري وحساسية هذا الأمر، مع استشعار واضح لأهمية دور مصر التاريخي.
ولهذا ما كشفه القيادي في حماس أسامة حمدان عن وجود اتصالات، تجريها حركته مع السلطات المصرية، لتطوير العلاقة الثنائية بين الجانبين تصب في المسار الايجابي المتبع، فحركة حماس بلا شك تسعى وفق قوله لتطوير هذه العلاقة والبناء عليها بما يخدم عمق مصر وأمنها القومي ومصالح الفلسطينيين، وإعادة ترتيب وصياغة معادلة تصلح لمواجهة جرائم الاحتلال الاسرائيلي وأطماعه.

فمقاومة المشروع الصهيوني مصلحة استراتيجية عربية، وصمود حماس يحمي المنطقة من استشراس العدو الإسرائيلي، وبهذا فإن وجود حماس واستمرارها بمنهجها المقاوم هو مصلحة شاملة للقضية الفلسطينية وللعمق العربي، وللتوجه الإسلامي العام بل للحالة الانسانية التي ضاقت ذرعا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.

منذ سيطرة الرئيس السيسي على الحكم، وتعمل حماس بجهد متواصل لإزاحة الالتباس الذي دخل جراء الهجمة الاعلامية الشرسة من قبل جهات مصرية غير سوية بدأت تتكشف، واستمرت حماس بتوضيح علاقتها بالأطراف المتداخلة، وبإثبات عدم تدخلها في الشأن المصري حتى أضحى يقينا، ولهذا ما تنتظره حماس الآن والشعب الفلسطيني في غزة دور مصري حقيقي وفعال في عدة خطوات وتوجهات، أولها رفع الحصار وتشغيل معبر رفح بشكل كامل، مع إيجاد آلية للتبادل التجاري والاقتصادي بين غزة ومصر، ليتجنب الغزيين التعامل مع الاحتلال وابتزازه.

كما تحتاج المقاومة جهدا مصريا متفهما لدورها وحاجتها للنمو، خصوصا في ظل انهيار عملية التسوية ووجود حكومة إسرائيلية متطرفة، لا تعترف بالمسار السياسي ولا تتعاطى مع المبادرات الدولية، والمطلوب في المقابل دعم وتعزيز البيت الفلسطيني الداخلي، عبر رعاية مصالحة وطنية بإشراف مصري، فدور مصر المركزي مهم في حال تفهم النظام الحالة الفلسطينية وتعقيداتها، وأدرك أن حماس عنصر استقرار وبناء وتعاون لا يمكن القفز عنه.