نشر بتاريخ: 06/03/2016 ( آخر تحديث: 06/03/2016 الساعة: 13:15 )
الكاتب: تمارا حداد
كل دولة من دول العالم تقوم على بناء علاقات متبادلة بينها وبين اسرة المجتمع الدولي على اساس المصالح ، فلا تجد رؤية الثوابت والمبادئ تنطوي تحت ثنايا أي علاقة ما بين دولة والدول الأخرى ، فالنظرة هي ذاتية والمصالحة تدعمها الانانية ، فالعلاقات بين الدول تحكمها المصالح ، فقد تضيق العلاقة او قد تتسع تبعا لمواقف الدولة وتبعا للضغوط الداخلية والخارجية التي تحدها ، وقد تخدش حالة السلم او تقوى ، ويتحول الاصدقاء الى اعداء والأعداء الى اصدقاء ، فليس في عالم السياسة من اصدقاء دائمين وأعداء دائمين فلا يوجد اسس وطنية تحكم العلاقات السياسية .
فعالم السياسة يهتم بمجموعة من الاهداف والتي تتمثل بالممارسات التطبيقية في العلاقات السياسية بين أي دولة والدول الاخرى سواء علاقات ايجابية كتوطيد العلاقات وفتح مجالات التعاون وتوطيد فرص السلم ، ام سلبية كقطع العلاقات او تحجيم التمثيل الدوبلماسي او زيادة اعمال التجسس او التدخل في شؤون البلاد بحسب ما تقتضيه المصلحة الذاتية .
فمثلا تركيا وإيران بالرغم من وجود الخلافات بينهما في سوريا ، وذلك ان ايران تدعم النظام السوري في سوريا وتركيا تدعم المعارضة في سوريا ، إلا ان تركيا وإيران اتفقتا بحسب المصالح بان يؤدي الى توطيد العلاقة بينهما من اجل تحسين العلاقات الاقتصادية والاستثمارية ، ولكن حتى الآن لا نعرف هل ايران ستترك حليفها الاستراتيجي السوري في المستقبل ؟ ام ان مصلحة ايران في تقسيم سوريا ؟
فمفهوم السياسة يأخذ طابع المراوغة من اجل اذابة بعض الدول او امتداد بعض الدول على حساب دول اخرى لتطويع الشعوب وتنفيذ مصالح لدول رأسمالية تملك خيوط اللعبة وتحركها كيفما تشاء بحسب مصلحة الدول العظمى . فأمريكا ابتدعت داعش ودعمتها السعودية لخلق الفوضى ونشر الفتنة في الدول العربية ، ولكن شاءت المصالح بان تتحالف مصر والسعودية وتركيا مع اسرائيل من اجل قمع داعش وإنهائها . بالرغم ان الدول العربية لا ترضى بذلك ولكن مصالح تلك الدول هي بوجود اسرائيل حتى تضمن بقائها على عرشها وتمكين مصالحها .
فلا وجود للقيم والمثاليات والأخلاق في عالم السياسة ، بل تقوم الدول في تزييف الحقائق حتى اخر شهقة نفس ، وبالذات ان الطبيعة البشرية تميل الى الشر اكثر من الخير وهذا ما تستغله امريكا في تحطيم الشعوب . فهم يعلمون ان السلطة تبقى قوية اذا انغمست في الظلام وإذا تعرضت للضوء سوف تتبخر .
فلا مكان للصدفة في عالم السياسة بل استغلال الشعوب بخطط محنكة ومدروسة للتحكم في مصائرها ، فالدول خاوية من الانسانية والضياع الروحي وانغماس الناس في العقد النفسية والتفكك الاجتماعي والأسري وانتشار النزاعات القبلية والطائفية والخلافات الدينية وهذا ما نجحت به امريكا بعولمة السياسة على اساس ديني كغطاء دعائي بالتسمية لا غير . لتعميق القوة والصراع والحرب فلا سبيل للحوار والتفاهم بين الدول .
فلا امهات المبادئ تحكم أي علاقة ولا معيار القيم بل عالم السياسة هو عالم همجي فهي تدوس بأوسخ الاقدام على خير ما تراكمت البشرية من قيم ومثل عليا من اجل بقاء السلطان واستكمال المشروع الصهيوني العظيم .