نشر بتاريخ: 07/03/2016 ( آخر تحديث: 07/03/2016 الساعة: 14:03 )
الكاتب: نصير احمد الريماوي
كنت مستلقياً، وغارقاً في نومي في أحد الأيام.. رأيت في منامي حلماً غريباً عجيباً.. شيئا يشابه الخيال.. شاهدت روحي تنفصل عن جسدي.. كأنها شخص آخر.. لكنها كانت جميلة الهيئة.. ضاحكة.. لوحت لي بيدها مودعة بدون استئذان.. مسافرة.. وقالت لجسدي الممدد: أنا ذاهبة هناك حيث الضعفاء يتأوهون.. أنت جسد مصفّد.. مقيّد.. لا تستطيع الحركة بدوني.. أما أنا فأطير في السّماء.. أمشي مع الهواء.. أجول في الكرة الأرضية حيثما أشاء.. وأجد مكاني المناسب..
هل أنتَ قادر على اتخاذ القرار والقيام بمغامرة مرة واحدة؟؟ والمجيء معي؟؟ لماذا لا تجيبني؟؟ أنت جسد تعبان ربما، أو متقاعس ربما.. أو أنك لا تستطيع عمل شيء لما يدور حولك في العالم بدوني..
هناك ناس ضعفاء يصرخون من ألم الجوع.. يستغيثون، ويناشدون كل مغيث، أو نصير لهم لمساندتهم، والوقوف معهم في مِحَنهم.. أنا ستجدني هناك حيث هم...إن كنت تريدني فعلاً..
أتوجع لوجع أرواحهم.. أبث الأمل في نفوسهم.. أخفف عنهم.. أضم صوتي إلى أصواتهم.. أدافع عنهم.. أعرّي الظلم والحرمان.. أنشر المحبة بينهم..
أما أنت أيها الجسد الممدد ستهترئ يوما.. لكن أنا أحلق عاليا في السّماء بعيدا.. أبحث عن ذاتي وخيالي ومجالي.. وداعاً يا صديق العمر.. لم أعد أنفعك ولا تنفعني.. لقد مللت التخاذل..
الظلم ساد.. وقهر العباد.. وحرمان الذات.. واستعباد البلاد.. وعم الفساد.. غاب العدل عن وجه الكرة الأرضية.. تفشى الجوع.. وقلّت الأيدي المحسنة.. زاد الطمع والجشع رغم الغناء.. عششت الأنانية في النفوس.. وضاعت البوصلة.. لا أحد يبحث عنها.. كل واحد يركض لمصلحته الشّخصية.. أين المصلحة العامة؟؟ أين مصلحة الوطن؟؟ ذهبت الأخلاق الحميدة وحلّت محلها الرّذيلة..
ماذا أقول لك يا عزيزي.. أنا مجبرة على الرحيل في هذا الأوان.. جاء دوري عندما ابتعد الناس عن فعل الخير ونشر المحبة.. أنا متعبة.. أنا مسجورة بالأحزان بعد هذا الزمان من الإيمان الذي ضاع أو ما زال يضيع شيئا فشيئا.. انهض أو لا تنهض.. أنت حُر.. أنت حُر .. أما أنا.. لن أترك الأوطان تئن تحت وطأت الأحزان.. سأحمل معي الشُّجعان وأسير بلا قبطان.. إحساسي سيدلني ويلهمني حتى أصل إلى تحقيق أهدافي السّامية بلا نقصان..
حزن الجسد على كلام الفراق.. استيقظ مكلوما، ومتعبا وهو يترنح يُمنة ويُسرة.. والمرارة تعتصره.. وتتجاذبه أقوال الروح.. بكى بحرقة لمشاهدته ألم الانسلاخ.. وصار ينادي: أين أنت يا عزيزتي.. بدونك لا أرى.. لا أتحرك.. لا آكل ولا أنام.. لا أفكر .. لا أتنفس.. لا أعيش.. حتما سأموت كمداً عليك.. انتظريني.. انتظريني.. أنا بدونك لا شيء.. لا شيء.. نحن جسد واحد وروح واحدة.. نحن بحاجة إلى بعضنا البعض حتى نعيش معا.. فلا تتركيني سقيماً.. لا حول لي ولا قوة.. انتظريني.. سأسير على خطاك حتى لو مت معك.