الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة استراتيجة في ظل قرار العرب باعتبار حزب الله منظمة ارهابية ...

نشر بتاريخ: 07/03/2016 ( آخر تحديث: 07/03/2016 الساعة: 13:57 )

الكاتب: يونس العموري

مرة اخرى تسقط المفاهيم وتتناقض الرؤى وتتخربش المعادلة ويصبح الابيض اسودا بقرار غامض المنطلق والهدف والتوجه للرؤية العروبية المنطلقة من وقائع اللحظة الراهنة للحالة العربية ... حيث جاء القرار العربي الاخير ليكشف اللثام عن اصل الحكاية والمجاهرة بالعدائية والتخبط ، هذا القرار الذي يعتبر واحدة من انبل الظواهر العربية الحديثة (المقاومة ) حالة ارهابية، ارضاءا لحالة التقهقر والعجز لقادة العرب وعلى رأسهم قادة الصحراء وصراعهم العلني والواضح مع جارتهم ايران، وكإنتقام من العجز امام الحالة الايرانية المتقدمة جاء القرار ضد حزب الله ...

ومن الواضح ان العالم العربي فقد بوصلته تماما واضحى متناقضا وذاته ويخدم بالتالي اجندات اخرى بعيدة كل البعد عن اجندته القومية العروبية، التي من المفروض انها تشكل اللبنة الاساسية في منظومة مفاهيمه، وبالتالي تتشكل منها اطروحاته السياسية ومواقفه المؤسسة على حسابات المصالح القومية وفقا للمعادلات الاقليمية، ذات الارتباطات الدولية وحيث ان العالم العربي واقول العالم العربي كمسمى للحالة الهلامية المعاشة عربيا وليس ( الوطن العربي) تقوده حيثيات تضارب المصالح لدول الخليج وعلى رأسها السعودية ، حيث ما عاد لهذا الاقليم الجغرافي من تسمية متفق عليها ذات ابعاد استراتيجية متوافق على منطلقاتها، الأمر الذي يعكس حالة التخبط والتضارب الواضحة ما بين المواقف المُصدرة للقادة العرب، المرتبطين بسياسات البيت الابيض وتل ابيب قسرا وارغاما، وقد يكون ايضا قد اصبحوا جزءا اساسيا من رسم الخارطة الوجودية الحاكمة المتحكمة بالمنطقة، والتي بلا ادني شك معادية لمصالح الشعوب بعد ان حاولت هذه الجماهير التعبير عن ذاتها والانقلاب على النخب القيادية من خلال التوق للتغير، واحداث الثورة في اروقة الحكم وتصحيح المسار للأقطار العربية، وارغامها على اشراك شعوبها بمفاهيم المنطقة ، الأمر الذي فشل وتم افشال الحراك العربي الشعبي بالكثير من العواصم، من خلال حرف مسار ثورات ميادين العواصم، واحالة الحالة التغيرية والتي كانت قد أُسميت بالربيع العربي الى خريف عربي قاتل لأحلام واهداف الامة العربية، الأمر الذي أدخل الحالة العربية بالعشوائية والتخبط والصراع والتصارع عل كل شيء، ولم يعد امكانية للتوافق حتى داخل القطر الواحد تجاه قضايا داخلية لهذه الدول او تلك مما زاد حالة الشرذمة والانهيار والتسريع بإنحراف بوصلة العرب مرة اخرى الى وجهة اخرى بالتأكيد انها متناقضة ومختلفة تماما، ومصالحها ومصالح شعوبها ووجودها ... ان قادة العالم العربي باتوا جزء اساسي في منظومة انهيار الحالة العربية واحالتها الى حالة ميكانيكة في بلدوزر هدم وانهدام العرب اكثر ... وهم غير المخيرين بل باتوا مجبرين على اتخادهم لقرارات ومواقف وربما باتت تشكل قناعات بمنظومة من يقود الحالة العربية العشوائية حيث انقلاب المفاهيم وخربشة معادلة الصراع التي لطالما حكمت المنطقة وتوجهاتها ...

ان القرار الاخير لقادة عشوائية الحالة العربية باعتبار ان حزب الله والمقاومة اللبنانية حالة ارهابية انما يعبر عن حالة العجز والتخبط والارتباط الفاضح بالحالة العدوانية لمصالح الأمة بصرف النظر عن التناقض الثانوي مع حزب الله كحالة عقائدية له منطلقاتة الايدلوجية وارتباطاتها الاقليمية، والمعادلة هنا واضحة وضوح الشمس وغير قابلة للتأويل او التفسير ...

وهو السؤال الأكثر رواجا هذه الأيام ... حيث ان الكل يحاول جاهدا ان يبحث عن اجابات ... عن ماهية الوضع المتوقع ما بعد قرارات قادة العرب باعتبار حزب الله حالة ارهابية ... وما ستؤول اليه الأمور على المستوى الإقليمي وتحديدا فيما يخص الثالوث المرعب للسياسات المتصارعة على الساحة ( فلسطين والعراق وسوريا المرتبط جدليا بالحالة اللبنانية ...) ... ولعل هذا السؤال قد اصبح هاجسا مقلقا لكل صُناع السياسة في المنطقة حتى ان عواصم التأثير تحاول هي الأخرى الإجابة عن هكذا تساؤل فيما يعزز سياستها ومصالحها اولا وقبل كل شيء التي بلا شك ان لها ارتباطات محورية كانت ان صنعتها وخلقتها كمقدمة لما يجب ان تكون عليه المواجهة او اللا مواجهة ... على اعتبار ان المواجهة قد تكون متطلب عملاني لسياسات الحسم لدى المحور الأمريكي الأمر الذي يعني محاولة تعزيز نهج سياسة محور ما يسمى بالإعتدال العربي الرسمي بعد ان عجز هذا المحور عن امتلاك زمام المبادرة وفرض رؤيته السياسية على المنطقة برمتها سيما وان عناصر ترويج المنهج الأمريكي السياسي وتباعته العربية قد فقد مصداقيته خصوصا فيما يخص بؤر الصراع الأساسية ... كما ان انطمة الإعتدال العربية قد فقدت بالتالي امكانية الطرح الجديد الذي قد يمثل وجه النظر العربية الرسمية او محاولة فرض الرؤية الإعتدالية على اعتبار عدم الثقة بما قد تأتي به هذه الأنظمة الموصوفة بأغلب الأحيان بالخانعة للسياسات الأمريكية على الأرض العربية ... 

ولعل نجاح حزب الله وحلفاءه بالحفاظ على الذات وصمودهم امام اعتى اشكال محاولات الاقتلاع والاجتثاث بات يشكل التحدي الأكبر لهذه الأنظمة التي حاولت تقويض منظومة التحالفات المضادة لتوجهاتها وقادة الحالة العربية، وهي التي ستحاول بشتى السبل والوسائل وتنفيذا لأوامر البيت الأبيض حسم المواجهة بطرق اخرى غير تلك المعتادة سياسيا ودبلوماسيا لطالما ان الطرف الأخر بمعادلة المحاور قد اظهر الكثير من الصمود والممانعة لمواجهة السياسات الأمريكية وحلفاءها وهو الأمر الذي يعني فيما يعنيه تطور عملية الصراع على الأرض بلغة قد تكون اخرى بعيدة عن سياسة المناكفات السياسية وتعطيل المشاريع عبر القنوات الدبلوماسية السياسية وعلى هذا الأساس اعتقد ان المصلحة الأمريكية وبالتالي العربية الإعتدالية الرسمية تتجه هذه المرة للحسم بلغة اخرى وان كانت باهظة التكاليف والأثمان... في ساحات ( اليمن وسوريا والعراق وبشكل او بأخر بلبنان ) وحيث ان رأس حربة المحور المضاد عربيا بات يتمثل بالكل المتناقض مع سياسات الانظمة وقادتها وعلى رأسها شعوب هذه المنطقة بالتالي فإن حزب الله وحلفاؤه ودمشق على وجه التحديد وطهران من خلفها غير مضطرة لتقديم التنازلات السياسية او دخولها في بازار المجاملات الرسمية الدبلوماسية، فانها بالتالي ستذهب بإتحاه مواجهة تقويض نتائج الحالة الراهنة هذا اذا ما اعتبرنا ان ثمة قرارات مجدية او فعالة ... الا انها على الأقل ستمضي بسياساتها حتى النهاية وتحديدا فيما يخص الساحة اللبنانية والتي على ما يبدو انها ستتحول الى كرة الثلج الساخنة بالمنطقة بمختلف اشكال المواجهات سواء أكانت تلك الداخلية او كونها ساحة لتصفية حسابات الكبار اقليميا على ارضها .... والسؤال الأكثر الحاحا اليوم والمتمثل برأيي ... بماذا ستكون عليه الحال بعد هكذا قرارات ...؟ بمعنى هل سنشهد (هبوب رياح ساخنة وحملات متبادلة) ام سيكون نوع من التهدئة على الأقل بهدف قطع الطريق على تصعيد اضافي وتحول دون المزيد من التدهور في لبنان وسوريا وباليمن وحتى العراق .... وامكانية اعادة اللحمة الوطنية والوحدة الجغرافية في فلسطين .. ووقف الإستنزاف البشري بالعراق واخذ زمام المبادرة بهدف وقف المتاجرة بالدم العراقي ....

فبلا ادنى شك ان الواقع العربي لم يعد على هامش الخطر، بل في أتونه الفعلي ... والكل العربي الرسمي يدرك هذه الحقيقة، وبالتالي يحاول ان يحمي مصالحه القطرية وان كان ذلك على حساب المصلحة القومية ... مع الأخذ بعين الإعتبار ان حقيقة المصالح الضيقة للأنظمة العربية بعيدة كال البعد عن الفهم الموضوعي للمصالح ووقائعها ... وبالتالي فإن هذه المصالح انما تعبر اولا عن مصالح المحاور وامتدادتها وهو الأمر الذي يبدو جليا وواضحا من خلال تعبير كل جهة محورية مضادة للمحور الأخر عن اجندتها السياسية وبالتالي الإرتباطية مع السيد والراعي لهذا المحور او ذاك ...

ومرة اخرى ستنعقد قمة عربية ولا نجد الحد الأدنى من الإجابات الفعلية والعملية التي لربما تشكل خارطة طريق للتحرك العربي الرسمي للتأثير في مسار الفعل العربي الرسمي واخراجه من دائرة تنفيذ برامج الغير على الأرض العربية ... وبالتالي نقع في توقع ما يمكن ان يحدث ما بعد القمة ... ومحاولة رسم السيناريوهات، الا ان هذه المرة مختلفة تماما على اعتبار ان التوقع مختلف تماما ولربما ايضا غير متوقع ... فأمور الثالثوث المرعب في المنطقة (فلسطين والعراق وسوريا المرتبط بلبنان) اصبحت بحاجة الى حسم حتى ان الراعي الأمريكي يعتقد بضرورة الحسم لئلا تفلت الأمور من زمام مبادرته وهو الأمر التي تؤكده مجريات الأمور الراهنة ...

ان قضايا المنطقة لا تجد الحد الأدنى من التفهم العربي لها او حتى الإسهام في محاولة معالجتها ... مما يعني ان النظام العربي الرسمي وكما هي العادة قد اثبت عجزه عن تقديم ايا من الأطروحات التي من شأنها وضع الحلول لقضايا هذه المنطقة بل اننا نجد هذا النظام مجرد معبرا عما تريده القوى الإقليمية بلغة عربية ومنفذا لإرادة اخرى غير الأرادة العربية الشعبية الجماهيرية وبالتالي يقف عاجزا عن المساهمة ولو شكليا في حل الكثير من المسائل ذات البعد المصيري والإستراتيجي للمنطقة كما هي القضية اللبنانية التي اصبحت ساحة للصراع (السعودي- الأمريكي) الإيراني من جهة وساحة للمزايدات العربية من جهة اخرى وكل ذلك في بازار الإستقطاب الثنائي الحاد على المستوى الإقليمي دون ان تشكل المصلحة القومية العربية الحد الأدنى من الإهتمام هنا او حتى المصلحة الوطنية اللبنانية وضروراتها ... وما المسألة الفلسطينية وقضية الصراع العربي الإسرائيلي الا خير شاهد عن حالة العجز العربي الرسمي وانتظاره بشكل دائم لأوامر السيد من هنا او هناك ... ولم ولن يطلع علينا قادة العجز العرب الا بتجديد طرح المبادرة العربية للسلام الموفوضة اسرائيليا وبالتالي امريكيا ... و لااعلم لماذا لا يتم سحبها من التدوال على اعتبار انها مبادرة قد تم رفضها ...؟؟ اعتقد ان المنطقة تعيش مرحلة ما قبل الحسم والمواجهة وبالتالي يحاول كل طرف ترتيب موازينه بهذا الإتجاه ...وتبقى المصلحة العربية الشعبية الجماهيرية غير واردة في حسابات احد...