الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أزمة اضراب المعلمين والدروس المستفادة حتى الان؟

نشر بتاريخ: 09/03/2016 ( آخر تحديث: 09/03/2016 الساعة: 14:57 )

الكاتب: عقل أبو قرع

بكل المعايير والتحليلات، من المحزن والمؤسف والمربك ان يستمر اضراب المعلمين، وبغض النظر عن من المسؤول عن استمرار الاضراب، سواء اكانت جهة او اكثر، وبغض النظر عن ما سوف يتحقق من الاضراب، سواء على صعيد مطالب وحقوق المعلمين المشروعة والعادلة، او على صعيد منظومة العلاقات الجديدة بين اطراف العملية التعليمية والتربوية، او على صعيد نظرة المجتمع والناس الى الاضرابات والى طريقة التعامل معها من قبل الجهات، او على صعيد شبكة المرجعيات العديدة او غيابها، فأن هناك دروس وعبر، افرزها وبدون شك اضراب المعلمين المتواصل حتى الان؟

ومن البديهي القول وحين ينتهي الاضراب، فأنه لن يكون هناك احد مستفيد، على الاقل بالشكل المطلق او الكلي الذي كان مأمولا منه ، ولكن هناك دروس وعبر يمكن الاستفادة منها في الحاضر والاهم في المستقبل، سواء على الصعيد النقابي او المهني او الصعيد الاجتماعي اوالثقافي، او حتى على صعيد البنية الحالية للاطراف التي تتعامل مع ازمة اضراب المعلمين، حيث من الواضح انة وبعد مرور اكثر من اربعة اسابيع على بداية الاضراب، لا يوجد بوادر ايجابية بالتوصل الى حل حتى الان، وليس هذا فقط، ولكن لا توجد بوادر من اجل التوصل الى حلول بعيدة المدى، مع قطاع ربما يعتبر من اهم القطاعات في مجتمعنا، الا وهو قطاع المعلمين، والذي يحظى بالتأييد الشعبي على كافة الاصعدة، لما يشكلة هذا القطاع من اهمية، سواء من ناحية العدد، او من ناحية البعد التاريخي التربوي والمجبول بالاحترام والتقدير، او على صعيد اية نظرة او خطة مستقبلية، للتغييرفي العملية التعليمية والتربوية، والتي هي الاساس من اجل التنمية والبناء والتقدم، كما تفعل المجتمعات الاخرى.

وربما يكون من اهم الدروس المستفادة حتى الان، هو خطورة وعدم المنطق في الاقصاء، او الاهمال، او التغاضي عن هذا الطرف او هذه الجهة، وبغض النظر عن حجم الطرف او الجهة، او عن الالية التي وصلت بها، وبالتالي عدم التعامل مع واقع او مع اوضاع مستجدة، او القبول بها، وصحيح ان هناك اجراءات وعملية انتخاب وبالتالي اجسام تتمتع بالشرعية او بالتمثيل الشرعي حسب القوانين، ولكن وحين تختار الهيئة التي انتخبت او اوصلت هذه الاطر التخلي عنها، وبالاغلبية الواضحة، فالمنطق يتطلب التعامل مع الاطر البديلة، على الاقل حتى يتم انتخاب اطر شرعية اخرى، وبالتالي فأن الاقصاء او عدم التعامل مع، يعني وبشكل اخر الاهمال او محاولة الاذلال، وهذا لم ولن ينجح، سواء في الماضي او في هذه الازمة او في ازمات اخرى، ربما تكون اكثر تعقيدا؟

ومن الدروس المستفادة، ومن خلال الازمة الحالية حتى الان، هو خطورة وبل عقم محاولة التشبث ومهما كانت الاسباب والاهداف، بهيئات وبأطر، لا يوجد لها القاعدة الداعمة، او القاعدة التي تصغي لها، او لا يوجد التناغم بينها وبين القاعدة، وهذا ما يوحي بة الواقع الحالي، حيث ورغم المطالبات والدعوات وحتى الاغراءات والوعود من اجل انهاء الاضراب، ما زال الاضراب متواصلا، سواء بشكل جزئي او بشكل كلي، وما زال عشرات الالاف من المعلمين لا يعملون وما زال مئات الالاف من الطلبة يقضون الساعات الطويلة في البيت او في خارج البيت؟

ورغم اننا اعتدنا على تدخل جهات واطراف وربما وسطاء من اجل حل او حلحلة الازمات في مجتمعنا، وفي احيان عديدة، كان هذا التدخل ايجابيا ومطلوبا، الا ان محاولة جهات عدة اللعب على وتر اضراب المعلمين الحالي، ومحاولة تحقيق اهداف او اظهار مواقف، او حتى فقط من اجل الظهور الاعلامي، اي بأننا ما زلنا موجودين، هذه المحاولات او التدخلات، ورغم تكاتف المعلمين القوي والمتماسك، اثرت سلبيا، وبالاخص حين التعامل مع ازمة، اطرافها واضحة، والمطالب معروفة، والحلول من المفترض على الجهات الرسمية ذات العلاقة المباشرة، ان تعمل على توفيرها او توفير جزء منها، وبأسلوب وبألية من التواصل، تعكس الاحترام والكرامة والابتعاد عن الاذلال، او محاول التهميش الكلي او الجزئي، لهذا الطرف او ذاك؟

وازمة اضراب المعلمين الحالية، افرزت عمق التفكك الاجتماعي والمجتمعي وحتى الوصول الى الشعور بالانانية وعدم اللامبالاة، الذي وصلنا الية،، وهذا مؤشر على التدهور الاجتماعي العميق، وعلى طفوان المصالح الشخصية او التكتلية او الحزبية، وعلى غياب النظرة بعيدة المدى لكيفية التعامل مع قضايا المجتمع والناس، وحتى على تجدر العناد والتعالي، او ايلاء الاهتمام الى امور اخرى، مع العلم ان ازمة اضراب المعلمين الحالية، ورغم سلميتها واتصافها بالنظام، لتعتبر مؤشر على ازمات اخرى قادمة، وربما تكون اخطر او اكثر حدة!

ومن الدروس التي افرزنها ازمة اضراب المعلمين الحالية، هو اهمية وجود قنوات التواصل الواضحة والشفافة، سواء بين اطراف الازمة المختلفة، او بين الاطراف والمجتمع او الناس ومنهم اولياء الامور، واظهرت هذه الازمة مدى خطورة غياب ادوات التواصل الفعال والواضح مع الناس، سواء من قبل الحكومة او من قبل المعلمين او من قبل وسائل الاعلام او الاتحادات النقابية، لانة وان سألت الكثير من الناس لماذا ازمة الاضراب ما زالت مستمرة، فأنك سوف تحصل على اجابات مختلفة ومتضاربة وحائرة، وهذا يوحى بعمق ازمة الثقة او عدم التصديق بهذه الجهة او تلك؟

وفي ظل الدروس بعيدة المدى التي اظهرتها ازمة اضراب المعلمين الحالية، وفي ظل مواقف غير مفهومة او متوقعة لاطراف هنا او هناك، فالمطلوب التحرك السريع لدراسة الاسباب التي الت بنا الى هذا التشرذم المجتمعي والاجتماعي، والتي اوصلتنا الى مرحلة من العناد الضيق الذي وفي احيان لا يمكن فهمة، والمطللوب كذلك البدء بنقاش مجتمعي شامل حول العدالة الاجتماعية او حول توزيع الامكانيات والمصادر المتوفرة ،لان استمرار غياب نوعا من العدالة الاجتماعية، وبغض النظر عن الاسباب او عن الامكانيات والمصادر، فأن هذا الغياب لن يطول وانة سوف يؤدي الى تراكمات واحباطات وضغوط، قد تصل الى الحد الذي وصلت الية الازمة الحالية، وربما اخطر واوسع؟