نشر بتاريخ: 13/03/2016 ( آخر تحديث: 13/03/2016 الساعة: 11:11 )
الكاتب: رامي مهداوي
أمام المشهد الفلسطيني بكافة مكوناته المرئية وغير المرئية التي تعصف بعقولنا أينما تواجدنا، يبدأ العقل بطرح العديد من الأسئلة بين الفرد وذاته؛ هذه الأسئلة المختزنة في عقولنا حتى الآن لم تولد على الطاولة لتفكيكها وتشريحها كمحاولة لفهم أسئلة آخرى يجب أن نجيب عليها أكثر شمولية. وما يحدث هو بأننا نختبئ خلف مجريات الواقع وتسارعه من جهة وخلف الأسئلة التي نعرف أو ندعي المعرفة بقدرتنا على الإجابة عليها من جهة أخرى.
والأخطر من عدم طرح هذه الأسئلة محاولة عدد لا بأس به من تمرير بأننا علينا التعامل مع ما هو موجود دون التفكير من خلال طرح الاسئلة بكيفية التعامل مع هذا الواقع، بمعنى علينا التعامل مع الوجود الفلسطيني كما هو موجود، وأن التفكير خارج هذا الحيز_ الإطار_ للصورة الفلسطينية هو العدم؛ لا أطرح أنا أحجية بحاجة الى جواب بقدر تفكيري ما أستشعره بحواسي، لذلك علينا نحن كأجيال شابة أن نفكر وأول خطوات التفكير هو طرح الأسئلة التي بدأ يعتبرها عدد من القيادات إنها محرمة ومقدسة يمنع التفكير بها والمساس بها مساس بالتاريخ الوطني والنضالي للشعب الذي بدأ يدخل حالة من الكفر بكل ما هو مقدس.
لهذا نحن غير قادرين على إدراك ما هو موجود وغير موجود دون الإجابات المجردة، وأخطر ما في الموضوع بأن من يجب أن يسأل سواء فرد أو مؤسسة أصبحت جزء من رفضها لطرح الأسئلة للحفاظ على ذاتهم ودخولهم الدائرة المقدسة للحفاظ على كينونتهم وبذلك يلتقي الجدل الصاعد بالجدل الهابط دون إجابات لسبب الحفاظ على الذات وتمرير الوقت لمكاسب خاصة، لهذا أصبحنا قادرين فقط على مشاهدة الحقائق البديهية المطبوعة في عقولنا دون فهم المستجدات وصيرورة ما يحدث حولنا ورفضنا التعامل مع المستجدات المتغيرة، وأصبح الكل يفتش عن كرسي لمؤخرته من خلال الشعارات المقدسة.
بالعصور الماضية كان هناك من يسأل الأسئلة المتمردة والخارجة عن الوعي أو العقل البشري مثل فيتاغورس.. أفلاطون.. ماركس.. ماو.. ابن رشد .. ابن خلدون... وتم مواجهة الأوهام بالعقل من خلال العقل النقدي. لهذا علينا مواجهة الإهتراء في مختلف جوانب الحياة الفلسطينية دون الهروب الى الأوهام المزروعة بداخلنا وكأنها نص ديني مقدس، أصبحنا سجناء بداخله دون المقدرة على التفكير لأننا رضينا أن نكون أصنام نخشى استخدام العقل، للأسف أصبحنا كمجتمع ندفع فاتورة تقديس الإجابات الجاهزة كالوجبات السريعة نأكلها بتلذذ رغم ارتفاع ثمن الفاتورة من الدموع والآلام والدماء اليومية وحالة التشرد ليس فقط جغرافياً وإنما على الصعيد العقلي. فأصبح من يرفض السؤال هو الحق ومن يريد ان يسأل هو الباطل، من يمنع التفكير بالسؤال هو الوطني ومن يحاول الإجابة هو الخائن.
ليس فقط ذلك، وإنما قاموا بتخدير كل عقل يحاول أن يفكر من خلال رجال الدين، شراء المثقف لغسل الأدمغة ليزيدوا الطين بلة عليهم، لينعكس السحر على الساحر من خلال ازدياد الشارع الفلسطيني احتقاناً بطرح الأسئلة كونه الضمير الحي والمعبر عن واقع المجتمع الرافض للظلم والاستبداد والفساد، كفانا فذلكة وتبريراً للواقع، لا خلاص لنا دون تفكيك المقدسات السياسية والإجابة على الأسئلة المحرمة، لا تسألوني ما هي تلك الأسئلة؛ لأنها ستوقعني في شباك المعصية عند البعض أمّا الإجابة عليها ستضعني بدائرة الاتهامات.