نشر بتاريخ: 16/03/2016 ( آخر تحديث: 16/03/2016 الساعة: 10:59 )
الكاتب: احمد حنون
جرت العادة أن يتم تكريم المرأة في يوم الثامن من آذار من كل عام من خلال احتفالية تشجيعية للمرأة تنطوي معها المناسبة في اطار ذاكرة مؤقته وسريعة تصلح للصور التذكارية ، واما عطلة في ذلك اليوم او وردة طائشة ، او تكون المرأة محظوظة اذا جمعت مابين التكريم والعطلة والورد ، بحيث لا تسمع بعد ذلك من يتحدّث عن المرأة بعد أسبوع من المناسبة وكأن يوم الثامن من آذار يوم سحري يحل كل مشاكل المرأة المعقدة والمركبة والتهميش وضعف الشراكة والمشاركة ، وكذلك ضعف حصول المرأة على حقوقها ودورها ، وربما يعتقد البعض ان وردة واحدة كافية لتعبر عن التقدير الذي تحتاجه المرأة الفلسطينية ، او تكريم هنا او هناك ، بعيدا عن الشعارات التي لا طائل منها فان المرأة الفلسطينية بوضعها الحالي تحتاج اكثر من وردة ليس على سبيل العد ، وانما هي بحاجة لمشاركة حقيقة مبنية على اساس من الشراكة الكاملة لتمكين اقتصادي ومالي في حصولها بداية على ميراثها الشرعي ومن ثم حقوقها وفي المقدمة منها حقها بالتعليم الجيد والحصول على الخدمة الصحة النوعية ، وحقها ان لا يتخذ الامية والفقر صفة التأنيث .
بعد نكبة فلسطين عام 1948 بقي اللاجئون الفلسطينيون يعيشون في العراء يفترشون الارض ويلتحفون السماء وتحت الاشجار دونما بيوت او حتى خيام تؤويهم ، وكان المحظوظ منهم من يجد خيمة تظله وان تتطايرت في الشتاء كان عنوان المرحلة المعبر عن الفقر هي كراديش الشعير الذي تحمله اللاجئون ولكنهم لم يتحملوا التجهيل فاقتربوا الى اقرب الاماكن للمدارس حتى يتلقى ابناؤهم التعليم في مدارس وكالة الغوث ، كل هذه الظروف كانت بطلتها الام الفلسطينية التي كانت تنتظر في صفوف طويلة للحصول على الماء الذي كان يعتبر في ذلك الوقت اغلى واندر وجودا من الزيت وان الحصول على الزيت اسهل من الحصول على الماء وتدبير الطعام من حشائش الارض وخيط الملابس ، هذه الفترة القاسية مابين عام 1948 و 1953 كان المرأة الفلسطينية بطلتها بجدارة حافظت على الاسرة الفلسطينية وعانت وعززت صمود اسرها ، علمت ان هماك مسعى لتوثيق هذه المرحلة في فيلم وثائقي ، واذا كان كذلك فانه جزء مهم من الحفاظ على الذاكرة الجماعية الفلسطينية ، ويستحق التقدير حتى نسلط الضوء على نساء المعاناة نساء الخيام وعين الماء وبطاقات التموين .
كان 2014 من اصعب الاعوام على المرأة وشكلت النسبة الاعلى من ضحايا الحرب على غزة ، المرأة الفلسطينية تحملت مسؤوليات كبيرة وثقيلة وان نسبة كبيرة من بين النساء يرأسن اسر يكافحن من اجل تعليم ابنائهن وتوفير متطلبات المعيشة لاسرهن ، في حين لا تتعدى نسبة المعونات الاجتماعية للاجئين 5.7% من مجموع اللاجئين الذين تقدم لهم وكالة الغوث غذاء بقيمة 111 دولار سنويا للفرد لا تكفي لسد احتياجات الاسر الفقيرة ، للاطفال ولا حتى احتياجات النساء ، ورغم ذلك فان هذا العدد اقل بكثير في المخيمات والاقل هو نسبة النساء .
بلغ عدد السكان المقدر في نهاية عام 2015 في فلسطين حوالي 4.75 مليون فرد؛ منهم 2.41 مليون ذكر بنسبة 50.8% و2.34 مليون أنثى بنسبة 49.2%، وذلك وفقا لبيانات الجهاز المركزي للاحصاء .
في فلسطين كل عام يتنافس مايقارب 40 الف خريج في الضفة على ما يقارب 2500 وظيفة في التعليم 81% من بين المتقدمين من النساء ، وفي تقرير عن البطالة فان 66.3% من النساء في قطاع غزة عاطلات عن العمل وهذا لا يعني أن ما تبقى نسبة المشاركة بسوق العمل علما بأن ان نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل الفلسطيني متدنية ومتذبذبة وهي الاقل عالميا ، حيث بلغت نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 19.1% من مجمل الإناث في سن العمل في العام 2015 مقابل 10.3% في العام 2001 ، بالمقارنة مع إسرائيل التي بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة عام 2013 إلى 58.2% ونسبة من يعملن بوظيفة كاملة 66.7% ، وفي مجال الإدارة، تبلغ نسبة النساء المديرات من بين نسبة المدراء في إسرائيل 32.6% فقط ، مع ارتفاع كبير في نسبة الطلاق حيث ان “13000” امرأة تقريبًا يتطلقن كل عام في إسرائيل، ومعدل سن الطلاق هو 38 تقريبًا ، في حين بلغ عدد حالات الطلاق في الضفة فقط 4746 ، وهذه نسبة عالية وبحاجة للمراجعة والاهتمام ، وبحاجة لمعالجات .
انّ من أكثر الموضوعات التنموية التي تحتل أهمية خاصة في وقتنا الحالي وتثير اهتمام المهتمين هي مشاركة المرأة في القوى العاملة، ولعلّ موضوع عمالة المرأة في فلسطين تحتل أهمية خاصة وتعكس مكانة المرأة الخاصة في المجتمع وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، كون مشاركة المرأة في سوق العمل حصيلة للجهد التنموي والتعليمي والقانوني والسياسات والبرامج ... والحريات اضافة لدور المرأة ومشاركتها في الحقل والنضال والمدرسة والمشفى ….، والاهم لا بد من الاشارة الى حالة من التذبذب في نسب مشاركة المرأة في القوى العاملة بهدف توسيع مشاركتها ، في ظل الاعباء الإضافية على النساء .
ان توسيع مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل أمر على قدر كبير من الأهمية لإحداث التنمية المطلوبة والمنشودة، ولكن تعوزه الجدية إذا لم يوازيه تطوير واصلاحات بنيوية في أوضاع المرأة سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وتشريعيا وفي المقدمة منها توسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية من خلال المشاركة الفاعلة في الترشيح والانتخاب وعلى كافة المستويات، ابتداء من التنظيمات القاعدية ومرورا بال NGO’s والبلديات ومجالس الحكم المحلي واللجان الشعبية في المخيمات والنقابات والأندية والمراكز النسوية والجمعيات وصولا إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وخلق ثقافة مجتمعية مبنية على اساس اعطاء الفرص المتكافئة للجميع دونما تمييز، وعلى اساس من النزاهة والشفافية والجدارة والاستحقاق،تجعل من الكفاءة والقدرة والتمييز الايجابي دافعا لخلق التحول المبني على قاعدة التعددية والديمقراطية .
حتى لا تكون المرأة ضمن الاولويات المؤجلة ، مطلوب رفع درجة الإهتمام توسيع مشاركة المرأة يمكن ان تجعل منه هدفاً دائما على جدول الأعمال يعزز امكانيات وفرص رفع مشاركة المرأة في القوى العاملة ، على أساس الشراكة ، والذي يعتبر مبدأ هام واساسي لخلق ترابط بين مشاركة المرأة في سوق العمل والتطور والتنمية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ( التنمية الشاملة ) للمجتمع يجعل من الضروري النظر للموضوع على انه جزء أساسي ومهم في رسم أي استراتيجية مستقبلية للمجتمع الفلسطيني واضحة وفاعلة ، ترصد لها الموازنات وتوزع عليها وفقا للانشطة الاكثر اهمية ، يعتبر مدخلا اجباريا لمأسسة الجهد وتنظيم التوجه نحو رفع مشاركة المرأة في القوى العاملة ومنح المرأة مكانتها الحقيقية .
المرأة العاملة بحاجة الى لانصاف اكبر في مكان العمل ، ولا بد من تحسين بيئة العمل وانشاء هيئة مسؤولة عن مضايقات العمل لتحسين بيئة العمل للشرائح التي لا تخضع لقانون العمل الفلسطيني، في ظل ضعف اداء الرقابة على مضايقات العمل ... والذي لا يقتصر على المرأة وانما يمتد ليشمل المرأة والرجل ، وكذلك لا بد من وجود ديوان شكاوى ينظر في الشكاوى إما بتشكيل ديوان جديد او فصل الشكاوى عن كديوان مظالم عن الرقابة على حقوق الانسان في اطار عمل الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ، حتى لا تبقى موظفة معينة قبل عشرين عاما بدون تسكين رغم وجود اماكنية لتسكينها ، وكذلك فان الشريك الامثل لمكافحة الفساد هي المرأة والشباب في اطار نظام تعليمي يعزز القيم والمباديء ، لان اقصر الطرق لمكافحة الفساد هو التعليم ، وهنا لا بد من الاشادة بالمعلمة اللاجئة حنان الحروب ابنة مخيم الدهيشة للاجئين التي تُدرّس في مدرسة الابتدائية ، وفازت بجائزة أفضل مُعلم في العالم، من بين 8 آلاف مرشح من 148 دولة ، الذي نظمته مؤسسة فاركي التعليمية الخيرية ، في عامها الثاني. وقيمتها مليون دولار، حيث ان الحروب جمعت كثير الرمزيات كلاجئة وابنة مخيم وزوجة مناضل ومربية متميزة وتدرس بمدرسة باسم المرحومة سميحة خليل القائدة النسوية المعروفة ومرشحة الرئاسة الوحيدة لمنافسة الشهيد الرئيس الراحل ياسر عرفات ، 1996 .
وكم كان سروري ظاهرا باختيار الفنانة الفلسطينية ريم البنا شخصية العام 2016 الثقافية ، خلال حفل وزراة الثقافة الفلسطينية عندما اعلن وزير الثقافة ايهاب بسيسو وبحضور رئيس الوزراء الاستاذ الدكتور رامي الحمد الله حيث تم تكريمها شخصية العام .