السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حنان الحروب ومشاغلة المرأة في تبرئة نفسها

نشر بتاريخ: 16/03/2016 ( آخر تحديث: 16/03/2016 الساعة: 11:01 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

يبدو أن فوز حنان الحروب في المسابقة الدولية لأفضل معلمة بالعالم حفز كثيرات من النساء اللواتي شعرن بالفخر والغيرة وبعضهن بالحسرة والوعي بالذات والحلم بالأمل. أعرف الكثير من قصص النجاح والكفاح والتميز من المعلمات اللواتي يقمن بعمل عظيم وجبار في مهنتهن ولديهن القدرة على الابداع والتفكير الخلاق والعمل بتفان، ويدخلن وسائل وادوات تعليمية لتطوير التعليم ويدفعن من مالهن الخاص لذلك، وغياب الوزارة ووكالة غوث اللاجئين عن توفير الحد الادنى من الموارد والادوات التي تتقلص يوما عن الاخر.

حنان أبدعت وكان لها حلم وطموح بالنجاح، ووفرت لها مؤسسة أهلية الامكانات والموارد، ولدينا عديد المعلمات من يقمن بالعمل الذاتي في بيئة فقيرة وإدارات تعليمية بيروقراطية محبطة، ونلاحظ التراجع والتدهور في النظام التعليمي المهمل والذي لم يعد استثناء لدى الفلسطينيين كما كان يوماً ما، ويتم إشغال المرأة بتفاصيلها الشخصية وهمومها والدفاع عن نفسها في البيت والمدرسة والمجتمع وتبقى تعمل تحت الضغط والقهر.

أعرف فتاة عشرينية متميزة انخرطت حديثاً في العمل في مؤسسة أهلية وتحاول التمرد على واقعها والقمع التي تتعرض له للحفاظ على نفسها كإنسانة، واكتشاف وعيها بذاتها والمجتمع أيضاً وبيئتها المحيطة، ومقاربتها التمرد على القمع وإرضاء بيئتها ومجتمعها وطموحها، وأنها امرأة مجردة من أي حقوق، وتفرض عليها القيود اليومية وطريقة حياتها حتى في إختيار ملابسها واستخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي.
جاءت من بيئة محافظة، وتعتقد أن بيئتها المغرقة بالخصوصية مختلفة عن ما يجري في قطاع غزة، وكأن غزة ليست بيئة محافظة فهي غارقة حتى أذنيها بالمحافظة كغالبية كبيرة من الفلسطينيين، وتوظيف الدين في علاقته بالمرأة وعدم التمييز بين حقوقها الأصيلة كإنسان والعادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع.

ليست هي الوحيدة التي تعيد اكتشاف ذاتها، فالجميع وفي مقدمتهم النساء يكتشفن ذواتهن عندما يصطدمن في أن من يفرض ويملي على المرأة سلوكها ليس الأب والأم والأخ والأخت، إنما البيئة المحيطة مجتمعة تقوم بذلك طواعية وتفرض وصايتها بوعي ومن دون وعي.
بدء من الخالة والعمة قبل الخال والعم، وبنت الجيران وزميلة الدراسة والعمل، وسائق السيارة والرجل والشاب الذي يجلس على قارعة الطريق أو أمام حانوته الخاوي من البضاعة، سوى إستراق النظر والبحث في تفاصيل وحياة الناس خاصة النساء، وقدرته على تنصيب نفسه وصي على القيم والأخلاق، وتوزيع شهادات حسن السير والسلوك والسمعة.

تقضي المرأة عمرها في الدفاع عن نفسها أو الإستسلام للإملاءات ومشاغلتها في تبرئة نفسها، سواء في نوع الدراسة والجامعة التي اختارتها، أو طريقة لبسها وأن الجلباب ضيق أو فضفاض او البنطلون لا يليق بها، والمنديل أو غطاء الرأس ليس مناسباً من حيث الشكل واللون وحتى نوعية القماش.
فالمجتمع الذي يملي على النساء طريقة حياتهن هو من يشرع القوانين ويفصلها على مقاسه، وهو من ينتهكها وخصوصية النساء والتدخل في أبسط حقوقهن وحرمانهن منها، حتى النساء يتخلين عن حقوقهن ومطالبهن كبشر بالإنشغال في البحث في التفاصيل وما يرضي المجتمع، وما لا يرضيه والرضوخ والإستجابة للإملاءات ومقاومتها والتصدي لها والتصميم على تحقيق الذات، والإيمان أن حقوق المرأة حقوق إنسان.

حنان نجحت بشكل فردي وهي تعبير عن حالتنا المنغمسة بالبحث عن الحلول والتميز الفردي، في ظل غياب الخطط والاستراتيجية الوطنية سواء كانت على المستوى الوطني او التعليمي من أجل النجاح والتميز وبناء جيل قادر على مواجهة التخلف والتردي الذي نعيش.