نشر بتاريخ: 16/03/2016 ( آخر تحديث: 16/03/2016 الساعة: 15:32 )
الكاتب: يوسف عودة
يُعد هذا اليوم من كل عام بمثابة إحتفال كبير لجميع النساء في كافة أرجاء المعمورة، تتباهى به النساء كلٌ في بلدها بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي حققتها أو أحرزت فيها تقدم ملموس حتى وإن كان بسيط على مدار العام المنصرم، فنجد هنالك تفاوت بين بلد وآخر فيما يتعلق بتحقق قضايا المرأة سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، والملفت للنظر أنه حتى الدول المتقدمة والتي تعتبر نفسها رائدة الديمقراطية تجد فيها قصور كبير وثغرات واضحة بقضايا تمكين النساء في كافة المجالات، ناهيكم عن العنف الممارس ضدها، وبالطبع هذا يُنذر بالشؤم في حال سماع أن الدول المتقدمة صناعيا وعسكريا وذات نفوذ سياسي وضمان اجتماعي تُخفِق في مجال تمكين المرأة وإعطائها حقوقها بالمشاركة الحقة في الحياة العامة، فكيف بالدول الأقل تقدما.
وبالطبع في عالمنا العربي هنالك تناقض كبير في هذا المجال، وهذا التناقض نابع بالاساس من صفوة القوم الذين تراهم ينادون بالتعددية والتشاركية والحقوق الثابتة وغير القابلة للإنتقاص، ولكن الأمر بعيد كل البعد على أرض الواقع، فترى فجوات كبيرة بين الجنسين في المجالات المتعددة، فمثلاً في مجال المشاركة السياسية وصنع القرار نجد أن نسبة النساء ضئيلة ولا تكاد تُذكر مقارنة بالرجل وهكذا في مختلف القطاعات، وبالتالي هذا يدلل على إجهاض حقوق المرأة وتفريغها من محتواها بحجج واهية، رغم أنها كل المجتمع فهي نصفه وتربي النصف الأخر هذا من جانب، ومن جانب آخر أكد ديننا الحنيف على دور المرأة بالمجتمع، ودعى الى تعليمها وعملها.
وأما بالنسبة لمجتمعنا الخاص وللنساء الفلسطينيات، فلا شك بأن المرأة الفلسطينية إستطاعت إثبات وجودها وترك بصماتها في المجتمع الفلسطيني، والذي كان نتيجة لنضالاتها بمشاركة الرجل كافة مراحل ومحطات الشعب الأحوج للتحرر، فكانت وعلى الدوام في الطليعة ولا تتوانى عن تقديم خدماتها النضالية والتضامنية والخيرية منذ عشرينيات القرن المنصرم، وبكل مرحلة من مراحل هذا الشعب ترى بأن لها أدوار جمه كانت تقوم بها لتعزز من صمود هذا الشعب، واستمر الوضع حتى أيامنا هذه والتي أيضا تشهد دور نضالي في الهبة الجماهيرية التي ما زالت جارية منذ الأول من أكتوبر، وكنتيجة حتمية لهذا الدور الذي قامت بها المرأة الفلسطينية أوجدت لنفسها مكانا في الحياة العامة وإن كانت النسب قليلة بعض الشيء إلا أنها استطاعت إختراق كافة المجالات، لتقول أنا هنا ومن حقي أن أمارس دوري كاملا، ورغم كل هذا ورغم دخولها معترك الحياة العامة وتقلدها لمناصب ومواقع متقدمة في بعض القطاعات، إلا أن هنالك قطاعات أخرى تفتقر لوجود المرأة ودورها فيها، وهذا بمثابة إعلان عن عدم حصول المرأة على الدور المفترض القيام به كنتيجة أولا لدورها النضالي وثانياً لحقها الطبيعي، وعلى الجانب الأخر من موضوع تمكين المرأة نجد أنها كباقي نساء العالم تعاني العنف بكافة أشكاله، إضافة لعنف الإحتلال والذي يضاعف من إضطهادها وإنتهاك حريتها.
لا بد من مضاعفة الجهود للحصول على كامل الحقوق والتخلص من كافة أشكال العنف الممارس ضدها، فهذا العام وبالثامن من آذار وقفت المرأة الفلسطينية لتُعدد إنجازاتها فإصطدمت بواقع مؤلم سلبها التفاخر بهذه الإنجازات في ظل إنقسام ما زالت آثاره تضاهي كل إنجاز، فرغم كل ما تقوم بها النساء والحركات والمؤسسات النسوية لضمان تحقيق تقدم في قضايا المرأة، إلا أن الموضوع يحتاج ببادئ الأمر بتوجيه البوصلة وتوحيد الجهود حتى تحقيق تقدم ملموس وحقيقي في هذه القضايا.