نشر بتاريخ: 23/03/2016 ( آخر تحديث: 23/03/2016 الساعة: 11:00 )
الكاتب: محمد خضر قرش
منذ القرار الجريء والإيجابي الذي اتخذته الحكومة الفلسطينية قبل نحو عامين والمتضمن إلغاء الدعم عن زراعة التبغ المحلي وتحويله فيما بعد إلى سجاير بورش صغيرة وملفوفة بأكياس نايلون وخلافة منتشرة على وجه الخصوص في شمال الضفة الغربية والإيرادات المجباة أو المتأتية منها في ازدياد سنوي .فوفقا للمعطيات والبيانات التي تم الحصول عليها من وزارة المالية الفلسطينية فأن ما تم توفيره منذ قرار وقف دعم التبغ بلغ نحو 400 مليون شيكل والذي دخل حيز التنفيذ اعتبارا من شهر مارس/آذار من العام 2014 حتى تاريخه، مما يعني أن خزينة السلطة الوطنية حققت إيرادات سنوية بلغت 200 مليون شيكل وهذا يعني أن القرار كان صائبا وسليما بل ومهنيا أيضا. وعلى ما يبدو فإن هذا القرار سيكون له جوانب إيجابية بل وربما تحدث تحولا من خلال إعادة توجيه الموارد المالية المحدودة بما فيها إعادة تخصيص الأراضي الزراعية للسلع والمنتجات الإستراتيجية كالقمح الأكثر أهمية من التبغ والمربحة اقتصاديا. فالتوسع في إنتاج القمح على سبيل المثال يساهم في تحقيق الأمن الغذائي حاله بذلك حال العديد من السلع والمنتجات الزراعية التي تشكل أبرز مكونات السلة الغذائية الفلسطينية من الخضروات والفواكه . وأهمية هذه التحول يكمن في كونه سيساهم فعليا في:
1- تقليص نسبة ودرجة الاعتماد على المنتجات الزراعية الإسرائيلية مما يساهم في تحقيق درجة معقولة من الاستقلال الزراعي ووقف شراءه من الاحتلال.
2- تخفيض تكلفة السلة الغذائية نفسها وخاصة للفئات الفقيرة والمهمشة
3- زيادة حجم الصادرات الزراعية ذات الوزن الترجيحي والأهمية الاقتصادية للقائمة التصديرية للدول العربية وخاصة الخليجية منها.
4- إحداث تنوع ذي دلالة في القاعدة الزراعية الفلسطينية وإدخال منتجات جديدة أكثر أهمية وربحية من التبغ سواء للمزارع أو للاقتصاد الفلسطيني وحتى للمنافسة مع المنتجات الزراعية الإسرائيلية.
وإذا كان ما سبق يمكن تحقيقه تدريجيا من خلال إعادة تخصيص الموارد ومكونات القاعدة الزراعية الفلسطينية ،فإن الإجراء الثاني الضروري والمكمل لتسريع تحقيق ما سلف يكون بمحاربة التهريب من خلال سن وتشريع قانون محاربة تهريب السجاير سواء عبر الجسور أو المستوطنات. وهذا يحتاج إلى عقد ورش نقاشية بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث والدراسات للتركيز على هذه الجوانب وتبيان أهميتها على الاقتصاد الفلسطيني.أن الواجب يستدعي إيجاد بيئة وثقافة طاردة للتهريب من خلال عقد سلسلة نشاطات (ندوات ومؤتمرات وورش عمل) ونقلها عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمقروءة والمسموعة.وهذا ما يجب التركيز عليه في هذا العام والقادم.كل التوقعات تشير إلى أن خزينة وزارة المالية الفلسطينية ستحقق عوائد مالية إضافية من وراء إلغاء الدعم الذي اتخذ قبل عامين على التبغ وصناعة السجاير. ربما أيقن الآن الذين كانوا وراء قرار دعم زراعة التبغ المحلي انه كان من أسوأ القرارات التي اتخذت في حينه وعليه فأن تصويب الخطأ كان مطلوبا لوضع حد لسياسة الدعم غير المدروسة والمنحازة لصالح فئة محدودة من المجتمع لا تشكل نسبة ذات وزن اقتصادي أو اجتماعي ولا السلعة التي يزرعونها أو ينتجونها .
ومن المهم في هذا السياق التأكيد على الحقيقة المتمثلة بعدم وجود دولة في العالم تدعم أسعار السجاير والتبغ لأسباب كثيرة معروفة، حيث قد أدى الدعم غير المباشر الذي قدمته الحكومة لإنتاج أصناف محددة من التبغ والسجاير وبيعها بأسعار زهيدة لمنافسة السجاير المهربة واللف أو التي تنتج بطريقة غير قانونية إلى زيادة أعداد المدخنين عوضا عن تخفيضها وبالمقابل لم يحقق مزايا ومكاسب ومنافع للأسر وللعاملين في هذا الميدان، كما أدى إلى نشر وتوسيع ثقافة التدخين الرخيص والذي ساهم بدوره في زيادة الأمراض و تسهيل حصول الأطفال والشباب وخاصة الفئة العمرية التي تتراوح بين ال16 – 18 عاما على الدخان الرخيص بسبب تدني أسعاره بالنسبة لهذه الفئة العمرية التي تعتمد على أولياء أمورها في الحصول أو تأمين مصاريفها ونفقاتها الدراسية والعامة الأخرى .لذا فواجب الجميع العمل على وقف ولوج أعداد متزايدة من الشباب نحو قائمة المدخنين مما يصعب إقلاعها عنه فيما بعد.