الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا زالت الولايات المتحدة تبحث عن سبل لكسر الجمود المحيط بعملية السلام!

نشر بتاريخ: 24/03/2016 ( آخر تحديث: 24/03/2016 الساعة: 14:50 )

الكاتب: سمير عباهرة

بعد مرور ما يزيد عن العقدين من الزمن من إطلاق الولايات المتحدة دعوتها لتسوية مشكلة الشرق الاوسط وتحقيق تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتربعها على قمة الدول الراعية لعملية السلام بل تفردها بشكل كامل بكل عناصر الصراع وتحييد الراعين الاخرين عن مواطن التأثير في العملية السلمية واقتصر دورها فقط على اطلاق الشعارات في الذهاب الى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة من خلال المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبعد وصول المفاوضات الى طريق مسدود وعجز الولايات المتحدة عن احداث اي نوع من الاختراق في جدار الرفض الاسرائيلي تجرأ وزير الخارجية الامريكي جون كيري واعترف بأن بلاده عاجزة عن ايجاد حلول بمفردها لمشكلة الشرق الاوسط وان الولايات المتحدة تبحث عن سبل لكسر الجمود بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأقر مسئولون امريكيون بفشل الولايات المتحدة في تحقيق السلام دون تقديم ايضاحات حول الاسباب الحقيقية لهذه المواقف.وربما يتبادر الى ذهن الكثيرين من المتابعين والمهتمين بالصراع وبعملية السلام ان الولايات المتحدة ربما لم تستخدم نفوذها قطعيا للتأثير على السياسة الاسرائيلية التي بقيت ترفض اي تقدم في محادثات التسوية.

التخبط في السياسة الامريكية كان سيد الموقف حين تداعت التصريحات الامريكية بعدم قدرة الولايات المتحدة التي تتحكم في مقاليد السياسة الدولية في تحقيق السلام لان طبيعة الدور الامريكي كان منسجما تماما مع السياسة الاسرائيلية الرافضة للاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية كمقدمة لحل الدولتين، ولهذا حاول وزير الخارجية الامريكي البحث عن تبريرات تخدم سياسة بلاده اولا وتفند وتدعم الموقف الامريكي بعدم قدرة الولايات المتحدة على تحقيق السلام حين صرح بأن موجة العنف في المنطقة "الانتفاضة" قد تعرقل الجهود الرامية الى استئناف المسيرة السلمية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وهنا اتضحت الاهداف والمقاصد الامريكية وراء هذه التصريحات وذلك من اجل الضغط على الفلسطينيين لوقف الانتفاضة او كما يسميها الامريكيون "موجة العنف" مستغلين حاجة الفلسطينيين للسلام وحاجتهم لإقامة دولة مستقلة،وكأن وقف "العنف" اصبح الطريق الرئيسي لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ان "العنف" الذي يتذرع به الوزير الامريكي بأنه يقف عائقا امام التقدم في العملية السلمية لم يكن مبررا ولم يمضي عليه بضعة شهور وقبل هذا التاريخ التزمت السلطة الفلسطينية بكافة القرارات الدولية وبالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل وساد المنطقة حالة من الاستقرار ورغم ذلك لم نرى سلاما قد تحقق ولا دولة فلسطينية قد قامت. فاذا توقف "العنف" الذي كان سببا في الجمود الذي اصاب العملية السلمية فهل تزول معه اسباب الرفض الاسرائيلي للاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية وهل سيتوقف الاستيطان.

اعتراف الولايات المتحدة بفشلها في تحقيق السلام وإنها لا تستطيع ايجاد حل بمفردها يفتح الباب على مصراعيه بضرورة تحمل المجتمع الدولي مسئولياته والتعامل مع الرؤية الفلسطينية لحل الصراع بتدويل القضية وعرضها على مجلس الامن لاستصدار قرار ينهي الاحتلال الاسرائيلي وهذه الرؤية تتقارب مع الرؤية الفرنسية في تدوي القضية وإخراجها من تحت عباءة الولايات المتحدة التي احتكرت العملية السلمية وتحكمت بدقائق الأمور. فلتتخلى الولايات المتحدة عن دورها الرئيسي في عملية السلام وألا تعارض المشاريع المطروحة الاخرى لتدويل القضية الفلسطينية وعرضها على مجلس الامن لاستصدار قرار يعترف بدولة فلسطين وينهي الاحتلال.

اقرار الولايات المتحدة بفشلها في تحقيق السلام يحمل تفسيرات اخرى وكان من الاجدر الاعتراف بعدم رغبة الولايات المتحدة بتحقيق السلام وعدم توفر الوازع لذلك اذ ان الدوافع والأسباب التي كانت الولايات المتحدة قد اطلقت بموجبها دعواتها في بداية تسعينيات القرن الماضي لتحقيق السلام حتى يسود الامن والاستقرار المنطقة كلها قد زالت ، حيث كانت الولايات المتحدة تبحث من خلال التوصل الى سلام لتحقيق امن اسرائيل أما وقد زالت كل اسباب التهديد فلم تعد اسرائيل بحاجة للسلام وأصبحت الولايات المتحدة تشاطرها نفس الموقف.

لم تعد هناك قوى في المنطقة والتي كانت اشبه ببرميل بارود قابل للانفجار لم تعد هناك قوى تشكل تهديد استراتيجي لإسرائيل بعد خروج كل من العراق وسوريا من معادلة الصراع وانشغال الدول الباقية بمشاكلها وأزماتها الداخلية وهذه هي الاسباب الرئيسية لعزوف الولايات المتحدة وتراجعها عن الاهتمام بتحقيق السلام في ظل توفر كل مقومات الامن لإسرائيل.