الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين علم الدنيا في الغرب وعلم القرآن في الشرق

نشر بتاريخ: 27/03/2016 ( آخر تحديث: 27/03/2016 الساعة: 11:25 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

لم يكن مصادفة أن يبدأ القران الكريم الذي نزل على سيدنا محمد عليه السلام كمعجزة، بكلمة اقرأ، فقد بدأها القران بتحفيزه على العلم وتحدى بها العرب بأن نزل بنفس لغتهم، وتحداهم أن يأتوا بصورة من مثله، وعلى الرغم من الفصاحة التي يتمتع بها العرب وخاصة في فترة النزول، وهي لم تكن غريبة كون أن النبي عليه السلام كان أميا، أو لان القران كلمات نزلت، بل كان التحدي في احتواء القران على مجموعة غير محصورة أو معدودة من الحقائق والظواهر العلمية التي وردت في القران ولم يستطع الإنسان أن يفك ألغازها إلى الآن، بل بدأت تظهر بظهور الاكتشافات العلمية الدقيقة، ولم يكن وليد الصدفة أن يبرز علماء المسلمين في كافة العلوم الإنسانية والتطبيقية والاكتشافات الدقيقة التي أسست للحضارة الإنسانية منذ بزوغ فجر التاريخ، عندما ألف العلماء المسلمين عشرات الكتب العلمية ولم تقتصر على حقائق تفسير القران والعبادات والمعاملات الحياتية الواردة فيه، بل تعدت ذلك للوصول إلى معارف أكثر تفصيلا في الحياة، فبرع العلماء المسلمون في الطب والهندسة والرياضيات والفيزياء والضوء والفلك والتصوير والقانون وغيرها.

وفي القانون وكونه تخصصنا لا بد من الإشارة إلى أن الدول الغربية وعن خبث تعمدت ومنذ غزوها للبلدان العربية والإسلامية إلى نقل المعرفة من العلوم الإسلامية إلى حياة شعوبها وقامت بسن معظم القوانين على أساس مصدر القران والسنة وما ورد في حياة وعلم المسلمين من علوم قانونية، وقد طبقوا مفهوم العدالة والحريات، بدليل من أيام هارون الرشيد وسليمان القانوني إلى نهاية دولة الخلافة، كانت أوروبا تعيش في ظلام المعرفة وفي الوقت الذي كانت بلاد المسلمين تعيش حياة المساواة والعدل والقانون والرفاه التجاري والاقتصادي والحياة الكريمة، وأهمها تطبيق القانون على أصوله. على أساس المساواة الكاملة بين الحاكم والمحكوم.

والآن، لا نخفي على احد أن الغرب متقدم علينا بكثير من الأمور، وحتى في قواعده التي تحكم حاكميه ومواطنيه، وأسباب رفاهيته، وفي الحقوق والواجبات، وبالتالي أصبح الغرب أكثرا أمنا وتوافقا للمسلمين أنفسهم، وقد وصل بهم الأمر إلى حدود متفوقة من العلم والمعرفة، وهذا العلم والمعرفة أبقاها الغرب لمصلحته دون أن ينقلها على أصولها للدول الأخرى ومنها بلاد المسلمين، واجزم هنا أن ما لا يقل أن خمسون بالمائة من الحضارة العلمية الغربية الآن كانت بجهود من مسلمين وعرب هاجروا إلى الغرب وأبدعوا عند توفر الإمكانيات وهذا نلمسه كل يوم، ونسمع به، وخاصة ألمانيا التي خرجت مكسورة من الحرب، أبدع المسلمون في تعزيز نموها واقتصادها، وأمريكيا كذلك، كانت لمساهمات المسلمين الأثر الأكبر في نموها وازدهارها.

وهنا، تقع المفارقة التاريخية والعلمية بين علم القران الذي يحتاج إلى إمكانيات وبحث كافي لإظهاره الاستفادة البشرية منها، وبين إمكانيات الغرب وتقدمه العلمي، فالقران اوجد مثلاً منظومة قانونية قائمة على العدل بين الجميع غير موجودة في أي من الأنظمة القانونية الأخرى في العالم، ولكي لا ننسب ما ليس لدينا لنا ومن جهد الآخرين، نقول بان علم القران عموما هو مفتاح لأمور الدنيا، ويتفق مع جميع الحضارات الإنسانية كونه متفق مع الفكر والفطرة والمنطق والعقل على السواء. ولن يستطيع الغرب أن يتقدم بشكل كامل دون معرفة علم القران والاعتراف بفضله. وخاصة في ما يتعلق بجوانب الإنسانية والسلوك الإنساني. وبغير الإسلام سيبقى الناس في شقاء إلى أن يبعثون.

لذلك فان الصراع العلمي والثقافي والحضاري في العلم يدور بين فكر الإسلام وفكر غير الإسلام، وما دام هناك عناصر تكاملية في ذلك فيمكن البناء عليها، واسترشاد الصحيح وتطويره والبناء عليه، لان الإسلام قائم على عناصر حضارية وبناءة في تقويم السلوك الإنساني وتطويره، ولا يوجد في الإسلام عناصر هدامة أو فكرة متطرف أو غيره، الإسلام هو الإسلام من أحكام وقواعد ونظم جاءت لإسعاد العنصر البشري وإخراجه من الظلمات إلى النور، وغير ذلك فالإسلام بريء من أية أفكار تقوم على القتل بغير حق أو المشقة على الناس أو غيرها، فالتحدي في علم القران قائم على التحدي العلمي في كل أمور الحياة، والغرب ليس بجاهل في هذه الأمور، وان كان يستغني الآخرين ويبطش بهم على أساس صراع الحضارات الوهمي، لان الحضارة الإنسانية واحدة قائمة على المساواة والعدل والحق والواجب للجميع، وهي كلمة سواء بين الجميع.