نشر بتاريخ: 27/03/2016 ( آخر تحديث: 27/03/2016 الساعة: 11:20 )
الكاتب: إبراهيم المدهون
لا ينكر أحد علاقة حركة حماس بجماعة الإخوان المسلمين وانتمائها فكرياً لها منذ أن تأسست عام 1987 على يد الشيخ أحمد ياسين وثلة من رموز الجماعة في ذلك الوقت، فحركة حماس نفسها لا تخفي هذه العلاقة وتبرزها في أي فرصة تستدعي ذلك، ومن حق حماس الافتخار بالحبل المتين الذي يربطها بالإخوان إن كان فكرياً أو وجدانياً، فالإخوان هم أول من حاربوا حرباً حقيقيةً في فلسطين وأبلوا بلاءً حسناً وكان لكتائبهم صولات وجولات كتب عنها التاريخ وشهد بها ألد أعدائهم، كما أن الإمام حسن البنا المؤسس الأول لهذه الجماعة أولى قضية فلسطين أهميةً خاصةً حتى أضحت الشغل الشاغل له ولجماعته الفتية آنذاك، مما أدى لاغتياله في وضح النهار.
جماعة الإخوان ليست حركة هامشية ولا تنظيما صغيرا عاديا، إنها كيان ممتد في أقاليم ودول العالم، ومتغلغلة في مؤسسات مركزية ومتبنيه لقضايا إنسانية وقيم أخلاقية عليا، ولهذا لا يخلو قُطر من أقطار الدنيا من وجود حالةٍ إخوانية فكراً وعملاً وممارسةً ودعوةً وانتماء، فهي أقوى حتى من الأنظمة القمعية التي تتهاوى مسرعةً أمام أي زوبعة.
لهذا فإن الأصوات التي تنادي بإبعاد حماس عن الإخوان لا تريد لحماس خيراً إن كانت تعلم أو لا تعلم، وهي تستدرجها لنزع الرداء الأخير عنها وإبقائها عاريةً مشوهةً دون ظهير أو ساتر، ومن المعروف أن المراجعات لا تحدث على حساب الفكرة الجوهرية والسند الأخير.
لا أحد ينكر أن حماس حركة مقاومة فلسطينية أصيلة لا تتدخل بالشأن المصري وغيره من الأنظمة، وللعلم فإن مشكلة حماس مع نظام السيسي ليست كونها حركة ذات جذور إخوانية كما يروج البعض، بل لأنها حركة مقاومة مقاتلة للاحتلال الإسرائيلي، ولو فعلت حماس ما فعلت فلن يُقبل منها طالما تقاتل الاحتلال وترفض الاعتراف بمشروعيته، لهذا لا ترهق حماس نفسها تعباً بالتفكير لإرضاء هذا النظام أو ذاك، فما دامت تقاوم وترفع السلاح وتضرب بالصواريخ وتبني الأنفاق فسيستمر الحصار والعداء والتحريض.
تخطئ حركة فتح بمحاولة استغلال كبوة الإخوان هنا أو هناك فيعايرون حماس بانتمائها الفكري، ويحرضون الأنظمة على معاداتها، فهذا تصرف عدا أنه غير أخلاقي وغير وطني، هو نوع من أنواع الغباء السياسي، هذه التلميحات والاتهامات تقوي حماس وتُجذرها وتجلب لها مزيداً من الداعمين والمؤيدين.
ما يميز حماس أنها لا تتدخل بشؤون الدول والأنظمة، ولا تستخدم قوتها وقدراتها إلا ضد الاحتلال الإسرائيلي مهما استفزت من هذا الطرف أو ذاك، وتُوازن معادلات العلاقة مع الآخرين رغم إخوانيتها المعروفة، ولديها قدرة على الفصل والنأي بنفسها عن تعقيدات الواقع السياسي والإقليمي الملتهبة.
ولهذا لا صحة ابدا لما يشاع عن ازالة شعارات ولافتات حول الاخوان في غزة، وحماس تفخر وتعتز بانتمائها للمدرسة الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين، ومع هذا لا يوجد اي اتصال تنظيمي بين حماس والاخوان، فحماس حركة تحرر وطنية فلسطينية قرارها ينبع من مؤسساتها الشورية والثورية الفلسطينية.