نشر بتاريخ: 28/03/2016 ( آخر تحديث: 28/03/2016 الساعة: 09:59 )
الكاتب: صادق الخضور
لأنها الأرض التي تتجاوز كل نمطية، فإن من الواجب علينا تجاوز النمطية في التعامل معها، لتحمل كل ذكرى جديدة ليومها جديدا على صعيد التعامل الذي يولي الأرض أهمية خاصة تتوازى وما يشكله حضورها من حضور مركزي في الوجدان.
لقد دخل التعامل مع ذكرى يوم الأرض حيزا نمطيا، وبات من الأهمية بمكان بعد أربعة عقود من عمر الزمن التجديد في آليات التعاطي مع الحدث، وبات لزاما على الجميع التفكير الجدّي في آليات تحمل معها تعاطيا إبداعيا خلّاقا، وهنا نتساءل:
لماذا لا تبادر الحكومة إلى الإعلان في يوم الأرض عن خطوات لتشجيع المزارعين من قبيل إعفاءات ضريبية، وتجنيد دعم للمزارعين، وتوفير منح لمشاريع الاستصلاح؟
ولماذا لا تكون هناك جوائز وطنية للمبدعين في حماية أرضهم؟ ولماذا لا يتم توفير آليات لتحقيق أقصى إفادة ممكنة من مشاريع المنظمات غير الحكومية لصالح تطوير القطاع الزراعي؟
هي تساؤلات من ضمن أسئلة كثيرة يفترض أن تكون على أجندة صنّاع القرار، فالحديث عن دعم المزارعين وتعزيز صمودهم لا زال نظريا بامتياز، ولعل ما يشهده مزارعونا من انتكاسة في واقع مردود مزارع الدواجن يبرهن أن كثيرا من أفكارنا بحاجة إلى تدجين، وهو ما يستوجب البدء في بلورة رؤيا واضحة للتعاطي مع التحديات التي تعترض مزارعينا.
وفي ذكرى يوم الأرض تبرز من جديد ضرورة الانتصار للعلمية والتخطيط الاستراتيجي، وهو ما يحملنا مزيدا من المسؤوليات تجاه أرضنا، فقد بقينا قاصرين عن الارتقاء لمستوى الحدث، وأدخلنا اهتمامنا بها في دائرة رد الفعل بدلا من أن يكون في نطاق الفعل الموجّه.
ومع التقدير لبعض الخطوات التي يتم تبنيها هنا وهناك إلا أن الطابع العام لتعاملنا مع الذكرى لا زال مندرجا في إطار ما لا يلبي الطموح.
إن اتخاذ خطوات عملية لإسناد مزارعينا وتعزيز صمود المواطنين على أرضهم هو الضمانة بتجاوز مرحلة التنظير وصولا إلى مرحلة العمل الفعلي، فبعد أربعين عاما على الذكرى، وبعد 68 عاما على النكبة لا زلنا نواصل الدوران في حلقة مفرغة، وبانتظار أن يكون الثلاثون من آذار كل عام موعدا للإعلان عن خطوات حكومية، ورزمة مبادرات من القطاع الخاص لمنح الأرض وسدنتها اهتماما طال انتظاره، وهذا مما يشكل تعزيزا للصمود، وبداية لإعادة تحفيز المزارعين، بل وأكثر من ذلك بداية لمرحلة استنهاض للجهود الهادفة إلى استصلاح الأراضي وهو ما يكفل تلقائيا تشغيل الآلاف من العاطلين عن العمل وهم بالمناسبة من حملة الشهادات والمؤهلين، ولا زال الكثيرون من خريجي الهندسة الزراعية في بلادنا بانتظار أن تكون هناك رؤية واضحة لهندسة المخرجات، ولا زالت أرضنا بانتظار جهد نوعي حقيقي.
حتى ثقافيا وأدبيا؛ لا زال الإبداع الجديد المقترن بالأرض قيد الانتظار، وعندما نريد البحث عن نصوص إبداعية تقترن بالأرض، سرعان ما نتداول النصوص ذاتها التي كانت منذ عقود، وكأن أرض إبداعنا باتت كالكثير من أراضينا مقفرة ويبابا!!
هو واقع يتطلب التعاطي معه بواقعية، وأحوج ما نكون إلى تبني ما يلبي فعلا واجبنا تجاه الأرض، فقد حان الوقت لتكون حصيلة السنوات المتتابعة من ذكراها حافزا لمزيد من التجديد.