الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نداء من القدس الى السفير ( صوت من لا صوت لهم ..)

نشر بتاريخ: 28/03/2016 ( آخر تحديث: 28/03/2016 الساعة: 10:31 )

الكاتب: يونس العموري

هي السفير بامتياز، واستحقت ان تكون صاحبة الكلمة الحرة المعبرة عن الذات المؤمنة بعدالة اللحظة والمناصرة لقضايا الأمة ذات الصوت الواحد غير القابل للتحريف او التشويه، مدافعة عن العروبة ورايتها، بوصلتها القدس وفلسطين الحرة العربية، "جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان"، و"صوت الذين لا صوت لهم" ...

السفير ومنذ البديات حددت منطلقاتها وادركت حقيقتها، وكان العدد الأول بتاريخ 26-3-1974 الذي نقش بصمة السفير في عالم صاحب الجلالة وفي ظل واقع لبناني ممزق يعيش أزمة الحرب الاهلية ويعيش تجاذبات من نوع اخر عنوانه الأساسي الصراع الدموي على هوية لبنان العربي، فهناك من اراد للبنان ان ينسلخ عن جوهره وايقونته القومية ليشكل قاعدة عدوانية في خاصرة الأمة، وجاءت السفير بصوتها العروبي لتنضم الى الوطنية اللبنانية المرتبطة بشكل جدلي بقومية الصراع وان بيروت جزء لا يتجزأ من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي بكل حيثياته، وتداعياته وبالتالي ارتباطاته، وحيث ان السفير ارادت ان تكون جزء من الصوت النضالي الكفاحي للأمة، وقفت مناصرة لفقراء الازقة بصرف النظر عن الانتماء الطائفي والمذهبي في بلد يعيش ببحر التناقضات والصراعات وحاولت ان تبرهن ان الاختلاف والتنوع الفكري والايدلوجي وحتي الديني قوة للبنان ومصدر من مصادر تميزه ...

وفقا للبرتكول المعمول بعالم السفراء لابد من تقديم اوراق الاعتماد لراعي الدولة حتى يكتمل تمثيل السفير، جريدة السفير قدمت اوراق اعتمادها لجماهير الامة العربية من محيطها الى خليجها فجاء الاعتماد السريع بقبول السفير كممثل عن قطاعات هذه الجماهير بالتالي كان الشعار الابرز لمطبوعة الفقراء والمطاردين بأزقة بيروت، والمطرودين من عواصمهم، والباحثين عن معنى الحرية والقول الفصيح في ظل تكميم الافواه ، فتجسد الشعارحقيقة واقعة واقعية ( جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان ..)

السفير لم تأبه للضجيج المرتفع والصاخب والعشوائي للقوى الانعزالية آنذاك حينما كانت مطاردة ابناء المخيمات الواقفين على خط النار عنوانا للمرحلة ، فكان النقش البليغ للمواقف التي لا تلين لناجي العلي ، حنظلة الذي ولد بالسفير وعبر عن مكنوناته منذ اللحظات الاولى من على صفحاتها، ابن المخيم المقهور وحده من حمل الامانة والالم الثكالى والقصة والحكاية … وكان صوته جميلا وغرد خارج السرب … وحده من ملأ الدنيا ضجيجا … وحمل رسالة القتلى والمنبوذين من الحياة …. وحده ابن المخيم من طارد ويطارد القتلة بكل الامكنة واصبح ايقونة للحرية وللحياة ان استطاع الى ذلك سبيلا وتحول الى لعنة على كل من مارس فعله الدنيء بحق ابناء الارض السمراء ومن اصبح فيما اصبح عنوانا للفشل وقد اضحى تاجرا على حساب الدم … وقدم ذاته للسفير عنوانا .. واضحى منذاك الأسم الأخر لفلسطين ...

السفير يعني اصحاب الرأي والتعبير عن الذات الجمعية الجماعية للأمة العربية ولمنهج المقاومة بالكلمة الحرة الأمينة المعبرة عن الطلقة الشجاعة، والناطقة باسم المقاومة بصرف النظر عن هويتها الايدلوجية الفكرية ، فقد كانت ناطقة وبشكل حصري باسم ابناء الجليل والقدس ممن امتشقوا بنادقهم وجابوا الجنوب وتلاله في محاولة منهم للعبور نحو شواطىء عكان وحيفا .. السفير يعني التعبير عن نبض الضفة الغاضب بانتفاضة الحجارة ويعني النقد والانتقاد لكل اشكال المناهج السياسية التي انحرفت مسيرتها وكانت لها بالمرصاد مدافعة عن الحق بالوجود ...
السفير الذي ابت الا ان تصدر صباح كل يوم برغم الحصار ومحاولة تركيع بيروت بالعام 82 وكانت الصحيفة الوحيدة بعاصمة المقاومة التي لم تحتجب عن الصدور طيلة فترة الأجتياح الاسرائيلي ابان الغزوة الكبرى ...

السفير هي بيروت الغربية بكل ما تعنى مسمى البيروت الغربية في وجدان الرأي والموقف والممانعة والمقاومة ...
والسفير هي الناطقة ايضا وبلا منازع عن المقاومة الوطنية اللبنانية واسهمت في الابداع كما ابدعت بيروت في تموز 2006 وكما كان ابداع الجنوب في العام 2000 يوم ان اندحر الاحتلال عن الجنوب وعادت السفير الى الجنوب العائد الى حضن لبنان ورافقت مسيرة العودة المكللة بالغار وكشفت اللثام عن الكثير من الالغاز ...
السفير هي من انتصرت ونصرت القدس وقضاياها من خلال ملحقها الشهري العميق والابداعي ( فلسطين) وكنا نرى ونقرأ تلك التقارير والاطروحات لقضايا القدس وفلسطين عموما وقد جابت السفير بكل ازقة البلدة القديمة وقدمت للقارىء العربي واللبناني وجبات صحفية دسمة عن واقع حال الارض المحتلة وما يعنيه العيش في ظل الاحتلال ومعادلة الحياة الوجودية في ظل سياسات الطمس والتهويد والأسرلة ..

والسفير هي ملحق الشباب والسفير العربي ، والسفير يعني مركز المعلومات والآرشفة ولكل دارس وباحث تفتح ابوابها له لينهل منها وثائق المرحلة كونها كانت الشاهد على كل الخطوات والخطوط ...
والسفير يعني طلاب الصحافة والمبتدئين بعالم نقش الكلمات على الصفحات البيضاء ليجدوا من على صفحاتها المساحات الممنوحة لهم ولأقلامهم الحديثة والغضة في عالم صاحب الجلالة ...

منذ صدورها حملت "السفير" أسماء لمعت في الفكر العربي المعاصر أمثال: ياسين الحافظ، عصمت سيف الدولة، سعد الله ونوس، جورج قرم، مصطفى الحسيني، إبراهيم عامر، بلال الحسن، حازم صاغية، حسين العودات، ميشال كيلو، عبد الرحمن منيف، رفعت السعيد، إميل بيطار، طارق البشري، سليم الحص، فهمي هويدي، صلاح الدين حافظ، كلوفيس مقصود، هاني فحص، حسين عبد الرازق، والمبدع جوزيف سماحة .. وغيرها من الأسماء التي صار حضورها مميزاً في السياسة والثقافة العربية. وكان ناجي العلي من علاماتها الفارقة ...
السفير يعني مقالة القابض على الموقف كالقابض على الجمر والنار مايسترو الصحافة المعاصرة طلال سلمان رئيس تحريرها حتى هذه اللحظة، الذي رفض دائما ذاك التمويل المشبوه الذي حاول وما زال يحاول احتواء السفير وتطويعها على طريق التدجين والتهجين ...

كما هي عادتي كل صباح ان اتصفح تلك الصحف التي اعتقد اننا هنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة المحرومة من كل اشكال التواصل مع هؤلاء المبدعين من اقراننا العرب، والذين شاركونا بكل همومنا وبكل محطات ترحالنا، كنا نتلقف كتابات السفير كمن تأتيه النجدة ليعي مجريات الفعل العام على الساحة العربية وليكتشف خبايا الدهاليز العربية... نعم كنا نبحث بكل القصاصات عن مزامير سماحة واقاصيص الياس خوري وسمير قصير وطلال سلمان ...من خلال السفير كما هي العادة كل صباح ان نمسك صحفنا الصادرة هنا في فلسطين، كنا نقرأ القراءة السياسية والاستراتيجية الواردة بالسفير، ويدور الحديث ما بين الرفاق حول آخر مقالة لطللال سلمان وحلمي موسى واهداف تحليلاته، والى اين ذهبوا اليوم بالتحليل والتمحيص ووضع النقاط على الحروف... ونعيد نشر ما كتب هنا بالقدس ونتناول وربما نختلف او نتفق مع ما يذهب اليه صاحب الكلمة التي كانت على الدوام باحثة عن الحقيقة، والتي لم تألُ جهدا بتوجيه الصرخة والنداء ما بين طياتها للخطر القادم نحو المنطقة... تلك الكلمات التي كنا نتلقى من خلالها التحذير لماهية الأخطار المداهمة للمكان على طول الأرض العربية....

كانت قراءة السفير من عادتنا اليومية هنا في القدس ولا يستقيم الصباح الا حينما نقرأ من على صفحاتها ..
السفير معلم حي وصارخ من معالم بيروت الغربية وان كان للمسمى دلالة فهي دلالة بيروت الحرة المقاومة، والصامدة في وجه التنين الذي يحاول ان يغزو ازقتها حتى اللحظة، فإن كانت السفير تمر بهذه اللحظات باوقات عصيبة تهدد استمرارها فأنه لا يسعنا ومن القدس تحديدا الا ان نبرق للسفير اننا نحب السفير وتتلمذنا بفضاءاتها .. نرجوكم لا تحرمونا من اطلالتكم الصباحية ...