نشر بتاريخ: 03/04/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2016 الساعة: 11:22 )
الكاتب: جميل السلحوت
من خلال متابعتنا لنشاطات معالي وزير التربية والتعليم الفلسطينيّ، صبري صيدم، تولّد لديّ انطباع أنّنا أمام وزير شابّ مثقّف متنوّر يسعى إلى التّغيير والتّجديد، ممّا أدخل الفرح إلى قلوبنا وعقولنا أيضا، وقد أصابني الحزن عندما علمت أنّ التّحقيق مع الشّاعر الأديب فراس عمر حجّ محمد، الذي يعمل مشرفا تربويّا، لكتابته مقالة بعنوان:" أجمل ما في المرأة ثدياها"، جرى بناء على تكليف خطّي من معالي الوزير، وحزنت أكثر عندما علمت بمنع ذلك المشرف التّربويّ من دخول مدارس البنات! للسّبب نفسه، ولا أدري ممّن صدر قرار المنع هذا.
لكنّني في الأحوال كلّها بتّ أخشى من احتماليّة سياسة تكميم الأفواه، وعواقبها الوخيمة على حرّيّة الابداع في بلادنا فلسطين، وما جرى مع الشّاعر فراس عمر حجّ محمد، أعاد إلى ذاكرتي جريمة احراق كتاب "قول يا طير" للدّكتور الباحث د. شريف كناعنة من قبل موظفين في وزارة التربية والتعليم عام 2007، والكتاب عبارة عن حكايات شعبيّة تتداولها شعوبنا العربيّة ذكورا واناثا وترويها الجدّات للأحفاد، ونفي وزير التربية والتّعليم في حينه علمه بعمليّة الحرق، في حين لقيت عمليّة الحرق ردود فعل واسعة تستنكر وتدين ما جرى.
كما عاد إلى ذاكرتي الحكم على الشّاعر الفلسطيني أشرف فياض بالسّجن لمدة ثماني سنوات وبجلده ألف جلدة بسبب ديوان شعريّ له، من قبل محكمة سعوديّة، ولقي هذا الحكم استنكارا واسعا من قبل الشّعراء والكتّاب والمؤسّسات الثّقافيّة ليس في فلسطين فحسب، بل في العالم جميعه. تماما مثلما حصل عندما سحبت قبل أعوام الأعمال الشّعرية للشّاعر الكونيّ محمود درويش من معرض الكتاب الدّولي في السّعوديّة. فهل نبيح لأنفسنا نحن الفلسطينيّين ما نحرّمه على غيرنا؟
ومن حقّ المرء أن يتساءل عن الجنحة التي ارتكبها الشّاعر الأديب والمشرف التّربويّ فراس عمر حجّ محمد في مقالته تلك، ممّا استدعى تشكيل لجنة تحقيق للتّحقيق معه؟ ومن الذي أصدر قرار منعه من زيارة مدارس البنات في محافظته؟ وعلى أيّ أساس تمّ ذلك؟ فهل جاء الشّاعر بما لم يأت به الأوّلون؟ وهل اكتشف علما جديدا كاكتشافات ذلك الزعيم العربيّ الرّاحل الذي وصف "ضعف" المرأة لكونها "تحيض وتبيض" حسب وصفه؟
وأنا هنا لا أدافع عن الشّاعر لأنّه لم يرتكب جناية أصلا، ولكنّني أدافع عن حرّيّة الرّأي، وحرّية الابداع الذي لا يعرف حدودا، وبما أنّ الشّيء بالشّيء يقاس، فهل على سبيل المثال سيُدان كاتب مثلا إذا كتب عن مضارّ المخدّرات وعن مروّجيها ومتعاطيها؟ وهل سيتّهم بتعاطي المخدّرات بسبب ما كتب؟
وهل من منعوا فراس عمر حج محمد من دخول مدارس البنات يعرفون الرّجل وأخلاقه؟ وألا يشكّل التّحقيق معه ومنعه من دخول مدارس البنات طعنا بأخلاقه؟ ومن يتحمّل مسؤوليّة ذلك خصوصا وأنّ الرّجل يشهد له كلّ من عرفوه بحسن الخلق ودماثته؟ ومن سيعوّضه عن الأضرار النّفسيّة والمعنويّة التي لحقت به؟