نشر بتاريخ: 11/04/2016 ( آخر تحديث: 11/04/2016 الساعة: 13:22 )
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
إن ذكرى مجزرة فلسطين هي ذكرى ضياع أرض فلسطين، وذكرى سرقة الوطن والأرض والحلم الفلسطيني .. هذه المجزرة هي من الأحداث الهامة في تاريخ فلسطين؛ لقد كانت مجزرة دير ياسين فاصلة في تاريخ نكبة فلسطين، وهي حلقة صغيرة من مسلسل اغتصاب أرض فلسطين، نفذتها العصابات الصهيونية، الشتيرون والارغون والهاغاناة، هذه العصابات هي المكونات الأساسية للجيش الصهيوني الذي واصل ارتكاب المجازر من أجل إقامة الكيان الصهيوني على دماء الفلسطينيين، فقامت هذه العصابات بتنفيذ المئات من المجازر بحق شعبنا الفلسطيني لتأسيس الكيان الصهيوني الغاصب على أرضنا المباركة.
لا تنسى الذاكرة الفلسطينية، ولا ينسى التاريخ الفلسطيني التاسع من نيسان- ابريل عام 1948م عندما اقتحمت العصابات الصهيونية قرية دير ياسين وقامت بذبح وقتل المئات من النساء والأطفال والشيوخ، وقد سجل التاريخ الفلسطيني استشهاد حوالي (360) فلسطيني، كما تم ذبح المئات من الفلسطينيين وبتر أعضائهم وبَقر بطون الحوامل، والتمثيل بالجثث ، وكان من أهداف المجزرة بث الرعب والخوف بين الفلسطينيين في القرى الأخرى، وذلك تمهيدا لاقتحام القرى الأخرى.
ولم يقف الفلسطينيون مكتوفي الأيدي في مواجهة العصابات الصهيونية التي اقتحمت قرية دير ياسين؛ وقد كانت العصابات مدججة بالسلاح والذخيرة الحية، وقد استغل الصهاينة هذا التاريخ لانشغال الفلسطينيين في تشييع جثمان الشهيد القائد الفلسطيني الكبير عبد القادر الحسيني الذي استشهد قبل المجزرة بيوم، ورغم ذلك صمد الفدائيون الفلسطينيون في وجه العصابات الصهيوني وكانت المواجهة شديدة، وتكبد الصهاينة خسائر كثيرة، فقد ذكر مناحيم بيغن – في مذكراته- الذي أصبح رئيسا للوزراء الكيان فيما بعد وكان قائد منظمة الارجون التي اقتحمت القرية ، أنه خسر 40% من رجاله من أجل احتلال دير ياسين وتدمير القرية، قائلا " لقد قاتل العرب بضراوة كبيرة على أرض قرية دير ياسين ."
إن مجزرة دير ياسين كانت من المجازر الأولى في نكبة فلسطين، وكانت لها أهمية كبيرة في تاريخ الكيان الصهيوني، حيث قال عنها (مناحيم بيغن ) في كتابه " لقد كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرّون مذعورين، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، لم يتبق سوى 165 ألفا".
ولقد تأسس الكيان الصهيوني على دماء الفلسطينيين، وقد نفذ الاحتلال الصهيوني بعد مجزرة دير ياسين المئات المئات من المجازر والجرائم ارتكبت بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، فقد دمرت العصابات الصهيونية في نكبة فلسطين أكثر من 500 قرية ومدينة وترحيل قسري لقرابة 900 ألف فلسطيني، وتواصلت المجازر بحق شعبنا الفلسطيني إلى يومنا هذا، والتاريخ لا ينسى مجزرة الطنطورة ومجزرة قبية، ومجازر عام 1956م منها مجزرة كفر قاسم وقلقيلية ومجزرة خانيونس، كما أن الكيان الصهيوني ارتكبت منذ السبعينات وحتى يومنا هذا المئات بل الآلاف من المجازر والجرائم التي استشهد خلالها الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني؛ هذه المجازر مسطرة بالدم على خارطة فلسطين وترابها الغالي، ومسطرة بالعزة والكرامة والصمود في تاريخ هذا الشعب العظيم.
إن مجزرة دير ياسين ستبقى شاهد كبير على الظلم الذي عاناه أبناء شعبنا الفلسطيني، منذ عام 1948م وشاهد على دموية الاحتلال وجرائمه العنصرية بحق الفلسطينيين، وشعبنا يتذكر في كل يوم هذه المجازر، ولا يمكن أن ننسى أرضنا المغتصبة، ولا يمكن أن ننسى أشجار الزيتون وكرم العنب وأشجار البرتقال في أرضنا الطاهرة، هذه الأرض المليئة بالثروات والخيرات.. هذه الأرض التي تفيض نماء ومحبة ومودة على أهلها ويتنسم أبناءها عبق الجهاد والشهادة من أجل تحريرها من دنس المحتلين الغاصبين .
إن ذكرى مجزرة دير ياسين ، وذكرى نكبة فلسطين، تحمل في قلوبنا جراحات وآلام كبيرة على سقوط أرض فلسطين؛ هذه الذكرى تستوجب علينا العمل ليل نهار من أجل تحريرها وعودة اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين إلى بلادهم الأصلية، أمامنا طريق طويل مليء بالصعاب والتحديات الجسام، من أجل الانتصار على الكيان السرطاني (إسرائيل)، ونحن بحاجة إلى اليوم إلى الوحدة وتماسك الصفوف، والثبات على المواقف والمبادئ الفلسطيني، والتأكيد على أن أرض فلسطين إسلامية عربية من بحرها إلى نهرها، هي دمنا ووجودنا ومصيرنا .
تبقى دير ياسين والطنطورة وكفر قاسم وكافة القرى الفلسطينية التي هجرنا منها ظلما وعدوانا – تبقى محفورة في ذاكرتنا، ونعلّمها لأبناء وأجيال فلسطين، ونردد عليهم المقولة التي لا تنسى أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ولن تسقط راياتنا وسنظل نقاتل حتى آخر الرمق وتحرير كامل التراب الفلسطيني بإذن الله ..