الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل أتاك نبأ المناورات؟!

نشر بتاريخ: 13/04/2016 ( آخر تحديث: 13/04/2016 الساعة: 14:15 )

الكاتب: أحمد مسمح

كثرت في الأيام الأخيرة في قطاع غزة المناورات العسكريّة، التي تقيمها وزارة الداخلية في غزة، وذلك تدريباً لجنودها والعاملين في الدفاع المدني ووزارة الصحة لأي حرب أو كارثة أو تصعيدٍ عسكري مفاجئ، وهي خطوة جميلة مطلوبة، وقد أرعبت العدو وجعلته يفكر مراراً ومراراً في العقول التي تدير القطاع وتقود مسيرة المقاومة والكفاح.
حيث شهدت محافظات قطاع غزة ثلاثة مناورات عسكريّة، تضمنت الإنزال والإسعاف وإطلاق النار وغيرها، وأثبت الرجال أنهم على استعدادٍ تام لأي معركة قادمة مع العدو، فالمجتمعات المتقدمة والواعية تكون على وعي تام بما يدور حولها وتؤهل أجهزتها لأي طاري يحدث –لا سمح الله-؛ فيكون الجنود في شتّى مواقعهم على أُهبّة الاستعداد للتعامل مع أي ظرف يقعون تحته.

إن الشعب الفلسطيني هو شعبٌ تحت احتلال، وهو شعب مقاوم بطبيعته، خاض العديد من مراحل جهاده ونضاله، وقدّم التضحيات والشهداء والغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن، ولم يبخل بما يمتلكه من قدرات في اقتحام المواقع وإطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق وصدّ العدوان والهجمات.
إن هذه المناورات العسكريّة تعطي إشاراتٍ لوجود إعداد مسبّق وعقول جبّارة تستعد لأي معركة مع العدو، لكن القيادة غفلت عن أمورٍ أخرى، حين أخذ الإعداد جهدنا ووقتنا وطاقات شبابنا، حيث إن كثيراً من الناس لا مأوى له ولا مسكن، وإن البنى التحتية تحتاج لإعادة بناء، وإن العديد من المشاريع المهمة التي يحتاجها القطاع لا يفكر فيها أحد؛ كالتحلية ومعاجلة مياه الصرف الصحي والاهتمام بالزراعة والبناء، إن هذه الطاقات بعد انتهاء الحرب لابد أن توجّه للبناء والتعمير وإعادة الناس لمساكنهم وتعزيز القيم المجتمعية؛ كالوحدة والأخوة والترابط الأسري، إننا بإمكاننا أن نتعاون معاً؛ حكومة ووزراء وقادة وأغنياء ورؤوس أموال في تشغيل آلاف الشباب.

إن كثيراً من الحركات والأحزاب تصرف جهدها ووقتها ومقدراتها لتعزيز مكانتها ووجودها، وقد غاب عنا البناء والتعمير؛ البناء المجتمعي القيمي، والبناء الحسي المادي، إن عشرات آلاف الشباب بلا عمل ولا وظيفة ولا مستقبل، ولا نفكر إلا بالحروب والمعارك وتعزيز العسكر والتدريب.
إننا شعب لديه العديد من الطاقات والإبداع والعقول، ليس فقط على الصعيد العسكري؛ بل على الصعيد العلمي والثقافي والفكري، لماذا كل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة كانت أمنية بحتة، تولي العسكر والجنود أهمية أكثر من المعلم والمربي والمجتمع المدني، ولم تكن تلك الحكومات مدنية تسعى لبناء مجتمع راقٍ متقدّم.

إن القيادة الفلسطينية عليها مهام كثيرة، فالمصالحة مطلب الجميع، وبناء المساكن المهدمة وتشغيل العمال والخريجين أصبح أكثر ما يؤرّق شبابنا، إن حالة اليأس والإحباط التي أصابت جموع الشعب الفلسطيني أفقدت ثقتها في الحركات والأحزاب.
إن الحركة الإسلاميّة مطلوبٌ منها أن توظّف طاقاتها وقدراتها لإعادة بناء ما هدمه الاحتلال وتعمير المساكن وإقامة مشاريع الإعمار، وكذلك مشاريع إسكانيّة يتلهف لها الشباب؛ ليجد مسكناً يلائمه، إن ذلك يزيد من شعبية الحركة ويعضد من وجودها وحاضنتها الاجتماعية، وكذلك يعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني الذي لا زال يعاني من الحصار وولايته.