نشر بتاريخ: 17/04/2016 ( آخر تحديث: 17/04/2016 الساعة: 12:36 )
الكاتب: د. محمد المصري
منع حركة حماس للمؤتمر الذي كان من المفترض أن ينعقد في غزة للبحث في إمكانيات المصالحة، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك ان هناك من يحمي الانقسام بالقوة، ويفرض على الجمهور المواقف ويملي عليه اتجاهاته،وإنما هي رسالة واضحة لا لبس فيها اطلاقاً، والأمر لا يحتاج إلى شرح أو تصريحات، فالمؤتمر الذي كان من المفترض أن يشارك فيه اكاديميون ونواب حتى حركة حماس بالإضافة إلى شخصيات اعتبارية لها وزنها وتأثيرها، إنما كان يهدف -بين أمور أخرى- إلى إعلاء كلمة الجمهور الغائب أو المحاصر أو الخائف أو المقموع، فالانقسام يضر بالمواطن البسيط أولاً وأخيراً. وقطاع غزة يعيش بين شفرتي الفقر والخوف، ومن العار أن يبقى هذا القطاع مرتهناً للحسابات الإقليمية والاجندات الخاصة، وأن يتحول إلى لعبة دولية، أو ملعب أممي، يرقص فيه من يشاء ويعبث فيه من يشاء أيضاً. إن حكم الناس ليس مسألة خاضعة للتجربة أو الاستعراض أو الاستسهال أو الرغبة في البقاء مهما كان الثمن مرتفعاً.
إن قمع مثل هذا المؤتمر إنما يعني أن حركة حماس تحاصر الآراء وتمنع المواقف وتحجز الجمهور عن قول كلمته، وتمنع تكوين رأي عام وضاغط من أجل إنهاء الانقسام.
وحتى لا نكرر الكلام الذي اصبح معروفاً و مملاً لكثرة الترداد، فإن حماة الانقسام من أي طرف و من كل طرف، و بغض النظر عن الأسماء و المواقع و المسؤوليات، انما يفعلون ذلك من منطلق رؤية ضيقة جداً، تقوم على الهوى و المصلحة أو تؤسس على التحالف الاقليمي أو الدولي، أو خدمة لأهداف اسرائيل بشكل غير مباشر، و هنا لا نتهم أحداً بعينه، بقدر ما نتهم التوجه و السلوك، و بقدر ما نتهم النتيجة.
فما معنى محادثات الدوحة الأخيرة أن ترافقت مع القمع و الاعتقال و تكميم الأفواه ؟!
و ما معنى القول وأن كل طرف مع المصالحة و هو يقوم بتدمير مقوماتها و دواعيها و ظروفها ؟!
و حتى نتوقف عن التكاذب و الخداع، لأنفسنا و جماهيرنا، يجب أن نقول بعالي الصوت: المصالحة ليست للاستهلاك الاعلامي أو التخدير الجماهيري، انما هي التربية السياسية و القرار و الوعي و الارادة الحقيقية. و حتى ذلك الحين، سنظل نرى مثل هذه التصرفات التي لا يمكن تبريرها على جانبي النهر.
إن استمرار الانقسام والحصار، واستمرار نهر الدم والدمع، سيدفع الجماهير يوماً، طال ذلك الوقت أو قصر إلى محاسبة كل اولئك الذين تسببوا في معاناتهم أو اطالتها أو عدم العمل على وقفها.
كفى استهتاراً وكفى تكاذباً، فالأمر لم يعد يحتمل.