نشر بتاريخ: 19/04/2016 ( آخر تحديث: 19/04/2016 الساعة: 10:44 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
بعد الإعلان عن الكشف النفق العابر لحدود قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، لم ينتظر قادة الأحزاب الإسرائيلية وكبار السياسيين مولاة ومعارضة وشنوا حملة تحريض على الفلسطينيين والتلميح بضرورة شن عدوان آخر على القطاع، ويأتي ذلك في سياق الإعلان لتصفية حسابات داخلية وكسب بعض الأصوات تحضيراً للإنتخابات القادمة.
حاول وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، الترويج للجيش والحكومة، وإعتبر أن اكتشاف النفق هو إنجاز للأجهزة الأمنية وعملها المتواصل طوال السنوات، وقال مهددًا حماس من محاولة شن أي هجوم، إنه " في حال حاولت الحركة تشكيل أي خطر على أمن إسرائيل سيتلقى ضربة قاسية، ولن نتهاون في مثل هذا الأمر".
قبل الإعلان عن إكتشاف النفق فرض تعتيم إعلامي وقامت الجوقة الإعلامية الإسرائيلية بالتحضير للإعلان عن المفاجأة التي حققها الجيش، وفي محاولة من البروبغندا الإسرائيلية الذي ينشغل فيها الصحافيين والمحللين الإسرائيليين في طرح الأسئلة والتكهنات والتحريض. يعالون حاول أيضاً أن يضفي نوع من الغموض والسرية وماهية الوسائل التكنولوجية التي إستخدمها الجيش، وبدا الأمر وكأنه سلاح جديد تريد تسويقه كما فعلت في القبة الحديدية التي صنعتها إسرائيل بالتعاون ودعم أمريكي.
وإدعى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، إنه تم الكشف عن النفق في جنوب قطاع غزة نتيجة تطور تكنولوجي فريد من نوعه، وإنه لا يستطيع الإدلاء بالمزيد من التفاصيل بسبب الحساسية الأمنية.
فعندما شنت إسرائيل عدوانها الأخير في شهر يوليو/ تموز 2014، على قطاع غزة كانت تريد تحقيق عدة أهداف منطلقة من إستراتيجيتها الأمنية القائمة على الردع وبث الرعب وكي الوعي لدى الفلسطينيين، والقضاء على الأنفاق والحد من إطلاق صواريخ المقاومة، وهي قامت بذلك من خلال استراتيجية موضوعة مسبقاً لا تتعلق بحكومة معينة أو رئيس وزراء أو وزير أمن بعينهما، او رضا وعدم رضا الأجهزة الأمنية والجيش، فهي تقوم بذلك بناء على مصالحها الامنية، وتحقيق اهداف سياسية ايضاً، ويتم استغلالها أيضاً سياسياً وحزبياً على المستوى الداخلي من الحكومة التي تتخذ قرار العدوان.
وهذا ما حصل في عدوان 2012، وان جاء بشكل عكسي اثر على نتائج الليكود في الانتخابات البرلمانية، وخروج وزير الأمن إيهود باراك في حينه من الحياة السياسية بتقديمه استقالته.
التنافس من أطراف اليمين داخل الحكومة وخارجها، والترجيحات تشير إلى أن النفق تم حفره بعد انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014، وهذا معناه أن إدعاء نتنياهو وياعلون بتحقيق العدوان هدفه الرئيسي، بوقف خطر الأنفاق هو كذب ووهم، ولم تحقق الردع والرعب والقضاء على الانفاق التي تعتبرها تهديد استراتيجي، بعد ان شنت حرب مدمرة.
اسرائيل تريد التأكيد القول أنها تعمل على تحقيق أهدافها بوسائل متعددة، مع أنها لم تحقق جميع اهدافها، لكنها ضمنت على الأقل فترة زمنية أخرى من الهدوء، والقول أن حماس لا ترغب في التصعيد وخوض معركة جديدة، وهي من وجهة نظر اسرائيل تتحمل المسؤولية عن أي خرق لـ"التهدئة" وإن حماس لم تتوقف عن حفر الأنفاق.
وبوجود حكومة أكثر تطرفا ووزير الأمن المتطرف موشي يعلون "بوجي" الذي يبدو أنه الأكثر اعتدالاً أمام وزير التعليم نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان ويائير لابيد ويتسحاك هيرتسوغ الذي يواجه التحقيق تحت التحذير وفقدانه منصبه كرئيس لحزب العمل والمعسكر الصهيوني، تزداد التهديدات التي قد تصل الى الفعل في بعض الأحيان.
الكشف عن النفق والمزايدات من كل هؤلاء القادة المجانين الذين يعملوا وفق أجنداتهم الحزبية اليمينية المتطرفة، وفي ذات السياق إسرائيل لا تريد الدخول في جولة جديدة، لكنها لن تسمح لفصائل المقاومة باختراق الحدود عبر الأنفاق أو بإطلاق الصواريخ حتى بعد إدعاءاتها كشفها للأنفاق بسلاح التكنولوجيا وأنها حققت أهدافها في العدوان الأخير.