الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
منذ أيام العمل السري في السبعينيات والثمانينيات أطلق سكان الارض المحتلة على الكلاشنكوف اسم " ابو سمرة " واطلقوا على متفجرات C 4 اسم " ام العبد" ، وكم حاولت اسرائيل أن تجرد الفلسطينيين من جميع أنواع السلاح حتى وصل الامر منع " النقافة " والعصا وكل ما يمكن للدفاع عن النفس ، فيما دججت المستوطنين بجميع انواع الاسلحة الاوتوماتيكية .
قبل انتفاضة الاقصى عام 2000 كان علم " التفخيخ " حكرا على عدة شبان فلسطينيين ، ولم تملك التنظيمات اية أنواع من المواد المتفجرة باستثناء السماد الكيماوي او مخلفات جيش الاحتلال وحتى الالغام الارضية التي خلفتها الجيوش المتعاقبة على فلسطين . ولكن القسامي يحيى عياش حقق اختراقا كبيرا في تصنيع الاحزمة الناسفة ، والاهم من ذلك انه نقل المعرفة منه الى عدد من النشطاء ما جعل الامر غير مسيطر عليه من ناحية أمنية ، فبدات تجارب التصنيع تتدرج حتى وصل الامر الى ذروته في العام 2001 فأصبح في كل حارة " خبير " متفجرات قادر على انتاج وتصنيع " ام العبد " .
وفي عصر الانترنت والتواصل الاجتماعي بات تصنيع الاحزمة ممكنا وسهلا باستخدام ادوات التجميل وعشرات العناصر المتوفرة في السوق المدني ، الى جانب نقل المعرفة من غزة الى الضفة الغربية بكل سهولة .
انفجار حافلة في القدس المحتلة يوم الاحد صدم القاصي والداني ، ولا تزال الصورة غير واضحة . ولا أحد يعرف اذا كانت عملية منظمة ام مجرد انفجار . ولا أحد يعرف اذا كانت خلية تنظيمية ام حادث عرضي .
ولكن الانتقال من مرحلة المقاومة الشعبية الى مرحلة تفجير الحافلات في داخل اسرائيل ، يعني الكثير , ويجعل المعادلة مختلفة تماما ، وبالتأكيد لا يمكن الانتقال من انتفاضة شعبية الى مرحلة التفجيرات من دون دعم وتوجيه تنظيمي عالي المستوى، وهو مفترق هام في الطريق السياسي والتنظيمي القائم فلسطينيا واسرائيليا .
قد تكون حادثة انفجار الحافلة في القدس " غامضة " نوعا ما ، ولكن الغموض مؤقت ونسبي ، والايام القادمة ستجيب لوحدها على هذا السؤال .