نشر بتاريخ: 26/04/2016 ( آخر تحديث: 26/04/2016 الساعة: 14:20 )
الكاتب: كمال هماش
على أثر اصدار قرار بقانون لتأسيس الضمان الاجتماعي الفلسطيني، برزت العديد من الملاحظات على مواد بعينها،أو على تغييب بعض المواد التي يراها البعض هامة وأساسية، بينما ارتأت بعض الملاحظات أن غموضا يكتنف موادا موجودة ، مما يرفع نسب المخاطرة لدى المواطن ويعزز شكوكه في المستقبل.؟
وحيث ان مسألة الضمان والتأمينات الاجتماعية في مختلف المجتمعات والازمنة تشكل جزءا من السياسات الاجتماعية والاقتصادية لبلد ما ، فانه وبالضرورة ان تنظر مكونات هذا المجتمع السياسية والطبقية والمؤسسات المدنية الى هذه المسألة من زاوية منطلقاتها المبدأية وبرامجها وطموحاتها التي ترى ضرورة تحققها من خلال انشاء مؤسسة كالضمان الاجتماعي.
فالاطراف المفترض تشاركها في بناء هذه المؤسسة قانونيا وهيكليا وسياساتيا، لا يمكن وصفها بالمتفاهمة او المتجانسة ،واكثر مايمكن ان نصف به عنوان علاقتها ببعضها هو التعايش في ظل غياب مقولات التناقض الطبقي، ومفهوم الصراع على ملكية وسائل الانتاج.
كما ان هذه الاطراف تعيش في ظل سلطة كرست في نظامها الاساسي توجهات اقتصادية ليبرالية،تجعل من ديناميكيات السوق بما يجتاحها من فوضى، وتبعية لمفاعيل الاقتصاد السياسي الاسرائيلي ،ناظما لاقتصاد الدولة العتيدة المحتلة عسكريا واستيطانيا،الامر الذي يعني انها كرست سيادة اللامعقول لاقتصاد حر في بلد لا يملك من حريته شيئا.
وعلى ارض الواقع ،فالجميع يعلم ان الحركة العمالية الفلسطينية تعيش حالة من الضعف وغياب التنظيم لأهم اساسياتها وهو وجود قونون لتنظيم العمل النقابي،الامر الذي ينعكس على بنى وهياكل المنظمات العمالية من تشرذم وغياب وحدة الخطاب ،والاهم قلة المنتسبي فعليا لهاوالوعي باهميتها .
ويزيد الطين بلة ان المنظمات النقابية القائمة لا تعدو كونها ائتلاف محاصصة او افراد وكلاء لهذا التنظيم السياسي او ذاك في المنظمة النقابية ،بما يعطي مؤشرات رمزية وشكلية لحضور هذه التنظيمات في العمل النقابي،وهو ما يفسر غلبة الخطاب السياسي و غياب النضال العمالي المطلبي على مستوى مواقع العمل او وحدة المهنة ،رغم الظلم الذي يتعرض له الكثير من العاملين.
وبالمقابل فان الطرف المهم الاخر في بيئة التعايش فهو اصحاب العمل ، حيث تتعدد المنظمات الخاصة بهم وتحكم مواقفهم من مختلف القضايا، درجة علاقتهم بالحكومة كأفراد ومجموعات مصالح من جهة،الى جانب التنافس الداخلي اقتصاديا وعشائريا واخيرا سياسيا،مع عدم استثناء علاقة المصلحة المفروضة على معظمهم مع ادارة الاحتلال.
وازاء هذه القراءة المتواضعة لبيئة وبنية الشركاء المفترضين في تأسيس الضمان الاجتماعي ،فانه لا يمكن اسقاط التجارب الدولية التقليدية لمؤسسات الضمان في اقطار اقل اختلاف لها مع فلسطين انها دول معترف بها وباستقلالها اضافة الى الكثير مما يتبع من قدرات اقتصادية وبنى تشريعية وتجربة طويلة،بل من المهم اجتراح مسارات وابتكار تقنيات عمل خاصة بما خلصت اليه قراءات الواقع الفلسطيني من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع السياسي الفلسطينيين.
والمؤشر الاهم لضرورة المعالجات الخاصة بالواقع الفلسطيني بطريقة خاصة ، يمكن اعتبار مطالبة الحملة الوطنية لتعديل قانون الضمان الاجتماعي، بضرورة ضمان الدولة لاموال مؤسسة الضمان، وهو مطلب بديهي وعادل ويستحق التعاطف من جانب جميع المستهدفين بالقانون.
الا ان السؤال الكبير ..هل تستطيع دولة او سلطة لا تضمن رواتب موظفيها شهريا ان تقدم هذا الضمان المؤكد...؟؟؟؟ وهل نصدق حكومتنا اذا اعلنت غدا انها تضمن الصندوق واموال الغلابة حال تعثره؟؟؟؟
وفي الحقيقة لا يجرؤ على اجابة هذين السؤالين مواطن ككاتب المقال.
ولأنه لا بد من وجود صندوق الضمان الاجتماعي ، فلا بد من ضامن (كفؤ ماليا) لاموال الفقراء وحقوقهم لحظة استحقاقها ، مما يستدعي ورشة وطنية وجدية للفعاليات الفكرية والاقتصادية والشركاء لنقاش هذا الامر، والتوصل الى صيغة من الضمان المؤكد لتلك الاموال ، تمثل ضرورة ملحة لازاحة العقبات من وجه هذا المشروع الخادم لابناء شعبنا.