نشر بتاريخ: 27/04/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
هل تغيرت المجتمعات العربية بعد الربيع العربي ؟ الاجابة نعم ولا . فقد تغيرت نحو الاسوأ والأكثر حدة ودموية، اما النسق الاجتماعي ذاته فلم يتغير وهو ما يؤكد مرة اخرى نظريات علماء الاجتماع الماديين والمثاليين على ان التغيير الاجتماعي هو نتيجة للتغيرات الاخرى المادية وليس العكس، لان تغيير حاكم بحاكم آخر لن يؤدي الى تغيير المجتمعات؛ وتغيير قائد جيش بأخر أو حكومة باخرى لن يغير المجتمع العربي .
وانما يتغير المجتمع العربي من داخله، حين تتغير العملية الاقتصادية نفسها وتترسخ عدالة التوزيع والمشاركة في الانتاج وتنظيم الملكية الفردية والملكيات العامة، وهو ما سيؤدي الى تغيير القيم. فتغيير القوانين لوحدها لا يكفي والدليل أن الرئيس عباس وقع مرسوم اتفاقية سيداو لحقوق المرأة قبل اعوام ولكن وضع المرأة لم يتغير ماديا ومعنويا .
بعد تطاهرات الربيع العربي عام 2010 ارتعبت الحكومات وانهارت في بعض الدول، لكن الاحزاب الحاكمة والجيوش تأقلمت مع الواقع الجديد وعاد التلفزيون الرسمي يضحك وينشد موطني وعاد المواطن يبكي او يرمي نفسه في البحر وينشد موطني .
الاحزاب العربية الحاكمة ومعها الجيوش واجهزة الامن والاتباع لا يتجاوزون 20% من مجموع اي مجتمع. كما أن المعارضة في اي بلد عربي لا تتجاوز 10% في معظم البلدان. واللافت للانتباه ان الحكومات تدعي أن الـ 70% المتبقي من المجتمع هو تابع لها ولا يقبل غيرها. والأنكى من ذلك ان المعارضة في اي بلد عربي والتي لا تتجاوز نسبتها 10% تحلف اغلظ الأيمان ان الجماهير معها وانها تريدها ولا تريد الحكومات .
وأني أرى أن 70% من المجتمعات العربية لا تحسم نفسها مع الحكومات ولا مع المعارضة؛ وانما تريد ان تعيش بشرف وكرامة .
لم تعد الشعارات السياسية والبرامج السياسية أداة تغيير، وانما البرامج التطويرية والانمائية هي التي ستحسم مستقبل الامة. وان اي حاكم واية حكومة واية معارضة لا تملك برامج التطوير الحضاري والعيش الحر والكريم ستسقط من التاريخ كما تسقط البعرة من البعير .
المستقبل للعلوم؛ المستقبل للتكنولوجيا؛ المستقبل للصناعة ؛ المستقبل للعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد .
ولا يعقل أن الامة العربية يحكمها ضابط مهووس وجاهل او معارض مناخوليا وجاهل، وان على الجماهير ان تفاضل بينهما.