نشر بتاريخ: 29/04/2016 ( آخر تحديث: 29/04/2016 الساعة: 19:28 )
الكاتب: صادق الخضور
وطني،، بحثت عنك فينا، فوجدتك أمانيننا، نبض الحاضر، تباشير الآتي، وكل ما يعيد الألق لعيون ترنو، وأنّى اتجهنا نراك، نعيشك طموحا لا يفارقنا، وكل ما يزيّن عيوننا رؤية مشاهد ثراك وما علاها من زهر وأقحوان، فأنت الربيع الذي اخضرّت به روابي أرواحنا، وأنت اتساع الأفق وإن ضاقت بنا الأمكنة من حين حين، وأنت الذي جدلّتْ ذكرياتنا فيك ضفائرها على كتفيْ الزمن.
وطني.. بحثت عنك فينا.. فكنت ابتسامة طفل، طموح واثق، نبالة معطاء، وفاء باق على عهد الوفاء، جمال روح وطنّت ذاتها دوما على الرفعة والكبرياء.
عنك فينا بحثت .. ولم يطل بحثي والسؤال..فأنت الهويّة التي تعطينا الهوية، ونحن دونك بلا زخم أو حضور، نغيب إن توارى بعضا من كبريائك، ونضيع أن تلبدت سماؤك يوما بضباب المأساة.
نبحث عنك فينا وفينا عنك.. وكأننا ارتداد الصدى أو وجهان لمرآة .. وندرك -وقد لا يدرك بعض منا- أنك ملاذ لنا في كل وقت، باق ما بقينا..عفوا نحن باقون ما بقيت، ولذا يشكّل بقاؤك حالة استثنائية يبلغ فيها التماهي والتداخل مداه.
بلقيس حيرّت نزار، وعبلة سلبت لبّ عنترة، وليلى سحرت قيس، ورغم ذلك تبقى حكاياهم أقل من أن تُجاري حكاياتنا معك، فنحن المتيمون بك منذ الطفولة، هو عشق لا يسبق الأوان، لكنه يؤطّر كل أوان بما يستحق أن يكون فيه من الوفاء لوطن يعطينا قبل أن نعطيه، ويحوينا، ويحتضننا.
أيّا كان البحث، فالنتيجة سيان.. هو الوطن، العقل والوجدان، الهوية والكيان، التفاصيل والعنوان، ثنائيات لا تحضر إلا في رحاب وطن.
إن يقسموك.. فحري بهم أن يذكروا أنك عصيّ على القسمة، موجب لكل من ناصرك، سالب لكل من عاداك، وحين يكون الأمر بمنطق الرياضيات، فأنت مثال للجمع بالحمل، حمل الذكريات، ومثال للقسمة الطويلة التي تشهد بأن ذكرياتنا على مدار أعوام وعقود قابلة للقسمة على محبة وطن أبرمنا معه العقود.
محبتنا لك امتداد وفصول، ربيع ذكرياتنا فيك أزهر، وأشجار وجودنا لا تسقط أوراق ذكرياتنا فيك وإن كان الأوان أحيانا خريف الشعور، ورذاذ فيضك وعطائك وفضلك دلالة دائمة على أن المزن التي تتلبد بها سماؤك ممطرة دوما، ومن صيفك لا يستطاب إلا نسيم العيش فيك.
بحثت عنك فينا، وفيك عنّا، أيّنا بالآخر جدير؟ وأينّا لا يستحق الآخر؟ تصعب الإجابة، فقد اكتشفت أنك جزء من تكويننا، وأن كياننا نقطة في محيط عظمتك.
دمت بخير وطني.