الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خيارات ما بعد فشل المبادرة الفرنسية

نشر بتاريخ: 03/05/2016 ( آخر تحديث: 03/05/2016 الساعة: 10:11 )

الكاتب: بهاء رحال

اسقط نتنياهو المبادرة الفرنسية وذلك عندما اعلن رفضه القبول بما جاء بها، فتقبلت فرنسا الأمر وأوروبا وأمريكا والأمم المتحدة، وهذا يحدث فقط عندما يتعلق الامر بإسرائيل التي يحق لها ان ترفض ما تشاء وفي أي وقت تشاء وكيفما تشاء حتى ولو كانت المبادرة صادرة عن مجلس الامن الدولي، وبالتالي ينصاع العالم لرفض اسرائيل وتسقط أي مبادرة مهما كان وزنها ونوعها وشكلها، وفجأة تغيب المبادرة وتبتعد عن المشهد ولا تعد متداولة وينسى العالم مرة واحدة هذا الرفض ولا يمارس أي ضغط مثلما يفعل لو كان الامر متعلقاً بملف آخر غير الملف الفلسطيني الاسرائيلي.
ولو رفضت المبادرة القيادة الفلسطينية لاختلف الامر، لمورست عليها شتى انواع الضغوط ولخرجت الاتهامات من كل حدب وصوب، لكن وبما ان اسرائيل هي التي رفضت المبادرة فلا ضير في ذلك، هذا لسان العالم المنحاز الذي يكيل بمكيالين حين تغيب عنه صور العدالة .

انتهى الحديث عن المبادرة الفرنسية بعد ايام قليلة من رفض اسرائيل لها، ولم يعد بالافق أي باب جديد قد يفتح في المرحلة القادمة امام المفاوضات والعملية السلمية المتوقفة منذ سنوات، ولم يتبقى امام القيادة الفلسطينية الكثير من الاوراق التي تلوح بها خاصة في قضايا محكمة الجنايات الدولية ومجلس الامن، ولم يعد الوقت في صالح المشروع الوطني الفلسطيني الذي يواجهه خطر حقيقي على الارض متمثل بالاحتلال وعمليات الاستيطان المتصاعدة في الاراضي الفلسطينة، فعن أي افق يمكن لنا ان نتحدث وسط هذا التعنت الاسرائيلي والانحياز الدولي والخراب العربي والانقسام الفلسطيني.

معادلات المنطقة الجديدة شر على القضية الفلسطينية، وهذا الشر بدأ يلقي بتأثيره في كافة الحقول، اهمها الحقل السياسي الذي وصل الى الحائط واصطدم برفض اسرائيلي مباشر لأية حلول وأية مفاوضات جادة تفضي الى قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية وعلى اسس المواثيق والمعاهدات الدولية، هذا الرفض الذي يعبر عنه قادة الاحتلال في كل المحافل والمنابر الدولية، بينما يسكت العالم ويواصل انحيازه المطلق ويلقي اللوم على الضحية التي يوماً بعد، فتجد القيادة الفلسطينية امام وضع لا تحسد عليه في انسداد افق المفاوضات والطريق الى التسوية السلمية، هذه القيادة التي تعاني من مشكلات داخلية كثيرة وفي شتى المجالات، وكثيرا من هذه المشكلات اسبابها سياسية بحته، فتعطل العملية السياسية يلقي بظلاله على كامل المشهد الداخلي الفلسطيني.

ليس امام القيادة الفلسطينية الكثير من الوقت لتواصل صبرها على حالة الرفض والتعنت الاسرائيلي، فأمام عمليات الاستيطان والتهويد يصبح الوقت عبء ثقيل خاصة واننا نرى كل يوم عمليات المصادرة الجديدة لصالح المستوطنات وعمليات البناء وجلب المستوطنين الجدد من كل بقاع الدنيا، ولهذا فان الواقع السياسي الخطير قد ينتج مرحلة لا احد يعرف عواقبها، تماماً كما لا احد يعرف الى أي مدى سوف تتصاعد معها الاوضاع.

ليس من خيارات كثيرة أمام القيادة الفلسطينية فقد افضت المبادرة الفرنسية التي عول عليها البعض وحملتها الرياح الى ما وراء المحيطات ولم تعد قائمة، فهي لم تحتمل الرفض الاسرائيلي لها وانكفأت، كعادة كل المبادرات الدولية السابقة التي قبلتها القيادة الفلسطينية ورفضتها اسرائيل فغابت ادراج الرياح، وهذا يدفعنا الى محاولة قراءة المشهد كما هو، حين يصر العالم على الانحياز لاسرائيل ويواصل دعمه لها، بينما يمارس الضغط والقاء اللوم على الضحية في محاولة انتزاع حقوقها التي اقرتها لها الشرعية الدولية .
القيادة الفلسطينية في موقف لا تحسد عليه، بل ان القضية الفلسطينية برمتها تواجه مرحلة من اكثر المراحل صعوبة لما تواجهه من خطر حقيقي ومباشر وسط هذا الواقع المنحاز دولياً والمنكسر عربياً والمنقسم فلسطينياً .