نشر بتاريخ: 05/05/2016 ( آخر تحديث: 05/05/2016 الساعة: 01:00 )
الكاتب: د. محمد ابو الرب
لا أذيع سراً إن قلت بأن الإعلام الفلسطيني في مجمله لا يوظف أكثر من 10% من التقنيات والتطبيقات الجديدة التي باتت تتيحها الشبكة العنكبوتية لأغراض صحفية، ومن أهمها حقل جديد بدأ يترسخ في كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية وهو حقل صحافة البيانات الرقمية، وميدان اختصاصه: كيف ترصد وتجمع وتحلل كل هذا الكم من المعلومات على الانترنت وما هو عبر الإعلام الاجتماعي وتحولها إلى مواضيع و استخلاصات تفيد المتلقي وتقدم مضموماً يمس احتياجاته وأولوياته.
الجزء الأكبر من هذه البيانات حتى بيانات المؤسسات المختصة كجهاز الشرطة وجهاز الإحصاء وسوق الأوراق المالية وغيرها قابلة لأن تتحول إلى " تقارير معرفية"، بمعنى أنها تنتج معرفة جديدة وليست عملية نقل أو تصوير لواقعة أو حادثة أو تصريح ما، فأين صحافتنا الفلسطينية منها؟
تقارير صناعة المعرفة تشمل انتاج مواد إعلامية تفاعلية حتى في السياق الاخباري كتتبع تصريحات أبو مازن خلال فترة زمنية محددة للكشف عن مؤشرات معينة دون تدخل شخصي من الصحفي، وكذلك تتبع تقارير الموازنة وبنود الصرف والدخل خلال فترات معينة للخروج بمعطيات جديدة.
الحقيقة التي بات أي إعلامي يلمسها مؤخرا هي أن الصياغات الصحفية البروتوكولية الإخبارية التقليدية من قبيل: أكد، استقبل، ودع، افتتح، نظًم.. الخ هي في غالبيتها لم تعد قادرة على جذب الجمهور في ظل المد الهائل للإعلام الاجتماعي. هذه الصياغات ترسخت كقواعد صحفية بعد أن انتجتها مؤسسات الإعلام السلطوي وعززتها بعض مؤسسات المجتمع المدني في بياناتها الصحفية المنشورة عبر وسائل الاعلام كوثيقة تقدم للجهات المانحة.
صحيح أن أي صحفي مبتدأ لا بد وأن يتأسس على الكتابة الخبرية المجردة والمباشرة من قبيل: استقبل، افتتح، أكد... الخ، كمنطلق لفنون أخرى كالتقارير بمستوياتها المختلفة: الإخبارية وتقارير المتابعة وحتى تقارير الرصد الإعلامي، وتقارير " صناعة المعرفة"، لكن من غير المنطقي أن يكون غالبية المحتوى الصحفي الفلسطيني يتراوح ما بين الإخباري الصرف والصحافة الصفراء.
غالبية الزملاء الإعلاميون الذين يستخدمون هذه الصياغات مجبرون على استخدامها رغم إدراكهم بلا جدواها، مع ذلك، ما لم ينتبه مديرو تحرير المؤسسات الإعلامية إلى أهمية تجاوز هذه الصياغات، فإن الإعلام الاجتماعي سيتجاوز كل المؤسسات الإعلامية العريقة ويكتب شهادة وفاتها جماهيريا.
لذا، فإن حماية المؤسسات الإعلامية العريقة تستوجب انتاج محتوى تفاعلي يوظف الوسائط المتعددة ومن بينها الانفوغرافيك والميوجراف والتايم لاين والرسوم البيانية والخرائط التفاعلية، وغالبيتها متاح الكترونيا ومجاني، وهي ليس بحاجة إلى جهد كبير لتعلمها.
ما لم تكسر حالة الجمود والكسل في إنتاج المواد الإعلامية بأشكالها النصية المجردة، فإن الصحافة الرصينة ستكون في مأزق حقيقي خصوصا بعد أن بات 86% من الشباب الفلسطيني يحصلون على أخبارهم من الفيسبوك- بحسب استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية.