نشر بتاريخ: 06/05/2016 ( آخر تحديث: 06/05/2016 الساعة: 14:19 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
في قطاع غزة يبدو الهدوء كأنه سحابة صيف في لحظة تختفي، فالأوضاع متوترة أصلاً والتهديد بإنهاء الحصار أو الإنفجار قائم، والخشية من تصعيد وعدوان أكبر. اليوم الخميس أعلن الجيش الإسرائيلي إنه إكتشف نفقاً هجومياً ثانياً يمتد من منطقة جنوب قطاع غزة، هذا هو النفق الثاني الذي يكتشفه الجيش خلال شهرين.
إسرائيل تسابق الزمن لتجريد المقاومة من أهم أسلحتها الإستراتيجية وهي الأنفاق وكشف المزيد منها وإستغلال التكنولوجيا والحفارات الضخمة وما خصصته من جهد إستخباري وتكنولوجي وضخ موازنات مالية كبيرة وصلت نحو 600 مليون شيكل.
وتحاول أن تضع هالة من الغموض والسرية على السلاح الجديد الذي أطلقت عليه القبة الحديدية الأرضية، وفي الوقت ذاته تقوم بحملة إعلامية وإستعراضية والجهود الكبيرة في القضاء على الأنفاق، وزيارة رئيس الحكومة نتانياهو إلى المنطقة الحدودية مع قطاع غزة جاءت من أجل ذلك ولطمأنة المستوطنين وقدرة الحكومة والجيش على مواجهة الأنفاق، وشن حرب نفسية ضد المقاومة والقول أن الجيش حقق نجاحات في ذلك.
من الواضح أن إسرائيل تحرز تقدماً ونجاحاً وتقول أن مشروع تدمير الأنفاق يتوقع الإنتهاء منه خلال عامين، وأنه في أي مواجهة قادمة ستكون حركة حماس وفصائل المقاومة فقدت أهم أسلحتها الهجومية التي تشكل تهديد حقيقي لإسرائيل، حماس تدرك ذلك وتخشى من إكتشاف مزيد من الأنفاق وهي واثقة أن إسرائيل لا تستطيع تدمير جميع الأنفاق الهجومية سواء تلك المحفورة في قطاع غزة أو الممتدة داخل الحدود.
ليست المرة الاولى التي تتوغل قوات الجيش الاسرائيلي داخل حدود القطاع، لكنها المرة الاولى منذ عامين التي تقوم بها فصائل المقاومة خاصة حركة حماس بالرد بشكل علني لمنع توغل قوات الجيش في قطاع غزة.
غزة وموعد مع عدوان مؤجل إلى حين، والمصطلحات ذاتها منذ 8 سنوات في الـ 3 دورات العدوانية السابقة يتم تكرارها من الطرفين، وأنهما غير معنيين بالتصعيد وفجأة تتدحرج الأمور لعدوان وتدمير بيوت وتهجير ونزوح وشهداء وجرحى ومعاقين وتدهور أكثر خطورة من السابق في الأوضاع الإنسانية وكارثية المشهد وعبثية الحياة وفقدانها لقيمتها بلمح البصر، من دون أي مقابل سياسي أو حتى إقتصادي برفع الحصار مثلاً.
إسرائيل تبذل جهود كبيرة في القضاء على خطر الأنفاق وتعمل من خلال مصالحها الأمنية الإستراتيجية وهي تؤجل المواجهة للإنتهاء من مهمة القضاء على الأنفاق أو الحد من خطورتها، وهي مستعدة لعدوان حسب توقيتها ومصالحها ولا يمنع ذلك من تهدئة طويلة الأمد، لكنها غير مستعدة لرفع الحصار حتى مع تحذيرات أجهزتها الأمنية بخطورة الأوضاع وكارثيتها بعد عدوان مدمر وعشرات الألاف من الفلسطينيين بدون منازل والإعمار يسير ببطء وإنتظار عدوان جديد، وهي تقوم بخطوات أحادية لتحسين شروط الحياة حسب مصالحها.
المقاومة حق للفلسطينيين وحركة حماس تقول أنها غير معنية بالتصعيد وهي فقط تمنع الإحتلال من توغلاتها وعدوانه على القطاع، وتحاول تأجيل المواجهة مع إدراكها لخطورة الأوضاع الكارثية وغياب موازين القوى وإنشغال العرب والعجم بقضايا أكثر إلحاحاً لهم من قطاع غزة، ولا أحد يستطيع التبوء بموعد العدوان القادم.