نشر بتاريخ: 12/05/2016 ( آخر تحديث: 12/05/2016 الساعة: 09:52 )
الكاتب: عقل أبو قرع
تحل الذكرى ال 68 لنكبة ألفلسطينيين أو لتهجيرهم أو لأقتلاعهم من أراضيهم، وبالتالي حملهم لصفة اللاجئين، وانشاء المخيمات، وما بات يعرف فيما بعد ب "حق العودة"، او قضية أو موضوع اللاجئين، تحل هذه الذكرى وألوضع على ما هو علية، أي لم يعد اللاجئين إلى أماكنهم بعد، ولم يتم تعويضهم، ولم يتم كذلك توطينهم في البلدان التي يتواجدون فيها وبالتالي نسيان قضيتهم، وما زال موضوع اللاجئين والمخيمات والشتات يراوح مكانة، وما زلنا نسمع أن موضوع اللاجئين هو أحد ألمواضيع ألتي من ألمفترض نقاشها خلال مفاوضات ألحل ألنهائي، والتي لا يعرف متى تبدأ، وأن بدأت، متى تنتهي؟
ومع تذكر قضية اللاجئين الفلسطينيين، يمتلئ العالم هذه الايام بملايين اللاجئين، من أنحاء كثيرة، وبالأخص اللاجئين ألعرب، وبألتحديد أللاجئين ألسوريين، والتي وبدون شك تعتبر من اضخم المأسي الانسانية في العصر الحديث، وربما تبدو مأساة اللاجئين الفلسطينيين بالمقارنة معها مأساة صغيرة، حيث هناك الملايين من اللاجئين السوريين الذين يهربون من الجحيم في بلادهم، الى كل الاتجاهات في هذا العالم، ومنهم النساء والاطفال والعائلات بأكملها، والمحزن بشدة هنا، ان هؤلاء اللاجئيين يهربون او يتم تشريدهم من خلال أبناء جلدتهم، اي ان أبناء الشعب الواحد هم من يقوم بذلك، وليس ألغرباء ألذين قدموا لكي يحتلوا بلادهم ويحلون مكانهم؟
وفي خضم مأساة ملايين اللاجئين ألسوريين، والتي تعتبر عارا وفشلا كبير للمنظومة الدولية، سواء على المستوى الرسمي او غير الرسمي، وسواء على مستوى العمل الاهلي او المنظمات الدولية، تحل ذكرى ألنكبة، وما زالت أحتمالات ألتهجير للفلسطينيين واردة، وتأتي هذه الذكرى، وحتى ان الذين تم تهجيرهم في الاصل، من ديارهم قد تم تهجيرهم من أماكن لجؤهم المؤقتة الى اماكن شتات اخرى، بعيدة وقريبة،، كما حدث في مخيم اليرموك وفي اماكن اخرى في سوريا، وقبل ذلك في لبنان، وفي ألعراق، وحتى وانة وفي ظل انسداد الافق السياسي وموازين القوى الحالية والتشدد والاستيطان وغياب أي رادع قوي، فأن أحتمال تهجير الفلسطينيين ومن داخل بلادهم مرة أخرى، يبقى احتمالا واردا؟
حيث هناك خوف حقيقي من المستقبل، ومن ماذا سوف يحدث خلال السنوات القليلة القادمة، او حتى خلال اقل من ذلك، ومن ضمن هذه الهواجس او التخوفات، هو احتمال التهجير ألقسري، مرة اخرى من بعض مناطق أو من جميعها، وربما يكون هذا ألتهجير، من ألضفة او من بعض أجزاءها والتي أصبحت تعرف بمناطق ج، او من ألقدس او من محيطها، او حتى من المناطق، او التكتلات التي بقيت في فلسطين التاريخية، اي من المناطق التي تعرف بمناطق الخط الاخضر؟
ومع بقاء وتواصل عمل حكومة اسرائيلية يمينية دينية، وذات سياسة واضحة، وبالاخص فيما يتعلق بالاستيطان والضم ومفاهيم أرض أسرائيل ألكبرى، ومع التدهور والحروب وحتى تداعي وتلاشي دول، وتعمق صراعات على الوجود في المنطقة، ومع رأي عالمي واهتمامات واولويات دولية، تتباعد عنا وعن قضيتنا، تأتي الذكرى ال 68 للنكبة او للتشتت الفلسطيني، والافاق قاتمة، وهناك خوف حقيقي من ماذا سوف يحدث في ألفترة ألقريبة، ومن ضمن هذه الهواجس او التخوفات، هو احتمال التهجير القسري، مرة أخرى؟
ونحن نعرف كذلك، ان من أدبيات، اومن أطروحات حزب الليكود، الذي يشكل ممثلية واعضاؤة، معظم وزراء الحكومة ألاسرائيلية، هو اطروحة ما يعرف ب " الوطن البديل"، اي الوطن البديل للفلسطينيين، الذي يعيشون حاليا على ما يعرف ب ارض" اسرائيل الكبرى او التاريخية"، وان هذا الوطن، هو في مكان اخر في هذا العالم الواسع او في المنطقة، او العالم العربي الكبير والواسع، ولا يخفى على الكثير، ان الطرح الليكودي، وكذلك تصور غيرة من الاحزاب الاخرى، التي تدور في فلكة، للوطن البديل، هو ألدفع نحو أقامة هذا الوطن البديل، ورغم المناورات السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها قادة هذا الطرح، هنا او هناك، الا ان هذه الطرح وما يرافقة من اجراءات، وربما من ضمنها التهجير، ما زال قائما، ومتداولا، وعلى الاقل على المستوى النظري، أو على مستوى النقاش الدائر، حول أفضل السبل للوصول، او للحصول على كل ارض اسرائيل التاريخية؟
وتحل ذكرى ألنكبة ال 68، وما زال هاجس تهجير أو طرد أو تغيير ديمغرافي وارد، وبغض النظر عن الطريقة التي من الممكن ان يتم بها، أو عن الكمية او المساحة، التي من الممكن التخلص منها، وسواء اكان ذلك من القدس وما حواليها، او من مناطق ج، او مناطق ب، او حتى من مناطق ا، ورغم ان الكثير لا يتصور أمكانية حدوث ذلك، الا اننا يجب ان لا ننسى شبح التهجير الذي يتم في المنطقة، ومن كل الانواع، وبالاخص شبح تهجير او لجؤ او تشتييت اكثر من نصف ألشعب ألسوري، سواء في ألداخل أو في ألخارج، اي اكثر من 10 ملايين سوري، وبدون ان يقوم العالم بأي شئ لايقاف ذلك؟
حيث نرى أنشغال العالم وتناسية وعدم مبالاتة بأحداث مأساوية، تضاهي مشاكلنا، او ربما تعتبر اكثر مأساوية من النكبة الفلسطينية، حدثت وتحدث في المنطقة، ونحن نرى كذلك وجود حكومة اسرائيلية تضم أحزابا مختلفة، ولا تحوي اي صوت يؤمن بوجود للفلسطينيين على هذه الارض، او بطرح ما يعرف حل الدولتين، او بحق الدولة لهم، مهما كان نوعها، ونحن نرى كذلك الضعف العربي من حولنا والذي يزداد ضعفا مع الايام ومع الاشهر، ونرى هذا العالم، يزداد انشغالا بأولوياته واحداثة وصراعاتة، وفي ظل كل ذلك، فأنة من المفترض علينا ان نأخذ هذا السيناريو، اي سيناريو التهجير او تفريغ الارض ممن عليها، وربما من خلال اشكال مختلفة، ان نأخذة بجدية، وان نضع كل الاحتمالات، وبالتالي نملك الخطط من اجل التعامل مع مثل هكذا حدث، وكلنا امل وتوقع، أننا قد تعلمنا من النكبة الاولى ومن التهجير الاول ومن المأساة الكبرى التي حدثت قبل 68 عاما؟