الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ممنوع التسخين وممنوع التبريد ...

نشر بتاريخ: 12/05/2016 ( آخر تحديث: 12/05/2016 الساعة: 13:42 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

بعد رفض نتانياهو للمبادرة الفرنسية . لم تقف القصة عند هذا الحد . وانما يعتبر كثيرون في العالم ان رفض نتانياهو لمؤتمر فرنسا الدولي يحاكي رفض سلفه اسحق شامير في بداية التسعينيات لمؤتمر مدريد ، وبالتالي فان مزيدا من الضغط على تل ابيب سرعان ما سيخلق قبولا فاترا او قبولا متحفظا ولكنه يكفي للقيام بهذه الخطوة دوليا ما سيبرر للفلسطينيين " الصمود " في الوضع الحالي ، ويبرر للاسرائيليين المضي قدما في حالة " ما بعد الصهيونية " القائمة لديهم .

ويبدو ان جميع الاطراف قبلت بالوضع الراهن الجديد ، الفلسطينيون لن يعلنوا وقف الانتفاضة ولكنهم لن يصعّدوها أكثر ، الاسرائيليون لن ينسحبوا من الاراضي المحتلة لكنهم لن يضمّوها ، العالم لن يتراجع عن تأييد حل الدولتين لكنه لن يفرضها ، والعواصم العربية لن تتخلى عن فلسطين لكنها لن تحرك جيوشا لتحريرها . وأمريكا لن تتنازل عن " رعاية " عملية السلام لكنها لن تحقق أي سلام . وسكان الخط الاخضر لن يتنازلوا عن هويتهم القومية لكنهم لن يغادروا الكنيست .

وفي الاشهر القادمة سنسمع كثيرا عن مصطلح " اعادة تحديد العلاقة مع اسرائيل " ، ويقول الظرفاء على مواقع التواصل الاجتماعي انها ( اعادة تجديد العلاقة مع اسرائيل ) . وهو امر مشاكس ويمكن ان يفهم على طريقتين . وستواصل اسرائيل اقناع نفسها انها بقوة الجيش ومخابرات الشاباك منعت العمليات واوقفت الانتفاضة ، وستواصل اجهزة الامن الفلسطينية القول انها هي الامر الناهي وصابة الكلمة الاخيرة في ما يحدث في الاراضي الفلسطينية ، وسيتقدم التنظيم قليلا ، ويتقدم اليسار أكثر ، وتنهض حركة اليسار في اسرائيل لتشكل رأس حربة تنخز جوانب الحكومة الاسرائيلية بشكل مقلق , وسيحتار العرب في أمر التطبيع مع اسرائيل ، ويشددون كثيرا على محاربة التطبيع الاعلامي ويكثفون استثمارهم في التطبيع الامني والعسكري والسياسي .

غزة محاصرة حتى تقرر تركيا وسلطان الباب العالي أكبر صفقة اقلليم منذ سايكس بيكو  ، وايران ستبذل الغالي والنفيس للاستثمار في منظمة الجهاد الاسلامي بعد شعورها بالخذلان من موقف حماس في ملف اليمن لصالح السعودية ما يجعل حماس في بحبوحة سياسية من جهة ولكن في ضغط جماهيري ونفسي كبير . وفتح ستنشغل أكثر في امر ذاتها واعادة تشكيل الهيئات القيادية في المنظمة وتدافع اجيال القيادة نحو قمة القرار . فيما سيعيش المواطن حتى نهاية العام على أكياس جلوكوز المعونات والتشغيل الطارئ والتوظيف المرتجف ما سيضعف الحكومات ويقوي القطاع الخاص بطريقة غير مسبوقة ، وسترتفع نسبة تحكم القطاع الخاص في السوق الفلسطيني من 14% الى مستوى شريك حقيقي .
البنوك مطالبة بمشاريع استثمار حقيقية في الارض المحتلة ، والا فانها ستفقد سيطرتها وتدخل شركات مصرفية اخرى لمنافستها وطرحها أرضا ، والحكومة مطالبة بمناطق صناعية والا فانها ستنزف تهربا ضريبيا غير مسبوق .
وحتى انعقاد مؤتمر باريس ( لا يعوّل عليه اي اّمال من دون موافقة وتشجيع اسرائيل ) سيصل المواطن الى حد الهاوية . لكنه لن يسقط .