نشر بتاريخ: 24/05/2016 ( آخر تحديث: 24/05/2016 الساعة: 16:20 )
الكاتب: شفيق التلولي
جرّب أن تفتش عن عطرها في فصل الفراق؛ لعلك تشهق آخر رشة من بارفانها الفرنسي المفضل.
قلّب خزانتك؛ ربما تعثر على أحمر شفاه علق في ربطتك القرمزية ذات عناق،
أو طلاء أظافر أنشبتها في قميصك الليلكي..
أو لعلك تجد قطعة كاكاكو جلبتها لها من مطار أسباني؛
ساحت في جيب جاكيتك الجوخ الرمادية بعد أن فاتتك طائرة ضلت خطوط الطول والعرض في رحلة عشق سرمدي.
ابحث في أشيائك.. عن ضفيرة من ضفائر شعرها كانت قد أهدته إليك،
عن منديل مسحت به دموعها يوم الوداع،
يوم تساقطت أوراق الشجر على طاولة اللقاء الأخير.
أتدري أنها تفعل الآن ما لم يخطر ببال؛
تحتفظ بخاتمك الأُموي آخر ما أهديت،
تحفظ أنفاسك كما تحفظ كل هداياك
تقرأ رسائلك المؤرشفة في ذاكرتها الخضراء التي لم تصب بالزهايمر المبكر في زمن الهذيان.
في كل ليلة رأس سنة تقفز إلى نافذتها؛ يخال لها بأنها سمعت زامور سيارتك اليابانية،
تتسمر خلف النافذة تنتظر دورتك الليلية حول شازروانها الحريري؛
تعود إلى سريرها خائبة، تشتم بقاياك،
تلثم عرقك المجفف في رسائلك الورقية،
و و و و..
قُم إلى مكتبتك وافتح ألبوم الصور، تذكر دموعك التي بللتها، ورسائلها القديمة التي تفشى حبرها من قبلاتك الحالمة.
أعدها إلى بطولة أشرطتك الغنائية،
إلى عناوين قصائدك القمرية، إلى بحرك اللجي.
إلى حديثك الهاتفي عن فيلم التايتنك من على صخرة تتلاطمها الأمواج الكلثومية؛
هي تشتهي سماع نشرة أخبارك الغرامية، وما يفصلها من أشعارك الرومانسية،
تتوق لفيروزيات مذياعك الصباحية؛ تتسلل إليها من ثقوب سماعة هاتفها على إيقاع شهقات شجونك وشبق جنونك..
في مطلع عقدها الرابع حلمت بعودتك كفارس أنهكته الغزوات والحروب وما أعملت به ضروب الدروب،
وحين تحققت نبوءتها؛ لم تستطع امتطاء لظى صهوة الأدهم؛ عاد إلى غربة الروح يشق البراري جامحاًً، وعادت تتقلب على جمر مخدعها الموحش..
عُد إلى نصف الروح ورفيقة السهر..
ها قد انتصف العمر؛ فلا يخدعنّك ربيع النسيان في فصل خريف الطوفان.
جرّب دق جدار النسيان، والذكرى أكبر برهان.
____________
تخاريف النسيان
أيار غزة 2016